الإرهـــــاب وخطــــورته على الفرد والمجتمع

■ نشات الجوهري –
أولاٍ: بيان معنى كلمة الإرهاب في اللغة الإرهاب مأخوذ من مادة رهب وهذه الكلمة تدل على الخوف ومنها قوله تعالى (تْرúهبْونِ به عِدúوِ الله وِعِدْوِكْمú) سورة الانفال, فمعناه تخيفون به عدو الله وعدوكم.
معنى الكلمة في الاصطلاح: هو بث الرعب الذي يثير الرعب في الجسم والعقل وهي طريقة تحاول فيها جماعة منظمة أو حزب أن يحقق أهدافه عن طريق استخدام العنف.
أنواع الإرهاب
ذكر صاحب نظرة النعيم في حديثه عن الإرهاب أن الإرهاب نوعان محمود ومذموم أما المحمود فهو ما استعمل في تخويف الفسقة والعصاة والمجرمين والكفرة والمشركين لصدهم وردعهم عما هم عليه وكف أذاهم عن الناس.. وأما المذموم فهو ما استعمله المجرمون والمعتدون في ترويع الآمنين وإزهاق أرواح الغافلين من المسلمين ودب الرعب والخوف والفزع في قلوبهم في سبيل الحصول على حطام الدنيا حقدا دفينا على أهل الإسلام.
وهذا النوع الثاني من الإرهاب المذموم هو المقصود وذلك لأن هذا المعنى وأكثر منه هو ما يقع من النفس عند سماع هذه الكلمة وما يترتب على سماعها من آثار مريرة تقع في النفس نظرا لما يراه الناس ويسمعونه فمجرد سماع هذه الكلمة أول ما يذهب إليه العقل هو سفك الدماء راسمة تفجيرات وقطع للطرقات وكل ما يجول في العقل ومنها مذموم ومرفوض شرعا وعرفا يرفضه أصحاب الفطر المستقيمة والعقول التقية وأصحاب الأفهام السليمة.
ثانيا: حديث القرآن الكريم عن الإرهاب
ذكر القرآن الكريم كلمة الإرهاب بصيغ مختلفة فكان أول ذكر لها في سورة الأعراف في قصة موسى عليه السلام مع فرعون (7قِالِ أِلúقْوúاú فِلِمِا أِلúقِوúاú سِحِرْواú أِعúيْنِ النِاس وِاسúتِرúهِبْوهْمú).. ثم ذكر بعد ذلك في سورة الانفال من قوله تعالى وهو يأمر المسلمين بالأخذ بالأسباب وإعداداٍ للقوة التي تبث الرعب في قلوب الأعداء حيث أمر الله عز وجل بهذا في قوله تعالى (وِأِعدْواú لِهْم مِا اسúتِطِعúتْم من قْوِةُ وِمن ربِاط الúخِيúل تْرúهبْونِ به عِدúوِ الله وِعِدْوِكْمú) وقوله ترهبون مأخوذ من الرهبة وهو بث الرعب والخوف في قلوب الأعداء.
ووردت الكلمة أيضا في سورة الحشر في قوله تعالى (لِأِنتْمú أِشِدْ رِهúبِةٍ في صْدْورهم منِ اللِه) أي انتم أيها المؤمنون أشد خوفا في نفوس هؤلاء المنافقين واليهود ففي جميع المواضع التي ذكرت فيها هذه الكلمة نجد أن معناها الخوف والفزع ولكن من المسلمين لغيرهم.
ولكن لما تحول معنى الكلمة وصار معناها الآن تهديد الآمنين وترويعهم كان حتما علينا أن نجول في بستان السنة النبوية المطهرة على صاحبها الصلاة والسلام لنعرف كيف نحكم على هؤلاء.
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار.
وروى أبوهريرة أيضا قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه أو لأمه رواه مسلم.. ففي كلامه صلى الله عليه وسلم تصريح واضح وبين إلى تأكيد حرمة المسلم وفيه النهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما يؤذيه فما بالنا حينما يزداد الأمر على هذا لنرى شرذمة قليلة تعكر صفو هذا المجتمع فنجد منهم من يستحل دم أخيه المسلم أو ماله أو…أو…..
وانظر وتأمل قوله عز وجل (مِن قِتِلِ نِفúسٍا بغِيúر نِفúسُ أِوú فِسِادُ في الأِرúض فِكِأِنِمِا قِتِلِ النِاسِ جِميعٍا) وإذا بالآيات بعد تبين حكم هؤلاء الذين سعوا في الأرض فسادا قال الله عز وجل (إنِمِا جِزِاء الِذينِ يْحِاربْونِ اللهِ وِرِسْولِهْ وِيِسúعِوúنِ في الأِرúض فِسِادٍا أِن يْقِتِلْواú أِوú يْصِلِبْواú أِوú تْقِطِعِ أِيúديهمú وِأِرúجْلْهْم منú خلافُ أِوú يْنفِوúاú منِ الأِرúض ذِلكِ لِهْمú خزúيَ في الدْنúيِا وِلِهْمú في الآخرِة عِذِابَ عِظيمَ).
ثالثا: خطورة الإرهاب ومضاره.. إنه لا يخفى على عاقل هذه الخطورة وهذه الآثار السلبية التي تعود على الأفراد والمجتمعات من هذه المخاطر والآثار.
أولاٍ. سلب أعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على عباده وهي نعمة الأمن.
ثانياٍ. عرقلة المسيرة الاقتصادية وعدم النهوض الاقتصادي إن لم يكن هو سبب رئيسي في هدم الكيان الاقتصادي للمجتمعات.
ثالثا. بث الرعب في قلوب الناس وترويعهم يؤخر قضاء حوائجهم هذا إن قضيت تحت هذه الظروف¿
رابعاٍ. الإرهاب مجلبة لسخط الله عز وجل وعذابه وتعرض صاحبه للعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.
خامساٍ. يترتب عليه مفاسد اجتماعية جمة كارتفاع الأسعار ونزع الثقة والرحمة بين الناس وعدم مساعدة الأغنياء للضعفاء.
سادسا. يؤدي إلى تشتيت جهود الأمة في مواجهة أصحابه الذين يرهبون الناس ويتأخر المجتمع عن ركب الحضارة والرقي والتقدم.. والله أعلم

– عضو بعثة الأزهر الشريف باليمن

قد يعجبك ايضا