
في شمال شرق ذمار مقابل لكراع حرة كومان في مديرية الحداء وعزلة ثوبان جوار قرية النصلة وعلى مسافة ( 54 كم ) من مدينة ذمار تقع مدينة بينون الأثرية والتي ذكرها ” الهمداني ” في كتابه الموسوعي ” الإكليل ” بأنها هجرة عظيمة وكثيرة العجائب وفيها قصر الصبايا وإن الملك الحميري أبو كرب أسعد الكامل كان يتخذها واحدة من قواعد حكمه .
ويعد حصن بينون من حصون حمير الشهيرة في أعلى جبل مستطيل وفيه طريق منقورة في وسطه قد تهدمت كما أن الجبل متوسط بين جبلين تفرق بين كل أرض فيها مزارع وكان في سفح الجبل الشمالي عين تسمى غيل ” نمارة ” تسقي الأرض التي بينه وبين بينون وفي الجبل الجنوبي طريق منقورة في بطنه على طول” مائتي ذراع” تقريبا يمر منها الجمل بحمله وهي باقية إلى الآن وفوق باب الطريق من الجانبين كتابة بالمسند الحميري ومن هذا الطريق ساقية قديمة قد تهدمت كانت تصل غيل هجرة إسبيل بالأرض الواقعة بين الحصن والجبل اليماني أي الجنوبي لتسقي هذه الأرض من غيل الهجرة كما تتألف مدينتها القديمة من واديين يتوسطهما جبل منفرج في وسطه وأبرز قمم هذا الجبل “النصلة” ولشهرة بينون ومبانيها فقد أتى ذكرها كثيرا في أخبار حمير وأشعارهم.
أما بالنسبة لأهم معالم بينون فهي تتمثل في آثارها العجيبة مثل :بقايا القصر وقد كان يمثل أروع مبنى في المدينة ويقع في قمته حصن منيع يحيط به أكثر من سور وتدل آثار القصر على أنه كان مشيدا بحجارة مستطيلة مهندمة ومتعددة الأنواع والألوان بالإضافة إلى النفقان : وهو أعظم عمل هندسي في مجال الري والزراعة نفذا في نحت صخور جبلين نحتا في أصولهما والغرض من النفقين إحكام مجرى تحويل السيول من واد إلى آخر ونفق جبل بينون مسدود بسبب انهيار مدخله أما نفق النقوب فما زال على أوثق حال ويبلغ طوله (150 مترا) وعرضه ( 3 أمتار ) وارتفاعه ( 4.5 متر ( وفي داخل النفق فتحات جانبية يعتقد أنها عملت لتثبت فيها ألواح أو أحجار لتنظيم سرعة تدفق السيول وتخفيف اندفاع المياه قبل أن تخرج من النفق إلى ساقية الوادي .
ومن معالمها أيضا – الكتابات التي توجد فيه نقوش مكتوبة بخط المسند – بخط غائر – في أعلى مدخل هذا النفق حيث تتضمن أن النفق شق ليسقي وادي نمارة وفي مدخله يوجد نقشان آخران أحدهما مطموس أما الثاني فيمكن قراءة معظمه ويدل محتواه على أنه دون نذر من أحدهم واسمه” لحيعثت بن زعيم ” إلى معبودة (عثتر ( بمناسبة افتتاح النفق إلا أن أهم النقوش التي عثر عليها في بينون تذكر اسم ” شمر يهرعش” (ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنات) وقد جاء في النقش ذكر سنة البناء بالتقويم الحميري المعروف وهي ( 420 ) وتوافق هذه السنة بالتقويم الميلادي حوالي ( 305 ميلادية ) ويرجح الدارسون أن نهاية المدينة كانت في حوالي عام ( 525 ميلادية ) عندما دخل الأحباش اليمن وأنهوا دولة حمير ولكن تظل بينون بقصرها وأنفاقها شواهـد باقية على روعة إنجاز الإنسان اليمني وعلى هندسته البديعة في إنشاء منشآته الشامخة التي تواكب التطورات الحضارية الراقية .