الشهيد / الفريق / الحبيب / هاشم الغماري سيظل قنديلا متوهجا في مسيرتنا الجهادية الكفاحية اليمنية
أ. د / عبدالعزيز صالح بن حبتور*
ودعت الجمهورية اليمنية، ومن عاصمتها الثائرة صنعاء من أقصاها إلى أقصاها شهيد الأمة اليمنية والمقاومة العربية والإسلامية الثائر المجاهد/ محمد عبد الكريم الغماري في موكب جنائزي مهيب، ومن قلب اليمن النابض من العاصمة التاريخية لليمن صنعاء التي توافد إليها المشيعون المحبون المخلصون للشهيد الغماري رحمه الله، وأسكنه فسيح الجنة.
بسم الله الرحمن الرحيم [ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون] صدق الله العظيم.
هكذا هم العظماء الأبطال، الشهداء منا يمضون فرحين مستبشرين رافعي الهمم بهذا اليوم المبارك، يوم الاستشهاد في سبيل الله عز وجل، يتقاطرون بثقة عالية بالنفس، والروح نحو الاستبسال، والاستشهاد بعزيمة فولاذية لا تنحني، ولا تلين مقدمين أرواحهم الطاهرة شهداء عظماء على طريق تحرير القدس الشريف، وفي محراب تحرير أرض فلسطين الطاهرة المحتلة من النهر إلى البحر.
ففي يوم الإثنين 20/ أكتوبر/2025م، زحفت الجماهير اليمنية من مدن وقرى وضواحي اليمن العظيم الحر ، زحفوا، وتدفقوا بمئات الآلاف كالطوفان البشري الهادر لتوديع هذا الحبيب الشهيد الغالي على قلوب، وأفئدة الملايين من أبناء شعبنا اليمني المجاهد العظيم ، ودعوه بالشعارات الحماسية المقاومة ، ودعوه بالآهات والدموع والصبر الحديدي؛ لمعرفتهم بأن خروج أي شهيد في مسيرة المقاومة الجهادية يخلفه آلاف من المقاتلين وآلاف من المجاهدين الأشداء بروحية جهادية عالية، وتحت راية القرآن الكريم، وبتوجيهات قائد الثورة الحبيب/ عبدالملك بن بدر الدين الحوثي «يحفظه الله ويرعاه».
خروج الجماهير بتلك الكتل البشرية العظيمة إنما هو تعبير عن وفاء، وحب وتقدير واحترام للدور العظيم الذي أنجزه الشهيد في مسيرته الكفاحية في المجالات العسكرية التكتيكية والاستراتيجية، وفي المجالات القيادية في التصنيع الحربي الذي أولاه جل اهتمامه، وطاقاته، وفكره العسكري حتى أنجز لليمن ولهذه الأمة اليمنية المباركة درعها الواقي الذي سيصد أطماع الأعداء المحيطين بنا والبعيدين عنا من شراذم قطعان الصهاينة الإسرائيليين وهم الأعداء التاريخيون للأمة الإسلامية والعربية جمعاء. هذا الشهيد ومنذ أن وجه قائد الثورة بأن يشغل هذا الموقع العسكري الحساس وأنيطت به أعظم المهام العسكرية الاستراتيجية مع زملائه المقربين، استطاع أن يثبت بجدارة وكفاءة عالية أنه في مستوى هذه المسؤولية العسكرية الحساسة والاستراتيجية، وأنجز مهام كانت في الحسابات العسكرية بأنها من المعجزات الخارقة التي مرت علينا في هذه الحياة، من يتصور حتى من كبار العسكريين الأجانب الأصدقاء منهم والأعداء بأن جيشنا اليمني البطل بقيادته ورفاقه وقيادة الأخ الزميل اللواء / محمد ناصر العاطفي وزير الدفاع، بأن يتحول هذا الجيش الفتي الذي تعرض لشتى أنواع مؤامرات التدمير والهيكلة والتقزيم إلى حد إلغاء دور هذه المؤسسة العسكرية الوطنية العملاقة، من يتخيل حتى مجرد التخيل بأن يصبح لدى جيش الجمهورية اليمنية ومن صنعاء تحديدا هذه الجرأة والشجاعة والإقدام بأن يغلق البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب وخليج عدن، يغلق كل هذه المساحات الجغرافية المائية اليمنية في وجه أعداء الأمة العربية والإسلامية وهو كيان العدو الإسرائيليّ الصهيوني. من يتخيل حتى مجرد التخيل من الحالمين من مفكري العالم، ومن جهابذة الفكر الاستراتيجي العسكري الدولي بأن يتصدى الجيش اليمني لخمس من حاملات الطائرات الأمريكية الحربية ومعها عدد كبير من الطوربيدات البحرية البريطانية وهزمتها هزيمة عسكرية بينة واضحة جلية،
ولولا تدخل أشقائنا من سلطنة عمان بالوساطة كانت النتيجة مدوية ضد القطع العسكرية الأمريكية، لأن ما حدث بين الجيش اليمني البطل وبين جحافل حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية شيء لم يحدث قط منذ زمن الحرب العالمية الثانية، من يتجرأ؟ أن يرفع حجرا لمجرد حجر في أي مكان من موانئ العالم أو ممراته بأن يرمي مجرد حجر أو طلقة رصاص على سفن أميركا التي تمخر عباب المحيطات والبحار الدافئة والباردة من حول العالم، الشهيد ورفاقه وبتوجيه مباشر من قائد الثورة استطاعوا أن يغرقوا عددا من فخر الصناعات الأمريكية من الطائرات نوع F/A 18، كي يلتهمهما، أعماق وأمواج البحر الأحمر بهدوء تام وبأريحية تامة، هنا نقول للعالم كل العالم بأن الشهيد كان معجزة استثنائية خارقة من معجزات الله عز وجل الاستثنائية.
أما لو قرأنا بهدوء تام كيف وصلت الصواريخ اليمنية الفرط صوتية والطائرات المسيرة إلى قلب الكيان الإسرائيلي، وتحديدا إلى مطار اللد ومدن حيفا ويافا وأسدود وأم الرشراش وغيرها من المواقع العسكرية الإسرائيلية، فهذه معجزة أخرى، وتعد مفخرة للشعب اليمني وجيشه اليمني البطل ومن عاصمتها التاريخية صنعاء، إنها معجزات لا حصر ولا عد لها.
وحينما نقرن الشهيد / محمد بن عبد الكريم الغماري بالمعجزات التي تحققت في الجانب العسكري، إنما ننسب الفضل لأهله ولمن تابع وأنجز المقدمات الموضوعية للوصول بالقوات المسلحة إلى هذا المستوى الرفيع من الأداء وإلى مثل هذه الإنجازات العسكرية التي ارتقت إلى مصاف المعجزات الخارقة، وبتوفيق من الله عز وجل ورضوانه تعالى مع بركة ودعوة الحبيب القائد / عبد الملك أبا جبريل أطال الله في عمره ومتعه الله بالصحة والعافية.
أكرر القول باقتران الإنجازات أي المعجزات التي حققها جيش الجمهورية اليمنية مع شح شديد في الإمكانات، وأتذكر في إحدى جلسات العمل الجادة مع الرئيس الشهيد / صالح بن علي الصماد رحمه الله عليه وأسكنه الجنة، ناقشنا كيف نستطيع في حكومتنا يوم ذاك أن نوفر بعض الإمكانات كي نوجهها للقوات المسلحة ومنها التصنيع العسكري، وبعد نقاش مستفيض اتخذنا جملة من الإجراءات والقرارات الهادفة لدعم هذه المؤسسة العسكرية البطلة ومنها قطاع التصنيع العسكري، فأنا وغيري من القيادات العليا يعرف حجم الضنك وحجم الضيق التي تعاني منه موازنة الدولة في ظل الحصار الجائر التي تمارسه علينا قوى العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني، لكن إرادة الرجال وشدة عزائمهم لا تتوقف عند حد ما، لا بل إنها تبحث عن الحلول في أي اتجاه وبأي طريقة مناسبة، من هنا نقول إن إنجازات شهيدنا العزيز الحبيب الغالي الغماري وصلت حد المعجزة الخارقة، هو وزملاؤه المحيطون به. أتذكر بأننا التقينا معا مرارا بحكم طبيعة العمل مع أخينا الشهيد الغماري وبحضور طيب الذكر الأخ العزيز / اللواء / يوسف بن حسن المداني رئيس هيئة الأركان العامة الجديد حفظه الله ورعاه، التقينا وتحدثنا طويلا عن الكثير من التحديات التي لازالت ماثلة أمام القيادة السياسية والعسكرية، ووجدتهما قائدين شابين ذكيين مخضرمين صقلتهما المعارك والتجارب العسكرية العنيفة، وأنهما كالحصن المنيع والدرع الذهني الواقي الذي يحمي مؤسستنا العسكرية اليمنية بكل اقتدار في جميع الجبهات القتالية، وفي إحدى الزيارات الودية.
بيني وبينهما أهدياني هدية ثمينة، وهي قطعة سلاح كلاشنكوف (إيكي) من تصنيع مصنع الجيش اليمنيّ، وهي هدية رمزية اعتز بها وأفتخر كثيرا، وحتى آخر العمر.
«وفوق كل ذي علم عليم”
#عضو المجلس السياسيّ الأعلى
