فجّر سلاح المقاومة الفلسطينية الدبابة الإسرائيلية بالقرب من رفح، وقد أسفر التفجير عن مقتل 2 من الجنود الإسرائيليين، وجرح آخرين!
هذا الحدث الميداني الذي نفت حركة حماس مسؤوليتها عنه، كانت له فوائد كبيرة، فمقتل الجنود الصهاينة الذي استوجب قصف غزة، أوصل رسالته إلى القيادة السياسية الإسرائيلية، بان بقاء الجنود الإسرائيليين داخل أرض غزة غير مقبول، ولا مجال لإنهاء الحرب طالما ظل جندي إسرائيلي واحد تطأ قدمه أرض غزة.
وفي الوقت نفسه، يحرّض تفجير الدبابة الإسرائيلية الوسطاء، وعلى رأسهم أمريكا على سرعة التدخل لإنقاذ اتفاقية وقف إطلاق النار، وذلك بإلزام العدو بتطبيق بنود الاتفاق، بما في ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
إن بقاء الجيش الإسرائيلي داخل حدود غزة يعني المزيد والمزيد من الكمائن، والمزيد من الجنود والضباط الإسرائيليين القتلى والجرحى، وربما في المرة القادمة، يقع الجنود الإسرائيليون في قبضة المقاومة الفلسطينية أسرى!
جهد المقاومة في تحريك بركة المفاوضات الراكدة، لاسيما البند المتعلق بفتح المعابر، وإدخال المواد الغذائية ومواد الإعمار يتصادم مع المخطط الإسرائيلي الهادف إلى الخروج من حرب الصواريخ والطائرات والمسيّرات، والبدء بحرب قتل الفلسطينيين في قطاع غزة بكاتم الصوت، وذبحهم بصمت، وتركهم معلقين على مشنقة الانتظار دون إعمار.
تلك سياسة عدونا الإسرائيلي ضد أهل غزة في المرحلة القادمة.
القتل بكاتم الصوت، الذبح الصامت تحت ظلمة الحصار، وعدم الإعمار، وطول الانتظار.
وما أشقى غزة على موائد النهش والنهب والانتظار، لذلك فإن عملاً مقاوماً كالذي حدث في رفح، وأرسل رسائله إلى كلٍّ من العدو والوسيط، شكل جرس إنذار، بأن غزة لن تحشر مستقبلها في قفص الانتظار، ولاسيما أن نتائج الحرب على غزة حتى اللحظة لا تصب في صالح العدو، ولا يصب استئناف العدوان على غزة في صالح العدو، وذلك رغم التهديدات الكبيرة، فالعدو الإسرائيلي الذي صب حقده وصواريخه فوق رؤوسنا في غزة على مدار سنتين، لن يعود ثانية إلى قصفنا وتدمير ما ظل من بيوتنا كالسابق. العدو الإسرائيلي يقرأ الخارطة السياسية للمنطقة جيداً، والعدو الإسرائيلي يفهم المتغيرات الدولية بشكل يحول بينه والعودة إلى حرب الإبادة الجماعية، بما في ذلك ذبح المدنيين، وتدمير مقدرات بقائنا أحياء على أرض غزة.
من هذا المنطلق، فعلى المقاومة الفلسطينية أن تدرك بأننا دخلنا مرحلة جديدة من الصراع مع العدو الإسرائيلي، مرحلة صراع تخلو من حرب الإبادة المقترن بالقصف والقتل المثير لغضب العالم، إلى حرب الإبادة المقترن بتصفية الوجود الفلسطيني على نار الإهمال، والمماطلة والانتظار المقيت.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني .