قراءة «غزة» للمنطقة والعالم! 

يكتبها اليوم / مطهر الأشموري

 

نحتاج حتى في أكثر المواضيع أهمية وأكثر القضايا حساسية إلى ما يعرف بالتجرد والموضوعية في إطار قراءة أو تحديد مواقف..

ففي قضية العدوان على غزة نجحت السردية الإسرائيلية في تضليل العالم كشعوب بالذات، ولكن تفعيل العدوان لكل إجرام وجرائم وتدمير وإبادة جماعية وما إلى ذلك ساهم في فضح السردية الإسرائيلية وسحب البساط من عاليها وسافلها فتصاعد السخط، بل والرفض العالمي حتى باتت إسرائيل منبوذة عالمياً، والاعتراف المتزايد بالدولة الفلسطينية ـ حتى لو كان شكلياً ـ هو انتصار سياسي كمعطى لطوفان الأقصى ولا غبار على ذلك..

يعنينا ملاحظة، أن هذا العالم المتضامن مع الشعب الفلسطيني وضد الإبادة الجماعية لم يرفض أو يؤيد تبادل الأسرى والأسرى الإسرائيليين..

ولهذا فأساس أو جوهر مقترح «ترامب» هو الأسرى الإسرائيليين وكأن أمريكا الدولة العميقة ومن ثم «ترامب» بحثوا عن ورقه إسرائيلية لا تُرفض ولا تُعارض عالمياً من الشعوب، فلم يجدوا غير الأسرى وربطاً بها تبادل الأسرى..

المشكلة التي صنعها «نتنياهو» عمداً هو الإصرار على اتفاق إفراج وتبادل الأسرى واستئناف الحرب والعدوان بعد ذلك، ولذلك فأمريكا مددت ثم مددت له الوقت لإنجاز المهمة ولكنه فشل..

دعونا من كل بنود المقترح «الترامبي» لنقول، إن قراراً أمريكياً بإنهاء الحرب هو الذي يخرج الأسرى وكل القضايا قابلة للتفاوض وللتأجيل ولكنه لا عودة للحرب..

ولهذا فإنهاء الحرب هو قرار أمريكا الدولة العميقة وترامب بغض النظر عن مواقف إسرائيل وتصريح قادتها وبغض النظر عن تصريحات الفصائل الفلسطينية وكأن كل الأطراف تعرف أن الاتفاق هو ما سينجز في المرحلة الأولى..

فالحرب ذاتها انتهت وقد تمارس أشكال أخرى من الحروب غير ما عرفناه في غزة..

بعد انتهاء المرحلة الأولى، فقد تكون الإدارة الانتقالية وإشكالية ما يعرف باليوم التالي هي الأهم للتفاوض والحلول، فيما مسألة السلاح قد تؤجل أو يتعامل معها بحروب أخرى ربطاً بتشكيل ووضع وتموضع الإدارة الانتقالية..

لا يُراد أن يكون لحماس دوراً ولا يُراد أن تعود إسرائيل لحرب أو حروب بالطريقة التي تابعناها طيلة عامين في غزة، وكأن هذا بات المقاربة الواقعية بين أمريكا والمجتمع الدولي، وعندما يطرح «السيسي» الحاجة إلى إعطاء الاتفاقية شرعية دولية ومن خلال مجلس الأمن فذلك يقدم منظومة المقاربة ومستوى توافق دولي..

هذه قراءة اجتهادية للإلمام وللفهم في ظل ما نعرفه وما نعيه في واقع العالم العربي والإسلامي وحتى الواقع العالمي..

الذي يعنينا هو، أن المقاومة ومحور المقاومة سيظل ويستمر ويتطور، والذين تحدثوا وربما لازالوا يتحدثون عن انهزام أو انتهاء المقاومة ومحور المقاومة مخطئون حتى وإن كان سقف هدفهم هو الحرب الدعائية والنفسية، ولو أنهم يعنيهم الحد الأدنى من احترام الذات ما كانوا ليطرحوا مثل هذه الترهات والبلاهات في ظل هذا الصمود الأسطوري لغزة لعامين، ولكن هؤلاء لم يعد يعنيهم غير أموال وأرصدة وأي مصالح ومن أجلها يعملون كل ما يطلب منهم أسيادهم..

لقد رفضت إيران الدعوة لحضور ما يسمى المؤتمر الدولي في شرم الشيخ..

إذاً غزة صمدت ليس أمام الكيان بل أمام أمريكا وكل أفتك أسلحة الغرب، فماذا تكون الأنظمة التي انهزمت جيوشها في أيام ستة، وهكذا لا يقارن وزن كل هذه الأنظمة بوزن غزة، وبالتالي فمحور المقاومة هو الأقوى وهو المستقبل الحقيقي والعدد في الليمون – كما يقال..

محور المقاومة يعنيه من القائم استقراء القادم على مستوى المنطقة، وربطاً بواقع وصراعات، والأهم مراجعة وتقويم وتصويب أي أخطاء في محطات وأحداث مضت، وعلى محور المقاومة أن لا يتأثر بحملات إعلامية وسياسية عرفت في إطار كل المؤامرات والتآمرات على شعوب المنطقة وحقوقها وقضاياها!!.

 

قد يعجبك ايضا