فلسطيني يبتكر تطبيقاً تعليمياً يفوز بالمركز الأول في مسابقة يونسكو

فاز المدرّس الفلسطيني عز الدين قاسم بالمركز الأول في المسابقة الدولية التعليم في القرن الحادي والعشرين التي تنظّمها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بالتعاون مع جامعة بكين و”نت دراغون”، إحدى كبرى شركات الألعاب وتكنولوجيا التعليم في العالم.

زار قاسم العاصمة الصينية حيث شارك متحدثاً في عدد من اللقاءات مع مدارس وشركات عالمية مهتمة بقطاع التكنولوجيا، ضمن فعاليات “المؤتمر العالمي للتعليم الذكي 2025” الذي انعقد تحت شعار: “التعاون بين الإنسان والآلة: إعادة تشكيل النظام البيئي للتعليم من أجل المستقبل”. الجائزة جاءت تتويجاً لجهود قاسم في ابتكار تطبيق تعليمي ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لخدمة الطلبة الذين يعانون صعوبات في التعلّم، بهدف توفير تعليم شمولي ومرن يواكب احتياجات الطلاب والأساتذة في ظل التحولات الرقمية، وباللغة العربية تحديداً.

يبلغ قاسم من العمر 25 عاماً، ويعمل منذ ثلاث سنوات مدرّساً لمادة التكنولوجيا في مدرسة الهاشمية بمحافظة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة. ورغم فرص العمل التي سنحت له في سوق تكنولوجيا المعلومات بوصفه خرّيجا متميزا في أنظمة المعلومات الحاسوبية وطالب ماجستير في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، فقد اختار سلك التعليم إيماناً منه بأهمية دور المعلّم في التأثير على الأجيال الأصغر سناً. ويقول في حديثه لـ”العربي الجديد”: “لستُ مجرد شخص يردد الشعارات. هدفي الأساسي من دخولي التعليم هو تغيير مفهوم جيل بأكمله. استغرب كثيرون من تحولي من التدريب في الشركات والوزارات إلى التدريس، لكن جوابي كان بسيطاً: الإنسان يذهب حيث يمكنه أن يحدث تغييراً إيجابياً”.

بفضل تجربته الشخصية طالباً ذا إعاقة حركية بسيطة، وخبرته لكونه معلما ملمّا بتحديات الطلاب، ابتكر قاسم تطبيق “التعليم الذكي الشامل”، الذي يجمع بين الألعاب التعليمية التفاعلية وروبوت محادثة (Chatbot) مصمما خصيصاً لدعم المناهج الدراسية. ويستهدف التطبيق بشكل خاص الطلاب ذوي الإعاقة أو صعوبات التعلم، حيث يتيح لهم التعلم عن طريق اللعب. ومن ميزاته التفاعل الصوتي الذي يسهّل عملية الدراسة على الطلبة المكفوفين، ما يجعل التعليم أكثر شمولاً وإتاحة للجميع.

ويرى قاسم أن محدودية استخدام اللغة العربية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي تشكّل عائقاً أمام الطلبة العرب لمواكبة التطور التكنولوجي، ما عزّز إصراره على تطوير تطبيقه بالعربية بشكل كامل. نال هذا التوجّه إشادة من مختصين في قطاع التكنولوجيا التقاهم خلال زيارته إلى بكّين. ويؤكد قاسم: “سوق التكنولوجيا بحاجة ماسّة لتطوير أدواته باللغة العربية، والفرصة واعدة، فعدد الناطقين بالعربية في العالم لا يستهان به”.

كما يشير إلى خصوصية واقع التعليم في فلسطين، حيث تضطر المدارس أحياناً إلى اعتماد التعليم عن بعد بسبب الحواجز الإسرائيلية والظروف الاقتصادية الصعبة. ويضيف: “لا يخفى على أحد حجم المشتتات التي تحيط بجيل اليوم. علينا أن نوفّر لهم ما يساعدهم على مواكبة التطور التكنولوجي وتحديات واقعهم في فلسطين”.

وفي ما يخص دور المعلمين، يوضح قاسم أن التكنولوجيا لا تُلغي دورهم بل تدعمه، وتختصر وقتهم وجهدهم. ويطمح من خلال تطبيقه إلى سد الفجوة العمرية والمعرفية التكنولوجية بين الطالب والمعلم، وجعل العملية التعليمية أكثر متعة وتفاعلية. ورغم المخاوف من الاستخدامات غير الأخلاقية للذكاء الاصطناعي في التعليم مثل الغش أو السرقة الأدبية، فإنه يؤمن بأن الحل يكمن في بناء الثقة مع الطلبة وتعزيز مهاراتهم النقدية وأخلاقياتهم العلمية. ويختم قاسم بالتعبير عن طموحه في إيجاد شراكة فلسطينية أو عربية لتبني مشروعه، مع الحفاظ على روحه المجتمعية والخدماتية، ليصل إلى جميع الطلبة الناطقين بالعربية حول العالم.

قد يعجبك ايضا