الثورة / متابعات
تتعمد قوات الاحتلال شن هجمات ليلية متكررة في محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، مستخدمة الأحزمة النارية وتفجير العربات المفخخة، ما يزرع الموت في محيط المستشفى، والرعب والهلع بين المرضى ومرافقيهم. وتتزامن تلك التفجيرات مع اقتراب الآليات العسكرية من الجهة الشمالية والشرقية للمجمع، حيث اضطر الكثير من المواطنين إلى الفرار رغم حاجتهم الماسة للعلاج.
هذه الهجمات جعلت الوصول إلى المجمع محفوفًا بالمخاطر، وأدت إلى توقف كثير من التدخلات الطبية بسبب عجز الطواقم الصحية عن الوصول وقلتهم، كذلك نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث يُجرى الأطباء عمليات جراحية معقدة في ظروف صادمة تفتقر إلى التخدير الكامل.
وتعيد الأهوال التي يعيشها أهالي مدينة إلى الأذهان مشاهد تكررت خلال حصار الاحتلال المستشفيات من رفح جنوباً إلى بيت حانون شمالاً، لتشكل فصولًا متجددة من جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.
مأساة تتكرر
ويقول الطبيب حسن الشاعر، المدير الطبي لمجمع الشفاء الطبي، إن جزءاً من الطواقم الطبية في المجمع يواصلون عملهم رغم الظروف القاسية المصحوبة بالخوف والقلق الشديدين آخذين بعين الاعتبار تجارب سابقة حاصرت فيها قوات الاحتلال المجمع نفسه، ونكلت بالطواقم الطبية قتلاً واعتقالاً.
ويشدد الشاعر في شهادة نقلها المركز الفلسطيني للحقوق الإنسان، على الحاجة العاجلة إلى توفير الأدوية والمستلزمات المنقذة للحياة، لافتاً إلى أن المرضى والمصابين يتشاركون المخاوف من أي تقدم عسكري نحو المجمع، مؤكدًا وجود ما لا يقل عن 100 مريض يتلقون العلاج في ظروف قاسية.
وفي 18 مارس 2024 هاجمت قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبي تحت غطاء ناري كثيف، وأصدرت أوامر تهجير السكان في محيطه، مخلفة مئات الشهداء ودماراً واسعاً في المباني والمعدات الطبية بعد أسبوعين من اقتحام للمجمع وحصاره.
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها الواسع على مدينة غزة وتستهدف ما تبقى من منشآتها المدنية بما في ذلك المستشفيات والمراكز الصحية، وذلك في تحدٍ صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني.
ووفق معطيات نشرتها وزارة الصحة، أخرجت هجمات الاحتلال المنهجية الأخيرة أربعة مستشفيات عن الخدمة ليرتفع عدد المستشفيات والمنشآت الصحية المدمرة أو المخلاة إلى 20 مستشفًا، فيما لم يتبق سوى 7 مستشفيات منهكة تقدم الحد الأدنى من الخدمات الصحية.
وأكدت الصحة في بيانات عديدة، تعرض مستشفيات مدينة غزة للتهديد بالإخلاء القسري في الوقت الذي تقترب منها الآليات الإسرائيلية لحصارها وتكرار مشاهد لم تغيب خلال عامين من جريمة الإبادة الجماعية.
الانهيار مسألة وقت
ويقول الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن هذه التطورات تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي “قرر تدمير المنظومة الصحية في مدينة غزة بالكامل، وإعدام مئات المرضى ممن يعانون أمراضاً خطيرة ومتواجدين داخل مستشفيات المدينة، وترك مئات آلاف المدنيين من السكان بلا خدمات صحية أساسية لدفعهم قسرًا للنزوح جنوبًا، وتجريدهم من أبسط حقوقهم في العلاج والرعاية الطبية”.
ويشدد على أن الوضع في مستشفيات غزة المتبقية لم يعد يحتمل الانتظار، حيث تواجه هذه المستشفيات: (مجمع الشفاء الطبي- مستشفى أصدقاء المريض – مجمع الصحابة الطبي- المستشفى الأهلي المعمداني- مستشفى الوفاء للتأهيل – مستشفى الحلو- مستشفى السرايا الميداني) مخاطر التوقف الكامل عن تقديم خدماتها.
وحذّر المركز الحقوق على أن توقف مسألة وقت خلال أيام قليلة بسبب العمليات العسكرية المكثفة في محيطها والتهديد بإخلائها، علاوة عن نفاذ الوقود ومتطلبات تقديم الخدمة، ما يعني شلل الأقسام الحيوية فيها وتعريض حياه المدينين المتبقيين للموت المحقق.
وبالتوازي مع ذلك، تواجه بنوك الدم أزمة خانقة جراء النقص الحاد في وحدات الدم ومكوناته، فيما تواجه المستشفيات عجزًا في قوائم الأدوية المعتمدة بمستويات كارثية بلغ 52% من الأدوية الأساسية، تبعاً للقائم بأعمال إدارة الصيدلة في وزارة الصحة، الطبيب الصيدلي زكري أبو قمر.
ويشير إلى أن نسبة النقص في المواد الطبية ذات الاستخدام الواحد وصلت إلى 68%، دون أي مخزون بديل، وهو ما يُعيق تقديم الرعاية الطبية العاجلة.