ثورة 21 سبتمبر ليست مجرد ذكرى عابرة، بل صرخة عزيمة وإرادة شعب رفض أن تُباع كرامته أو تُسلب قراره. في تلك اللحظة التاريخية، انتزع الشعب اليمني قراره الوطني من براثن الوصاية الأجنبية والسفارات الصهيونية والمتصهينة، واستعاد هويته وسيادته وكرامته، ليضع الحرية والاستقلال كمعادلة لا تقبل المساومة. لقد كانت هذه الثورة نقطة تحول حاسمة، حطمت قيود الهيمنة والارتهان، وفتحت صفحة جديدة من القرار الحر والسيادة الكاملة.
لم تكن الثورة مجرد رد فعل على فساد أو تدخل خارجي، بل فعل واعٍ نابع من تراكم طويل من المعاناة والإصرار على التغيير. في ليلة الانتصار، سقطت السفارات الأجنبية التي تحولت إلى مراكز سلطة فوق الإرادة الوطنية، وانهارت معها منظومة التبعية التي حاولت لعقود تقييد حرية الشعب. منذ تلك اللحظة، صار اليمن يقرر مصيره بنفسه، وأصبح أي تدخل خارجي عاجزًا عن التأثير على حاضر ومستقبل الوطن.
شكلت الثورة لحظة إجماع وطني فريدة، حيث وقف اليمنيون صفًا واحدًا ضد العدوان والاحتلال، واستمدوا من هذه الملحمة عزيمة الاستمرار والنفير في سبيل الحرية. لقد كانت تحركات الشعب في الواحد والعشرين من سبتمبر ملحمة وطنية حقيقية، صفحة بيضاء يفتخر بها التاريخ، ورمزًا يتوارثه الأجيال للشجاعة والإباء.
جسدت القبائل اليمنية أصالة الثورة بكل سخاء وكرم، وبقوافل العطاء والانتصار. لم يكن التحرك نزوة عابرة، بل مشروع شعبي أصيل لضمان الاستقلال والكرامة، وإيقاف الانتهاكات المستمرة للسيادة الوطنية التي بلغت ذروتها قبل اندلاع الثورة.
ولا تتوقف أهمية الثورة عند حدود اليمن، بل تتجاوزها إلى البعد الإقليمي والدولي. فاليمن الذي كان يُراد له أن يكون تابعًا، أصبح اليوم قوة مستقلة وفاعلة، حاضرًا بقوة في معادلات المنطقة، يقف بصلابة مع قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. فبفضل الثورة، صار الشعب قادرًا على تحديد أولوياته وفق مبادئه وقيمه، لا وفق ما تمليه العواصم الأجنبية، ليكون اليمن قلب محور المقاومة وسدًا منيعًا في وجه الاستكبار.
أثبتت ثورة 21 سبتمبر أن الشعوب، مهما طال خضوعها، قادرة على النصر متى امتلكت إرادة التغيير وإيمانًا بعدالة قضيتها. لقد جمعت الكلمة، ورسخت وعيًا جماعيًا على الثبات في مواجهة الاستكبار، مع الثقة التامة بأن النصر من عند الله.
ثورة 21 سبتمبر ليست مجرد حدث في الذاكرة الوطنية، بل محطة فاصلة صنعت تاريخًا جديدًا لليمن والمنطقة. هي ثورة رسخت معنى السيادة الحقيقية، وأكدت أن الاستقلال أساس الكرامة والعزة، وأن مواجهة الاستكبار والاحتلال واجب لا مفر منه. إنها ثورة باقية في وجدان الشعب، يتجدد حضورها كل عام بوهج أكبر ودروس أعمق، لتظل شاهدًا حيًا على قدرة الشعوب على إسقاط أعتى الوصايات وصناعة مستقبلها بأيديها.