سماحة الإسلام.. والإجرام اليهودي

طاهر محمد الجنيد

 

تعاليم الدين الإسلامي توجب على المسلمين التعامل مع الأعداء بكل إنصاف وعدل وسماحة ورحمة بغض النظر عن الدين والمعتقد قال تعالى((وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ))، وكان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قُرآنا يمشي على الأرض، تعامل مع أعداء الدعوة الإسلامية من المشركين واليهود والنصارى والمنافقين بكل إنصاف وعدل ورحمة حتى أنه جعلهم من مكونات المجتمع الإسلامي في الإمبراطورية الإسلامية مع ضمان كافة الحقوق الدينية وغيرها، كما نصت على ذلك وثيقة المدينة المنورة التي صاغها كأول دستور ديمقراطي  يحترم التعددية السياسية وحقوق الإنسان ويكرم الإنسانية .
كما أرسى النبي الأعظم دعائم التكامل والتضامن الاجتماعي لكل قبيلة وطائفة على حدة وعقد مع كل قبائل المدينة ومنهم اليهود اتفاقية تعاون دفاع مشترك لحماية المدينة من أي عدوان، لكن اليهود نقضوا كل تلك العهود والمواثيق.
تعاليم الإسلام في القرآن والسنة وتعامل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وكل السلطنات الإسلامية بمختلف مسمياتها، لم يؤثر عنهم اضطهاد الأديان الأخرى واتباع الديانات الأخرى ولم يؤثر عليهم إكراه أحد على الدخول في دين الإسلام، بل كسبوا الشعوب والأمم بأخلاقهم وقيمهم ومبادئهم.
كون اليهود قوة اقتصادية ودينية وقبلية في المدينة وما جاورها وتوزعوا في تحالفاتهم مع قبائلها يزجون بهم إلى الحروب ويبيعون لهم الأسلحة ويضمنون استمرار خلافاتهم كي تتوسع تجارتهم ويستمر نفوذهم وسيطرتهم.
هاجر الرسول إلى المدينة ووحد صفوف الأوس والخزرج، فغاظهم ذلك ونظروا إلى الرسول كعدو استراتيجي ديني واقتصادي وسياسي، فانحازوا إلى دعم المشركين والنصارى والوثنيين واستغلوا خبراتهم الدينية في مواجهة الإسلام والمسلمين والرسول الأعظم وشكلوا مع المنافقين جبهة متقدمة للقضاء على الإسلام والمسلمين بالتنسيق مع المشركين والنصارى والمنافقين قال تعالى ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)) وأكد على شدة العداوة منهم فقال((لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)) وأكد على أن  أهل الكتاب يعملون معا ضمن فريق مشترك للصد عن سبيل الله وإعادة المسلمين إلى الكفر بعد الإيمان قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ))ال عمران-100.
كان بنو قينقاع يسكنون المدينة ولما انتصر المؤمنون على المشركين جاهروا بالعداوة ونقضوا العهد مع النبي الأعظم وانتهكوا حرمات المسلمين، فعاقبهم النبي الأعظم ,وجاء دور بني النضير الذين دبروا كل المؤامرات على الاستلام والمسلمين ووصل الأمر الي محاولة قتل النبي الأعظم، فعاقبهم النبي على ذلك وانتقل الأمر إلى بني قريضة  ومثل ذلك يهود خيبر وغيرهم الذين استعانوا بالمشركين وكل القبائل العربية لإبادة المسلمين والرسول الأعظم وكل من في المدينة وهكذا توالى المكر والتآمر منهم، قال تعالى ((كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم)).
دعى النبي الأعظم إلى عبادة الله وحده المشركين تمسكوا بالأصنام والأوثان واليهود تمسكوا بعزير ابن الله والنصارى تمسكوا بالمسيح وقالوا ابن الله تناصروا فيما بينهم حسدا وعنادا وكبرا قال تعالى ((وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)) البقرة 109، اما القليل منهم من آمن ومنهم من استمر على دينه.
جمعتهم الحرب على الإسلام والمسلمين رغم عداوتهم بعضهم بعضا، اليهود يفتكون بالنصارى والنصارى يفتكون باليهود والمسلمون يحمون اليهود من النصارى ويحمون النصارى من أنفسهم، فلا المغضوب عليهم يحبون الضالين ولا الضالين يحبون المغضوب عليهم، لكن يجمعهم التحريف والحسد والعداوة للإسلام والطغيان والكفر قال تعالى ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا  فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) المائده68.
جذور الإجرام ضد الإسلام والمسلمين ليست وليدة اللحظة، بل انها نتاج تربية منهجية وفكر يوجه العداء نحو الإسلام والمسلمين في المناهج الدراسية والأوساط الدينية ومعاهد الدراسات والكنائس ودوائر صناعة القرار السياسي، وحسب رأي المفكر الموسوعي المرحوم البروفيسور عبدالوهاب المسيري فإن جرائم الإبادة والتهجير القسري التي يقوم بها الحلف الصهيوني الصليبي في فلسطين هي نتاج اتحاد الصهيونية المسيحية الإنجيلية في تحالف استعماري تتغير مباراته، لكن لا تتغير ممارساته فقد استعمر أفريقيا تحت عنوان “تفوق الجنس الأبيض والمسيحية” وفي أستراليا وأمريكا “تفوق الجنس الأبيض” ومنح الله الأرض العذراء للمسيحية وفي المشروع الصهيوني في فلسطين “أرض الميعاد لشعب الله المختار” تناسوا خلافاتهم من أجل حماية مصالحهم وخوفا من عودة الخلافة الإسلامية.
في اعترافات رئيس الوزراء البريطاني (جونسون) إن توطين اليهود في فلسطين كان كمن يبيع الجمل مرتين لليهود وللعرب، العرب يشترون حقوقهم من بريطانيا واليهود ربحوا، لأن السياسة الاستعمارية سمحت لهم بممارسة كل أنواع الإجرام وتطبيق نصوص التوراة والإنجيل المحرفة على أرض الواقع يقتلون الأطفال والنساء وكل شيء حي على الأرض ليثبتوا أنهم يهودا ويثبتوا أن أرض فلسطين ارض الميعاد، فمجرم الحرب نتن ياهو يوجه جيشه بقوله (الآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ماله ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما وجملا وحمارا) سفر صمويل الأول الإصحاح 15؛.
العماليق قبائل بادت وأهل فلسطين هم أبناء سام بن نوح لكن لأن التحالف الصهيوني الصليبي يريد اغتصاب أرض فلسطين بدءاً بفكرة بيع الجمل مرتين (وعد بلفور) ويسعى لاستغلال الضعف العربي والإسلامي وتواطؤ الأنظمة العربية التي نصبها لاستكمال المشروع الاستعماري الكبير (إسرائيل الكبرى) لتكون الحاجز والفاصل بين توحيد الأمتين العربية والإسلامية إلى ما لا نهاية.
الله رحيم، الله عادل ولكن في نصوص التوراة نجده يأمر بإبادة الآخرين (العرب والمسلمين وغيرهم) وحتى تعاليم الأناجيل معظمها تحث على الرحمة إلا أن النصارى يؤمنون بالأناجيل التي تأمر بقتل الآخرين وسفك دمائهم، والآن تحالفوا معهم، لأنهم كما قال الله تعالى عنهم ((وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواا)).
التاريخ الإنساني القريب والبعيد تؤكد شواهده أن الإسلام والمسلمين حموا النصارى من النصارى واليهود من النصارى وحافظوا عليهم وكفلوا لهم حرية العقيدة وكل الحقوق والنبي الأعظم لم يحرق نسخ التوراة، بل سلمها لليهود، لكن النصارى أحرقوا كل ما استولوا عليه منها والآن يشجعون ويدعمون إحراق المصاحف من اليهود والنصارى والمنافقين ويسمون ذلك حرية فكرية ولو احرق أحدهم نسخة من الإنجيل أو التوراة لأحرقوه ولم يعترفوا بالحرية الفكرية.
غرسوا إسرائيل كمشروع استعماري أولا وأسبغوا عليه قداسة دينية وذلك كي يستمر طويلا في محاربة الإسلام والمسلمين كأسلوب من أساليب المواجهة المباشرة إلى جانب الحروب الناعمة التي يستخدمونها من خلال صهاينة العرب والغرب.
تحقق للإسلام مكسب واقعي في كل دول العالم بفضل الدعاية الإجرامية ضده، والدعايات الإجرامية والمضللة للتحالف الصهيوني المسيحي تساقطت وإذا كان صهاينة العرب والغرب يعملون جاهدين على إنقاد كيان الاحتلال بشتى الوسائل والسبل وآخر ذلك مبادرة حل الدولتين وتمكين جرائم الإبادة والتهجير القسري، فإن الشعوب تتحرك اليوم لا من أجل حل الدولتين ولكن من أجل فلسطين حرة وكل ذلك بفضل دماء الشهداء وطوفان الأقصى التي حررت الرأي العام العالمي من هيمنة اللوبي الصهيوني المسيحي، قبل أن تحرر العرب من الخونة والعملاء، لأن صهاينة العرب هم حصون اليهود وقلاعهم المتقدمة.

قد يعجبك ايضا