المرأة اليمنية في قلب الإنتاج: قصة نهوض.. رغم المعاناة

 

الأسرة /خاص

في ظل العدوان والضغوط الاقتصادية والاجتماعية الهائلة، لم تكن المرأة اليمنية مجرد ضحية للصراع، بل تحولت إلى منتجة تصنع قوت أسرتها وتبني مستقبلها بيديها ونهضت الآلاف من النساء اليمنيات ليصبحن معيلات حرفيات ومزارعات ومعلمات، في مشهد مقاوم للحاجة والتهميش.

انتقال نوعي

لم يعد مشهد المرأة وهي تقود مشروعاً صغيراً وتبيع منتجاتها في الأسواق الشعبية أو تدير ورشة خياطة أو محل كوافير، أمراً نادراً لقد تغير الواقع وأصبح الحضور النسوي في ساحة العمل أمرا لا يمكن تجاهله.

ووفق تقارير منظمات محلية، فإن نسبة النساء العاملات في القطاعات غير الرسمية زادت بنسبة تتجاوز 60٪ منذ بداية العدوان على اليمن، معظمهن يعملن في مجالات الحرف اليدوية والزراعة والتجارة المنزلية والتعليم المجتمعي وهذه النسبة تمثل على الرغم من محدودية الإمكانات نقلة نوعية في دور المرأة من المستهلكة إلى المنتجة.

أداة للصمود

التمكين الاقتصادي للمرأة في اليمن، لم يعد مجرد شعار تنموي، بل ضرورة اجتماعية واقتصادية فرضها الواقع، فقد أصبحت النساء يقمن بإدارة الموارد الشحيحة وتعليم الأبناء.

وتقول فاتن الزبيري محامية : إن انخراط المرأة في سوق العمل لم يعد ترفاً، بل حق أصيل وضرورة مجتمعية واقتصادية، مشيرة إلى أن الظروف الحالية أظهرت الحاجة الملحة لإزالة القيود الاجتماعية والقانونية التي تعيق مشاركة المرأة في الاقتصاد.

وتؤكد الزبيري في حديثها لـ”الأسرة”: المرأة التي تعمل وتحصل على دخل مستقل تصبح اكثر حماية من العنف والاستغلال، فالتمكين الاقتصادي ليس مجرد دعم مالي، بل خطوة باتجاه العدالة .

وتضيف أن القوانين اليمنية لا تمنع المرأة من العمل لكن التحدي الحقيقي يكمن في قلة فرص التدريب والدعم

وتشدد على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في رصد الانتهاكات ضد النساء وتمكين النساء قانونيا ومعرفيا للدفاع عن حقوقهن، حيث أن المبادرات المجتمعية إلى جانب بعض المشاريع مثل دورات تدريبية في ريادة الأعمال وتدريب النساء على المهارات الحرفية والزراعية، ساهمت في تأهيل آلاف النساء للانخراط في سوق العمل.

 المركز النسوي

ومن الأمثلة البارزة على مبادرات تمكين المرأة، المركز النسوي للأشغال اليدوية بصنعاء التابع لوزارة الثقافة. المركز الذي تأسس عام 1988م تحول خلال السنوات الأخيرة إلى مساحة آمنة للنساء، تدمج بين التدريب المهني والحفاظ على التراث الثقافي اليمني.

ويوفر المركز دورات متخصصة في مجالات مثل النسيج التطريز، الحياكة، وصناعة الشنط والتحف، إلى جانب تصنيع المنظفات والصناعات البسيطة.

وتقول أفراح محمد- مديرة العلاقات في المركز: نحن لا ندرب فقط، بل نخرّج نساء قادرات على فتح مشاريعهن الخاصة والاعتماد على أنفسهن اقتصاديا.

وهذه النماذج تعزز الصورة الجديدة للمرأة اليمنية كفاعلة ومنتجة وتظهر كيف يمكن حتى لمؤسسة بسيطة أن تحدث تأثيرا عميقا حين تتوفر الإرادة والتصميم.

 مبادرات متفرقة

في مختلف المحافظات، ظهرت مشاريع نسائية صغيرة ومتوسطة تنمو بصمت، مثل مزارعات في تهامة يعملن على استصلاح الأراضي، أيضا هناك معلمات متطوعات في القرى النائية يسددن فجوة التعليم، وحرفيات في المدن والريف يصممن ملابس تراثية ومنتجات منزلية، تباع في الأسواق والمعارض، رغم أن هذه المبادرات تتحدى التهميش وتفرض واقعا جديدا للمرأة اليمنية المنتجة والمؤثرة.

 قائدة للتغيير

وتقول الناشطة ندى حيدر: انه آن الأوان لتغيير الخطاب السائد الذي يصور المرأة اليمنية كضحية فقط، صحيح أنها تدفع ثمن الحرب كأي مواطن بل أكثر، لكنها في المقابل تقود مسارا استثنائيا من الصمود والإنتاج إنها تعمل وتزرع وتحمي التراث وتبني السلام ودعم هذه الجهود، لا سيما على المستوى المؤسسي والرسمي أصبح ضرورة ملحة، ليس فقط من أجل النساء، بل من أجل مستقبل اليمن بأكمله.

وتضيف حيدر: رغم الحرب تبرز المرأة اليمنية كضوء في نفق الأزمة امرأة لا تملك إلا موهبتها وعزيمتها، لكنها تبدع وتكافح وتنتج وتثبت أن التغيير الحقيقي يبدأ من اليد التي تعمل لا من الكلام.

 التوازن الاجتماعي

مع استمرار العدوان والحصار، اضطلعت المرأة اليمنية بدور جديد تجاوز الإطار التقليدي للأسرة وبرزت النساء اليمنيات كعناصر فاعلة في حفظ التماسك الاجتماعي وإعادة ضبط الحياة اليومية في المجتمعات المحلية والمرأة لم تعد فقط من تدير بيتها، بل أصبحت من تُصلح ما خربته الحرب، إنها تعمل وتربي الأجيال وتعلم الصمود لأبنائها وقد ساهم حضور المرأة الفاعل في العمل والإنتاج في الحفاظ قدر الإمكان على أسرتها،

وإن تمكين النساء وتوفير فرص عمل لهن، ساعد أيضا في تحسين مؤشرات الصحة النفسية، وتقليل نسب النزاعات الأسرية وتراجع نسب زواج القاصرات في بعض المناطق التي ارتفعت فيها معدلات تعليم الفتيات بسبب مبادرات نسائية مجتمعية.

قد يعجبك ايضا