الطابع الإجرامي للكيان الصهيوني .. مشروع يهدّد الأمة كلها

عبدالحكيم عامر

 

منذ نشأته، تَشَكَّل الكيان الصهيوني على قاعدة فكرية مشبعة بالعداء للإنسانية، قائمة على الظلامية والوحشية، متغذية على الأساطير المزيفة والوعود التوراتية المحرَّفة.

هو نتاج مشروع استعماري عالمي اتخذ من الصهيونية واجهةً أيديولوجية، ومن فلسطين بدأ تطبيق مشروعه الدموي، فقد زُرع في قلب الأمة العربية والإسلامية ليكون خنجراً مسموماً في خاصرتها، ووكيلًا لقوى الاستكبار في نهب الثروات والسيطرة على المنطقة.

الفكر الصهيوني لا يعرف للإنسان قيمة إلا من زاوية الاستغلال أو الإقصاء، فهو فكر قائم على نفي الآخر وسلب أرضه، وعلى استحلال الدماء والممتلكات. ولعل أوضح تجليات ذلك ما نشهده من مجازر إبادة يومية في غزة، حيث يُقصف الأطفال والنساء والشيوخ بلا رحمة، ويُحاصر ويجوع شعب غزة، في صورة تجسد غياب أي التزام بأبسط القيم الإنسانية أو التعاليم الإلهية المشتركة بين الأديان.

ومن يراجع نصوص قادة الصهيونية يدرك أن المشروع لم يقم على أساس دولة، بل على أساس “غنيمة” تُنتزع بالقوة، و”أرض ميعاد” تُطهَّر عرقيًا من سكانها الأصليين، ولهذا فإن جرائم التهجير القسري في فلسطين منذ نكبة 1948م وحتى اليوم هي جزء أصيل من العقيدة الصهيونية.

لم يعرف العالم كيانًا يتجاوز القوانين والمواثيق الدولية، كما فعل ويفعل العدو الإسرائيلي، لا احترام لأي اتفاقيات، ولا اعتبار لقرارات الأمم المتحدة، ولا التزام بأي معاهدات إنسانية، كل الأعراف التي يفترض أن تحمي المدنيين في أوقات الحرب، يطويها الكيان الصهيوني تحت جناح الإجرام، ليؤكد أن وجوده قائم على انتهاك الحق والشرعية.

العالم بأسره يشاهد اليوم في غزة واحدة من أبشع صور الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث: حصار شامل، مجاعة مُفتعلة، قتل جماعي للأطفال والنساء، قصف للمستشفيات والملاجئ، كل هذه الجرائم لم تعد خافية، لكنها كشفت حقيقة أن العدو الصهيوني يفتقد لأي رصيد أخلاقي أو إنساني.

ففي الوقت الذي تسعى فيه الأمم والشعوب إلى ترسيخ قيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان، يصر الكيان الصهيوني على أن يبقى رمزًا للوحشية والعنصرية، هذا الإفلاس الأخلاقي هو الذي جعل شعوب العالم تتحرك في مظاهرات عارمة نصرةً لفلسطين، رغم صمت الحكومات وتواطؤ الأنظمة الغربية.

المشروع الصهيوني قائم على فكرة “إسرائيل الكبرى” التي تمتد من النيل إلى الفرات، أي أنه يستهدف الأمة كلها.. أرضها وثرواتها وهويتها، ما نشهده من تطبيع بعض الأنظمة مع العدو لا يغيّر من هذه الحقيقة شيئًا، بل يكشف حجم الاختراق الصهيوني وخطورة التواطؤ، فالكيان الصهيوني يعمل على تمزيق المجتمعات العربية من الداخل، وإثارة الصراعات الطائفية والمذهبية، وإضعاف كل قوة يمكن أن تقف بوجهه، ولهذا فإن مواجهة العدو ليست خيارًا فلسطينيًا محليًا، بل واجب استراتيجي على كل الأمة.

أمام هذه الحقائق، ليس من المنطقي الحديث عن “سلام” أو “تسوية” مع كيان طابعه قائم على الدم والإجرام، تجربة العقود الماضية أثبتت أن كل اتفاقيات السلام لم تُنتج سوى المزيد من التوسع الصهيوني، والمزيد من القتل والدمار.

الرد الوحيد الواقعي على الكيان الصهيوني المجرم هو المقاومة الشاملة المتكاملة.. الجهاد المسلح ليُفرض عليه معادلات الردع وتعيد للشعوب ثقتها بقدرتها على الانتصار، مقاومة سياسية تفضح جرائمه في كل محفل، مقاومة إعلامية تكشف زيفه وجرائمة أمام العالم، مقاومة شعبية ترفض التطبيع والاستسلام.

الكيان الصهيوني هو مشروع إجرامي وفكري يهدد الأمة العربية والإسلامية بأسرها، فكره قائم على الظلامية والوحشية، وسلوكه قائم على الإبادة والقتل والنهب، إن إدراك هذه الحقيقة هو الخطوة الأولى لمواجهته بوعي وإرادة، وإن وحدة الأمة في مواجهة هذا الخطر الوجودي هي الطريق الوحيد لإنهاء صفحة الإجرام الصهيوني من تاريخ منطقتنا.

لقد دخلنا مرحلة جديدة من الصراع، عنوانها أن العدو الإسرائيلي لم يعد قادراً على فرض معادلاته منفرد، وأن الأمة اليوم، من غزة إلى صنعاء وبيروت وبغداد وإيران وأحرار العالم، بدأت تكتب فصلاً جديدًا من المواجهة المقدسة والفاصلة، ومهما حاولت أمريكا وحلفاؤها إنقاذ مشروعه، فإن حتمية سقوط المشروع الصهيوني باتت أقرب من أي وقت مضى.

 

قد يعجبك ايضا