الصبر عند الابتلاء أعظم مراتب الإيمان

■ لقاء/ أمين العبيدي –
ما من كلمة ترددت في كتاب الله عز وجل بأكثر من كلمة الصبر وأصبح من البديهي عند المسلمين بل وعند الناس جميعا أنه مقياس وأساس لكل نجاح وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الصبر معول المؤمن) , وهو كذلك شعبة من شعب الإيمان , بل كما قيل: الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر.. حول أهمية الصبر وكيف نسقطه على الواقع المعاصر حول هذا وأكثر كان اللقاء مع الدكتور فارس الكبودي أستاذ علم الحديث بجامعة علوم القرآن في السطور التالية:

? في البداية ما تعريف الصبر وكم هي أنواعه ولماذا أمرنا الإسلام به¿
– الصبر لغة: الحبس ومنه قوله تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) الكهف:28 أي احبس نفسك معهم.
واصطلاحا: قوة نفسية بها مقاومة الأهوال والآلام الحسية والعقلية مع الثبات على أحكام الكتاب والسنة.
وأنواعه ثلاثة كما ذكرها ابن القيم: صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها.
وأما عن سؤالك لماذا أمر الإسلام بالصبر فلأن الإنسان معرض في كل لحظة للابتلاء وحتى لا يفشل أمام الابتلاء جاء الأمر بالصبر ثم يؤكد الله على أهمية الصبر لما له من الثمار العظيمة.
* ما هي ثمار الصبر¿
– لاشك أن الصبر من المراتب العليا التي رتب الله عليها الأجر الجزيل, والثواب العظيم كما قال سبحانه: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) فأجر الصبر- لعظمه- أخفاه الله وهو خارج عن حد الإحصاء والعد.
ولأن العبودية شرف عظيم لا بد من برهان على صدقه والصبر ابتلاء لاختبار صدق العبد في توكله واعتماده وتفويض أمره إلى خالقه قال سبحانه: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) محمد:31.
وبالصبر يتغلب العبد على كيد الأعداء مع الإيمان كما قال سبحانه: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) الأنفال:65 وبالصبر يكون التمكين بعد الاستضعاف كما حصل لبني إسرائيل قال سبحانه: ( وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا), بالصبر تنال معية الله للعبد كما قال سبحانه:( والله مع الصابرين) البقرة:249.
وبالصبر يكون العبد ممن يحبهم الله قال سبحانه: (والله يحب الصابرين) آل عمران: 146. وبالصبر مع العمل الصالح ينال العبد المغفرة والأجر الكبير كما قال سبحانه: (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير) هود: 11.
إلى غير ذلك من الحكم العظيمة.
ما حكم الصبر في شريعة الاسلام ¿
أمر الله عز وجل بالصبر فقال: (يا أيها الذöين آمنوا اصبöروا وصابöروا ورابöطوا واتقوا الله لعلكم تفلöحون) ونهى عن ضده فقال تعالى لنبيه- صلى الله عليه وسلم: (فاصبöر كما صبر أولوا العزمö مöن الرسلö ولا تستعجöل لهم) فالعجلة ضد الصبر.
وأما حكمه فقد ذهب عدد من العلماء إلى وجوبه ونقل الإجماع على ذلك فقيل: ” وهو واجب بإجماع الأمة “.
هل الشكوى إلى الناس مما يجد الإنسان من الألم تتنافى مع الصبر¿
الصواب أنه لا ينافي الصبر إن كان راضيا بقضاء الله وقدره غير ساخط ولا جازع.
ويدل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري من حديث عائشة – رضي الله عنها -أنها قالت ” وارأساه ” فقال النبي – صلى الله عليه وسلم : ” لو كان وأنا حي (أي لو متö وأنا حي) فأستغفر لكö وأدعو لكö ” فقالت عائشة : واثكلاه والله إني لأظنك تحب موتي ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك فقال النبي : ” بل أنا وارأساه ” قال ابن حجر- رحمه الله.
” وأما مجرد التشكي فليس مذموما حتى يحصل السخط للمقدور”
ولاشك أن الأفضل للمصاب أن يشتغل بذكر الله وحمده والثناء عليه فهذا خير له من الشكوى وربما احتسابه لذلك وإخفاء صبره على المصيبة عن الناس أفضل وهذا هو الصبر الجميل وهو الأكمل
* هل من مفاهيم الصبر الرضا¿
– الرضا درجة أعلى من الصبر ولو كان معها ألم فالمريض الشارب للدواء الكريه متألم به راض به فقد ذكر ابن القيم أن مراتب الناس في المقدور ثلاثة: الرضا وهو أعلاها والسخط وهو أسفلها والصبر عليه بدون الرضا به وهو أوسطها فالأولى للمقربين السابقين والثالثة للمقتصدين والثانية للظالمين وكثير من الناس يصبر على المقدور فلا يسخط وهو غير راض به فالرضا أمر آخر.

قد يعجبك ايضا