شجرة القات تهدد بنضوب المياه الجوفية في المحويت


المهندس الزراعي علي الشماتي كشف للثورة أن سقي 100 لبنة مغروسة بالقات تحتاج في فصل الشتاء إلى أكثر من مائة وخمسين ألف لتر أي حمولة ثلاث قاطرات تقريباٍ ناهيك عن كميات كبيرة من المبيدات التي يجري استخدامها ليتمكن القات من الإنبات في جو بارد كفصل الشتاء.
استنزاف جائر
وأضاف : تكاد منطقة الأهجر بالإضافة إلى منطقة بيت قطينة أن تكونا المنطقتين الأكثر استنزافا للمياه في محافظة المحويت ويمكن القول أن مقدار مايهدر من المياه في هاتين المنطقتين لسقي القات خلال فصل الشتاء يتجاوز ملايين اللترات في غضون أربعة أشهر فقط من السنة وهي الفترة من أكتوبر وحتى أواخر شهر فبراير من العام التالي ويدفع المزارعون لذلك  استمرار الطلب على القات وارتفاع سعره مقارنة ببقية الشهور في العام ما يعني أرباحاٍ كبيرة يتم جنيها ولكن في المقابل ودون أن ندرك نقدم بأيدينا على صنع أزمة مائية تتفاقم عاماٍ بعد آخر ويلمسها مزارعو القات بأنفسهم الذين يضطرون في كل عام إلى جلب المياه من مناطق أبعد نتيجة الجفاف الذي يعتري مصادر المياه القريبة جراء الاستنزاف الجائر للمياه في فصل الشتاء وبالأخص في زراعة القات الذي يعد الخطر الأكبر والمهدد للمياه الجوفية في اليمن بشكل عام وليس في محافظة المحويت فقط .
حفر عشوائي
من جانبه يكشف يحيى شرف مسئول وحدة المياه الجوفية في هيئة مياه الريف إلى أن منطقتي الأهجر وبيت قطينة المتجاورتين تعدان المنطقتين الأكثر استهلاكاٍ للمياه في فصل الشتاء لسقي مزارع القات يأتي في المرتبة الثالثة منطقة حفاش القريبة من محافظة الحديدة وتصل الكميات المهدرة من المياه لري مزارع القات خلال فصل الشتاء فقط إلى ملايين اللترات ويتم جلبها من مناطق بعيدة نسبياٍ عن مواقع زراعة القات .
وأشار إلى أن المناطق الثلاث شهدت خلال السنوات الماضية استنزافاٍ جائراٍ في سحب واستهلاك المياه الجوفية لدرجة أن الكثير من الآبار الجوفية في مناطق الأهجر وبيت قطينة وحفاش قد جفت.
ويضيف : المياه الجوفية في منطقة الأهجر تكاد تجف بشكل تام حتى تلك التي كانت تخصص للشرب والاستهلاك المنزلي بسبب عشوائية وكثافة الحفر وكذا الحفر لأعماق كبيرة مما أثر على الآبار التي كانت لا تزال عاملة ويجري الآن جلب المياه للاستهلاك المنزلي والشرب لمنطقة الأهجر من مناطق قريبة أبرزها منطقتي شبام والمذوب المجاورتين لمنطقة الأهجر.
ويختم شرف حديثه بالقول : بشكل عام مع حلول فصل الشتاء تتحول  شجرة القات  إلى أكثر نبتة تستهلك المياه الجوفية بصورة كبيرة وتهدد مستقبل المياه الجوفية في اليمن بصورة عامة.
الربح الوفير..!
أحمد مهاوش مزارع قات أوضح أنه يستهلك خلال فصل الشتاء ثلاث قاطرات مياه لري مزرعتين يملكهما من القات في منطقة الأهجر وحول الداعي لإهدار تلك الكميات الكبيرة من المياه في سقي القات عزا ذلك إلى أن فصل الشتاء تنعدم فيه الأمطار وترتفع أسعار القات وجميع المزارعين في المنطقة يضطرون لتوفير المياه وسقي القات في الشتاء.
وقال: أعلم أنه يحصل هدر للمياه بشكل كبير لكن لا توجد سدود نسقي منها في الشتاء كما إننا نعتمد بشكل كبير على مدخول القات في الشتاء وأكثر بكثير من فصل الصيف.
مهاوش كشف أنه يتم جلب المياه من مناطق متعددة في محافظتي صنعاء وعمران لعدم وجود آبار في منطقة الأهجر وكون الآبار القريبة في شبام  ووادي النعيم بالكاد تغطي حاجيات الناس للشرب والاستهلاك المنزلي.
منسوب أمطار قليل
ويتفق معه حميد الجمالي – مزارع – في أن المردود العالي للقات في الشتاء هو ما يدفع المزارعين لشراء قاطرات المياه بكلفة عالية لسقي مزارع القات وقال : ندرك أن هناك هدراٍ للماء لكن السوق يطلب قات ونحن معتمدون في المعيشة على مزارع القات ولا توجد بدائل للسقي غير المياه التي توفرها المضخات من الآبار الجوفية وقليلاٍ يتم توفير المياه من السدود إذا وافق مالك القاطرة ولم يخش على قاطرته من التلف بسبب الأتربة التي تكون موجودة في مياه برك السدود.
وأشار إلى أن الطلب على المياه الجوفية ارتفع هذا العام من قبل مالكي مزارع القات نظراٍ لقلة منسوب الأمطار خلال فصلي الصيف والخريف الفائتين وجفاف جميع السدود القريبة من منطقة الأهجر .
وأردف بالقول : هذا العام كان فصل الصيف والخريف ضعيفاٍ بالنسبة لكمية الأمطار التي هطلت وبعض المزارعين اضطروا لشراء المياه حتى في فصل الصيف لكفاية مزارعهم .
ولفت إلى أن مزارعي القات باتوا يدركون شحة الحصول على الماء بسبب أنه كل عام ترتفع الكلفة ويجري البحث عنه من مناطق جديدة بعد أن تجف مناطق كانت أقرب إلى الأهجر ولكن لا أحد يحرك ساكناٍ والمزارع كل همه سقي مزرعته وتحصيل الأرباح التي تبلغ الملايين في فصل الشتاء ولا يقدر أي مزارع أن يعتمد على مردود الصيف فقط والنفس ما تكره الربح- كما يقول.
حميد يبيع قاتاٍ بالجملة في سوق الأهجر بما لا يقل عن ثلاثمائة ألف ريال يومياٍ , وهو لهذا الغرض يمضي لجمع عماله منذ ما قبل الفجر لقطف القات وتعبئته في علاقيات كبيرة قد تصل سعر الواحدة منها إلى خمسين ألف ريال أو أكثر من ذلك بقليل .
أسواق تنشط وأحواض تفقد
ينشط سوق الأهجر في الصباح الباكر من كل يوم وتدور بداخله عجلة اقتصادية كبيرة من البيع والشراء تبلغ ملايين الريالات يومياٍ وعند الثامنة أو التاسعة صباحاٍ ينفض سوق الأهجر وينصرف كل في سبيله فمنهم إلى العاصمة صنعاء وآخرون إلى مدينة المحويت وبعضهم إلى مدينة عمران القريبة نسبياٍ من منطقة الأهجر لبيع ما تحصل عليه من كميات القات حركة يومية ومتكررة لا يدرك معها أطراف هذا السوق أنهم قد يفيقون يوماٍ على سوق خالي الوفاض من بضاعتهم بعد أن تكون اليمن برمتها قد بلغت حداٍ حرجاٍ في الأزمة المائية التي تقف على شفيرها وتوشك أن تقع فيها دون أن يحرك أحد ساكناٍ لرفد مخزون المياه الجوفية التي تقول الدراسات والإحصاءات أن نبتة القات تستنزف 40% من مخزون المياه الجوفية في العام الواحد كما أن المخزون الجوفي للمياه أصبح منذ عقود لا يواكب الاستنزاف الجائر والذي يتسبب كل يوم في جفاف آبار ويهدد أحواض مائية رئيسية في اليمن بالنضوب .
 ومن المؤكد أن سوق الأهجر سيستمر في النشاط  ومعه باقي أسواق القات في محافظة المحويت وفي كل محافظات اليمن ولا يوجد على المدى المنظور بين أطراف تجارة القات والمعنيين الرئيسيين بالأزمة المقبلة للمياه في اليمن من يلقي بالاٍ للكارثة التي تقترب منا أكثر فأكثر.

قد يعجبك ايضا