يجب أن يستلهم اليمنيون من يوم الاستقلال رصيدا من الخبرات والتجارب التاريخية والوطنية لبناء مستقبلهم الاتحادي


المشهد السياسي لا يسر عدواٍ أو صديقاٍ .. ولا بد من توحيد الصفوف لإرساء معالم المدنية بمضامينها الإنسانية

أوضح أستاذ الدراسات التاريخية بجامعة صنعاء وأستاذ مناهج البحث الاجتماعية المتقدمة بكلية الدراسات العليا أكاديمية الشرطة الدكتور أحمـد حمـود حاتـم المخـلافي ـ إن يوم الاستقلال والجلاء يمثل رصيداٍ من الخبرات والتجارب المتراكمة التي تستلهم منها العبر والدروس لتنشئ على ضوئها الأجيال وتسير على دربها من إرادة وعزيمة قويتين فيواجه كل الصعاب والعقبات. ويمثل تضحيات أجيال من أجل الحرية و الكرامة والعزة , وبكونه ذكرى وطنية لتعزيز روح الانتماء للوطن والاعتزاز به.. وبكونه عزز من فاعلية روح المقاومة لدى الناشئة ضد كل أشكال العدوان ومحاولات الإذلال سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو عسكرية أو حتى ثقافية وعلمية .. تفاصيل أكثر في سياق اللقاء التالي.

-30 نوفمبر من الاحتلال والمعاناة إلى الحرية والوحدة الوطنية ¿ ما هي قراءتكم لهذه الأبعاد التاريخية والإنسانية ¿
* بداية يمثل عيد الاستقلال يوماٍ تاريخياٍ يحتفل فيه الشعب اليمني كذكرى سنوية بمناسبة نيل الاستقلال والتحرر من الاستعمار الأجنبي أو والوصاية الخارجية.. وتتمثل أبعاده في كونه تذكيراٍ للأجيال الناشئة بمدى معاناة الآباء من أجل الحصول على الحرية وغرس روح المواطنة وحب الوطن في قلوبهم.. ويتم التعبير عنه باتخاذ هذا اليوم عيداٍ وطنياٍ وعطلة رسمية.. ويتم الترتيب فيه لاحتفالات شعبية تستعرض فيها عادة وحدات رمزية من الجيش الوطني وتطلق الألعاب النارية وتقدم بعض الرقصات الشعبية.. ويحتفل اليمنيون بعيد الجلاء أو عيد الاستقلال في يوم 30 نوفمبر من كل عام وهو تاريخ جلاء آخر جندي بريطاني عن أراضي جنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967 م.
بذرة النضال
-من باب الإنصاف ينبغي أن نؤرخ لبدايات النضال والمقاومة , وقد كتبتم الكثير حول ذلك¿
* (مقاطعا) يرجع نضال شعبنا الوطني ضد الاستعمار من أجل نيل الحرية والاستقلال إلى مطلع ستينيات القرن الماضي كما قد يعتقد البعض.. وإنما كان للمقاومة الوطنية اليمنية تاريخاٍ يرجع إلى عهد بعيد .. إلى زمن الاحتلال ذاته.. ولكنها بدأت عفوية وغير منظمة.. فقد حدثت أول انتفاضة في عدن عام (1840).. أعقبها الثوار بهجوم مباغت على الانجليز في عدن عام (1846) واستأنس سلطان لحج بالمقاومة.. فلم يلبث أن نصب نفسه حاكماٍ على (لحج) عام (1849).. ثم أعلن مساندته للثوار.. وطالب باستعادة عدن.. وخاض الثوار معركة دامية غير متكافئة مع الانجليز بالقرب من الشيخ عثمان عام (1858).. ولكن نتائجها لم تكن لصالح الثوار.. وأسفرت عن اعتراف سلطان لحج بالسيطرة الانجليزية على عدن.. في الوقت الذي رفض الثوار مثل هذا الاعتراف واستمروا بالمقاومة.. وقام الانجليز بتنظيم حملات قمع ضد هؤلاء الثوار والتنكيل بهم في كل المناطق التي كان لتجمعاتهم تواجداٍ فيها.. وهو ما أكده الباحث التاريخي (لوتسكي) في مؤلفه (تاريخ الأقطار العربية الحديث).
وفي خمسينيات القرن العشرين تأثر الأهالي بخطابات جمال عبد الناصر والأغاني الثورية الصادرة عن إذاعة القاهرة وكان لسياسات الإنجليز التعسفية والمتجاهلة لمطالب اليمنيين دور رئيسي في تنامي تلك المشاعر.. وبالمقابل كان لوجود بنية مؤسسية لمنظمات المجتمع المدني أثر كبير على المطالبين بإسقاط حكم الإمامة في شمال البلاد, فتزايدت أعداد النازحين من الشمال مما سبب قلقا للمستعمر البريطاني فعرض إقامة ما عرف بإتحاد الجنوب العربي عام 1962 ثم انضمت إليه ولاية عدن عام 1963 ثم خمس سلطنات أخرى عام 1964 ورفضت سلطانات حضرموت والمهرة الاندماج في وحدة فيدرالية فيما بينهم.. أملا في تخفيف حدة المطالب الداعية للاستقلال الكامل وكانت على النحو الآتي:
1. مستعمرة عدن
2. مشيخة القطيبي
3. مشيخة العلوي
4. مشيخة العقربي
5. سلطنة العوذلي
6. إمارة بيحان
7. مشيخة دثينة
8. إمارة الضالع
9. سلطنة الفضلي
10. سلطنة الحواشب
11. سلطنة لحج
12. سلطنة العوالق العليا
13. سلطنة العوالق السفلى
14. مشيخة العوالق العليا
15. سلطنة يافع السفلى
16. سلطنة يافع العليا
17. مشيخة المفلحي
18. سلطنة الصبيحي
19. مشيخة الشعيب
20. سلطنة الواحدي
-انتقال الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة. . كيف ساهم ذلك في تفجير ثورة أكتوبر وتحقيق الاستقلال ¿
* مثل هذا الانتقال العملية الفدائية النوعية التي نفذها (خليفة عبد الله حسن خليفة) في 10 ديسمبر 1963 بتفجيره قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن كما أصيب أيضاٍ بإصابات مختلفة 35 من المسؤولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد الذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري الذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لها في عدن وأعاقت هذا المؤتمر.. مثلت تلك العملية الفدائية البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة.
وفي 11 ديسمبر 1963 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني. وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب اليمني طبقاٍ لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبدأت في 7 فبراير 1964 أول معركة للثوار اليمنيين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان لحج..
وفي 3 أبريل 1964 شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماٍ عدوانياٍ على قلعة حريب في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها..
وقد أعلنت بريطانيا في 2 أكتوبر 1965 عن عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968 مما أدى لانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة أسفرت عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.
كتاب الاستقلال
-الكتاب الأبيض والاستقلال ¿
* نعم , فقد أصدرت الخارجية البريطانية «الكتاب الأبيض» في 22 فبراير 1966 الذي أعلن رسمياٍ قرار بريطانيا القاضي بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968. وفي 14 نوفمبر1967 أعلن وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968 كما كان مخططاٍ له سابقاٍ.
وبدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية في 21 نوفمبر 1967 من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن. وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة (قحطان محمد الشعبي) ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
وبدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967 ومغادرة الحاكم البريطاني (هامفري تريفليان ) إلى غير رجعة.
وفي 30 نوفمبر 1967 تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماٍ وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم.
دلالات
-ما هي الدلالات النفسية والتربوية لوحدة النضال التحريري ونيل الاستقلال ¿
ـ رصيد من الخبرات والتجارب المتراكمة التي تستلهم منها العبر والدروس لتنشئ على ضوئها الأجيال وتسير على دربها من إرادة وعزيمة قويتين فيواجه كل الصعاب والعقبات. ويمثل تضحيات أجيال من أجل الحرية و الكرامة والعزة.
فشرارة الثورة كانت إشعاعا على الاستقلال: فثورة أكتوبر واستقلال نوفمبر هما امتداداٍ للثورات الشعبية السابقة وهما المحطة الحاسمة في تاريخ اليمن الحديث تعاملت مع استعمار تجاوز كل ما هو معقول ومقبول من جميع النواحي لأنه:
عمل على احتلال الحقول: بالاستيطان والوجود العسكري.. وعمل على احتلال العقول واستغباء الشعب.. استعمار مارس إرهاب دولة وبحماية دولية.. واستعمار لا يعترف بوجود الآخر إلا كعبيد بدون هوية.. مارس سياسة التقتيل والإبادة الجماعية.. ونهج أسلوب (فرق تسد) للقضاء على الألفة الاجتماعية.. واستعمل كل وسائل التعذيب.. وأمعن في تفقير الشعب وتجويعه.
ومن الدلالات التربوية للاستقلال: عزز نوفمبر روح الانتماء للوطن والاعتزاز به.. جعل الأجيال تثمن الجهود المبذولة من أجل السيادة.. ومعرفة وتقدير ثمن الحرية والعيش الكريم في أمن وسلام.. رسخ مقومات الشخصية و الهوية للمجتمع اليمني ليعرف من هو بالنسبة للأمم الأخرى.. زرع الشعور بالاعتزاز والافتخار بالقيم والمبادئ التي استمات من أجلها الأجداد والآباء طيلة قرن ونيف من الزمن ولم يفشلوا أو ييأسوا من بطش الاستعمار.. وقوى جهاز المناعة النفسية والفكرية والاجتماعية.. وعزز من فاعلية روح المقاومة لدى الناشئة ضد كل أشكال العدوان ومحاولات الإذلال سواء كانت اقتصادية سياسية أو عسكرية أو حتى ثقافية وعلمية ومن القابلية للاستلاب والاستدمار.
– هل تقرأون في أهداف الاستقلال التطلع الشعبي نحو المشروع الحضاري للدولة المدنية ¿
أولا إذا كان ثمة تحديد لمفهوم المجتمع المدني فهو ما جاء به كل من (توماس هوبز) و(جون لوك) حيث رأى الأول أن الموت والفناء هما الباعثان الأساسيان للفرد البشري على تشكيل المجتمع المدني والخروج عن الوضع الطبيعي وإيقاع الصلح بين أبناء البشر تلك الرغبة التي زرعت في هذا الكائن البشري.
وبمقارنة مفهوم المدنية مع التحولات الاجتماعية الناتجة عن الاستقلال نجد أن هناك ملامح واضحة في اتجاه بذور المدنية بدون شك.
وحدة المصير
-أعياد الثورات اليمنية دليل على وحدة الأرض والمصير ¿ هل تتفقون مع ذلك ¿
يحتفل الشعب اليمني هذه الأيام, بالذكرى السابعة والأربعين لعيد الاستقلال والذي يشكل مناسبة يحيي من خلالها اليمنيون ذكرى عزيزة غالية تؤرخ ما قاموا به من تضحيات جسام وبطولات عظام من أجل صيانة هوية الوطن, وتبرز مدى تعلق عزمه الشعب اليمني على الدفاع عن مقدساته وثوابته ووحدته الوطنية.
وتكتسي دلالات عميقة تجسد انتصار إرادة الشعب والتحامهما الوثيق دفاعا عن المقدسات الوطنية وتجسيداٍ لإرادة الشعب اليمني في الدفاع عن القيم الوطنية ومناسبة لتجديد عزم اليمنيين على مواصلة الدفاع عن وحدة وطنهم.
كما تمثل هذه الذكرى كذلك مناسبة للقيام بوقفة تأمل في تاريخ اليمن الغني بالأمجاد وبالمحطات المشرقة من أجل الذود عن المقدسات الوطنية, وتشكل برهانا على إجماع كل اليمنيين وتعبئتهم للتغلب على الصعاب وتجاوز المحن.
إن تخليد ذكرى الاستقلال المجيدة تعد مناسبة أخرى لاستلهام ما تنطوي عليه من قيم سامية وغايات نبيلة لإذكاء التعبئة الشاملة وزرع روح المواطنة وربط الماضي التليد بالحاضر المتطلع إلى آفاق أرحب ومستقبل أرغد وخدمة لقضايا الوطن وإعلاء صروحه وصيانة وحدته والحفاظ على هويته ومقوماته والدفاع عن سيادته وتعزيز نهضته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..
وفي هذه المناسبة يحدونا الأمل أن يجتمع اليمانيون على طاولة واحدة وأن يجسدوا استقلالهم ويحولوه إلى حقيقة لأن اليمن القوي بوحدته كبير بقيمته وعظيم بشعبه وقيمه.ولهذا يجب أن يظل الشعب اليمني وفيا لتلك القيم الوطنية والنضالية والإنسانية السامية التي جسدها أولئك الأبطال الذين صنعوا الثورة وأنجزوا الاستقلال.. وأن يظل يعمل من اجل تجسيدها واقعيا بما يسهم في الانتقال إلى دولة وطنية مدنية ديمقراطية حديثة تحقق العدل والمساواة لكل مواطنيها وتكفل لهم الحياة الكريمة التي تليق بإنسانيتهم ونضالهم ومكانتهم التاريخية والاجتماعية.
المشهد السياسي
-المشهد السياسي اليوم , لا يسر عدو ولا صديق ¿ ما تعليقكم ¿
فعلا , فمراكز القوى لا تزال تمسك بزمام الأمور وتتحكم بمصادر القوة.. وتنفرد بالثروة بعد أن جمعتها بشكل غير مشروع من خيرات الوطن ومكتسبات الشعب وقوت يومه.. وتصر على استمرار هذه الأوضاع المتردية ناهيك عن الانفلات الأمني في عموم مناطق اليمن بالرغم من تعدد الأجهزة الأمنية والعسكرية والتي يقدر عدد منتسبيها بمئات الآلاف .. وأغلب مكونات الحراك الشعبي توترات سياسية وصدامات حربية بخلفيات مذهبية وسياسية .. ومعاناة الناس في مختلف المناطق من الظلم والقهر والتمييز والتهميش والفقر والجوع والحرمان من أغلب مشاريع التنمية فضلا عن شكواهم بمرارة من كل أساليب التسلط والظلم.. ومنافذ وثغور البلد مفتوحة على مصراعيها أمام تدفق اللاجئيين من القرن الإفريقي بمئات الآلاف.. وأمام كل أنواع التهريب (الاتجار بالبشر- السلاح والذخائر- والمخدرات بأصنافها المتعددة وأنواعها المختلفة وأخطر المواد السامة والفتاكة بروح الإنسان) وهي عمليات منظمة لا تكاد أن يتوقف أو تنقطع يومياٍ.. وغدت تجارة تبدو في أوج ازدهارها.
القيم الوطنية
– القيم الوطنية للثورات اليمنية , هل ترجمها اليمنيون إلى واقع ملموس ¿
بقدر ما لهذه المناسبات من احترام وإجلال لدى أبناء المجتمع الواحد فإنها تحمل معاني ودلالات تِفرض علينا التوقف عندها كي لا يْقتصر الاحتفال بهذه المناسبات على الجوانب الرمزية التقليدية فقط وإنما إعطاء المناسبة القيمة التي تستحقها واستخلاص الدروس التي تْعيننا على رسم مستقبلنا بهدف استكمال الأهداف الحقيقية لأولئك الذين ضحوا بالغالي والنفيس لإنجاز الاستقلال.
إنها ليست مجرد تبادل التهاني والتبريكات إنها ليست فقط في اليوم الذي نأخذ فيه عطلة رسمية عن العمل إنها عيد الاستقلال وقد سميت بهذا الاسم لأنه في هذا التاريخ من عام 1967 تحقق حلم الحرية. وهو لم يكن فقط تاريخا لولادة الحرية في ذلك اليوم بل كان تاريخ ولادة الحرية في جميع الأيام. وهذا هو السبب الذي يجب علينا تأكيده عندما نتداعى للاحتفال بهذه المناسبة مع ضرورة إبراز التجليات الحقيقية لمعاني هذا الاستقلال في حياة الناس.
حيث يرتبط معنى ودلالة الاستقلال بتأكيد أبرز أهدافه الوحدة اليمنية وبناء الدولة المدنية الحديثة المستقلة الإرادة بشكل كامل ومتكامل دولة يشعر فيها المواطنون بأنهم أحرار في وطنهم خاضعون لإرادتهم ويحتكمون لقوانين الأرض التي يتساوون فيها بغير عزل أو تمييز. وإنه إذا كان لنا أن نتعلم شيئا من هذه المناسبات الوطنية العزيزة على نفوسنا فهو معنى الحرية ومغزى الكرامة. ومثلما استطاع أجدادنا وآباؤنا نيل الاستقلال بجهدهم وتضحياتهم فإن فرصنا في إحداث تغيير حقيقي يعتمد على ما نستطيع بذله من جهود وتضحيات من أجل تحسين واقعنا وضمان رفاهية مستقبلنا.
الاتحادي
– إجماع المجتمع الدولي لدعم تطلعات الشعب اليمني نحو مستقبلهم الاتحادي .. هل ثمن اليمن ذلك واقعا ¿
يبدو أن هذا الإجماع الظاهري إقليمياٍ ودولياٍ في تقديري هو بمثابة سيف ذو حدين.. كل يراه من وجهة نظر مصالحه.. إلا أنه لا يرجح مصالحنا.. ولا يعبر بالضرورة عن تطلعاتنا.. وأنا شديد الإيمان بأن البحث عن الحقيقة في المجتمع اليمني لا يملكه سوى الإنسان اليمني فقط.. ولكنها من جانب آخر تكتسب زخماٍ إذا أحسن استثماره بالتأكيد سينعكس إيجابياٍ على مشروعنا الوطني المأمول.
العنف والتخريب
– ما هي الآثار المترتبة عن أعمال العنف والتخريب والإرهاب على مشروع البلاد الحضاري¿
أنا على قناعة أننا لو استخدمنا طريقة العزل المنهجي في فهم المشكلات الاجتماعية والسياسية التي ابتكرها (توماس هوبز).. لاكتشفنا أن العنف والتخريب والإرهاب مرتبطة بمراكز القوى وتتم لخدمة أغراضها بالإضافة إلى أسباب اجتماعية واقتصادية مصاحبة.. ومن المفيد أن نشير إلى فكرة هذا الأسلوب المنهجي الذي تتمثل خلاصته في: أن نقوم بعزل الظاهرة في ظروف نموذجية ومثالية كي نحصل على منطلق واضح وسيسهل بعدها بناء تصورات وأفكار في ضوء هذا المنطلق.
وهنا ينطلق (هوبز) من الفرضية الآتية: ماذا سيحدث إذا ما عزلنا مجتمعاٍ معيناٍ في حالة يغيب فيها القانون وتغيب فيها السلطة السياسية¿ وما هي طريقة الحياة التي ستسود إذا لم تكن هناك قوة عامة تردع الناس¿
ويجيب بأن.. الوضعية ستكون هي الفوضى والبطش والسلب والنهب الخ.. فكل فرد سيتجند جراء الخوف للدفاع عن نفسه بنفسه والعمل على ضمان سلامته بكل القوة والمؤهلات التي بحوزته.. مما سيدخل المجتمع في (حرب الكل ضد الكل).
توحيد الصفوف
-كلمة أخيرة لكم ¿
إن أي تجاهل لخطورة الواقع الذي تمر به بلادنا.. وما نعانيه ونعيشه بمرارة مصحوبة بالخوف وعدم توحيد الصفوف لمعالجته على المستويين الرسمي والشعبي كمنظومة متكاملة فإننا في الأخير لن نستقر.. ولن نفهم مشكلتنا.. ولن تنضج عقول شعبنا…. وسنعيد إنتاج عوامل التخلف ونبتكر كل وسائل وتقنيات الدمار المعزز بأفكار جاهزة أثبتت التجارب نجاحها في سحقنا.
وختاماٍ كلمة لابد منها.. آمالنا كبيرة في قدرة شعبنا على تجاوز كل ما يحيط بنا من معيقات.. والتقدم بثبات نحو إرساء معالم الدولة المدنية الحديثة بكل مضامينها الإنسانية السامية.

قد يعجبك ايضا