قرر الجيش الأميركي تغيير استراتيجيته ضد داعش في العراق بالتركيز على تدريب عدد محدود من الجنود العراقيين بدلا من محاولة بناء جيش عراقي جديد بالكامل.
واتخذ الجيش الاميركي قرارا بالتركيز على تدريب عدد محدود من الجنود العراقيين بدلا من محاولة بناء جيش عراقي جديد بالكامل متعظا من دروس العراق حيث عمل بعد حل الجيش العراقي السابق على بناء جيش قوامه نحو 400 ألف جندي صرف عليه مليارات الدولارات من أموال الشعب العراقي ودافعي الضرائب الاميركيين ليتابع العالم انهياره في ساعات.
حين تقدم تنظيم (داعش) لاجتياح مناطق واسعة من العراق في حزيران (يونيو) الماضي كان حجم القوات العراقية انخفض إلى نصفه نتيجة سنوات من الفساد والانحطاط. وانهار النصف الآخر سريعا في الموصل وتكريت.
وعندما سيطر داعش على الموصل اختفت اربع فرق عراقية وفرقة من الشرطة الاتحادية ليتقلص المتبقي إلى 85 الف جندي فقط بحسب تقديرات الخبراء. إزاء هذه الحقائق المرة قرر قادة الجيش الاميركي صرف النظر عن اعادة بناء الفرق المختفية أو تجنيد منتسبين جدد في وحدات سيئة الأداء كما أكد مسؤولون في الادارة الاميركية.
ونقلت واشنطن بوست عن المسؤولين الأميركيين قولهم إن الرهان اليوم هو على بناء تسعة ألوية عراقية جديدة قوامها 45 ألف جندي من المشاة تكون قوة طليعية مع مقاتلي البشمركة الاكراد وميليشيات الحشد الشعبي لإنهاء سيطرة داعش على ثلث العراق.
ونقلت الواشنطن بوست عن مسؤول رفيع المستوى طلب عدم كشف اسمه للصحيفة قوله: “الفكرة تتمثل في البداية على الأقل بمحاولة بناء جيش عراقي أصغر لكنه أشد فاعلية”.
لكن مراقبين يستبعدون أن يكون بناء قوة مدربة تتصدر المعركة ضد داعش كافيا لمعالجة المشكلة الأكبر المتمثلة بالعفن الذي ينخر جسم القوات الأمنية والمؤسسات العراقية. فهي مشكلة أشد تعقيدا وأرسخ جذورا تكمن وراء انعدام الاستقرار في العراق. كما أن الألوية الطليعية التي يراد بناؤها ليست كافية بمفردها لاستعادة مدن استراتيجية مثل الموصل.
من جهة أخرى يعتقد مسؤولون اميركيون وآخرون إن تدريب عدد أصغر من الوحدات تدريبا عاليا يمكن أن يساعد القوات الأمنية العراقية على تحقيق تقدم ضد داعش باسناد من الحرس الوطني الذي يأمل المسؤولون الاميركيون بأن يضم تشكيلات مسلحة تابعة للحكومات المحلية في المحافظات خصوصا المحافظات السنية التي أبدى ابناؤها قدرات عالية في القتال ضد تنظيم القاعدة سابقا.
واعترف حكيم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي قائلا: “كنا قبل أزمة الموصل نعيش في وهم كنا نظن أن الجيش يستطيع الدفاع عن البلد وقد وثقنا به وما حدث كشف لنا الحقيقة”.
ويحمöل مسؤولون اميركيون رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي مسؤولية تردي مستوى القوات العراقية ويقولون إنه كان يعين القادة وآمري الوحدات على اساس الولاء الطائفي بدلا من الكفاءة والولاء للعراق وهذا أضعف الجيش ونال من معنويات الجنود.
في ظل القيادة الفاسدة كانت قوائم الرواتب عامرة بأسماء جنود وهميين وكانت الرواتب تصرف لجنود ماتوا منذ فترة طويلة. ولم يسفر هذا الفساد عن اضعاف الوحدات العسكرية فحسب بل أسهم في صعوبة تقييم حجم القوات الأمنية وقوتها.
وتطرق مايكل نايتس الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بعد تحليل ما تبقى من وحدات الجيش العراقي: “ثمة الوية عسكرية تضم نحو 4000 جندي كانت في العادة تضم أقل من هذا العدد”. وقال مسؤول كبير في البنتاجون لصحيفة الواشنطن بوست طالبا عدم ذكر اسمه: “الفجوة كانت هائلة بين الجيش العراقي على الورق والجيش العراقي في الواقع”.
لكن حتى عندما يكتمل تدريب الأولوية التسعة التي يراهن عليها الاميركيون فإنها لن تمثل إلا نسبة متواضعة من الجيش العراقي الذي يقدر الباحث نايتس أنه يتألف من 36 لواء بعد فضيحة الموصل. كما تخطط الولايات المتحدة لتدريب ثلاثة الوية من قوات البشمركة الكردية.
وقال نايتس: “خطة تدريب هذه الأولوية سواء كانت كافية أو لم تكن قد تكون ما هو ممكن في الوقت الحاضر”. ويقول الجنرال جيم دوبيك الذي ترأس برنامج تدريب القوات العراقية من 2007م إلى 2008م أن على القوات العراقية أن تستعيد بإطراد مناطق يسيطر عليها داعش من دون قوات برية اميركية كبيرة تسندها.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا