الوسطية من أبرز خصائص هذه الأمة

* إن الوسطية التي جاء بها الإسلام لا تخرج عن معنى العدل والفضل والخيرية والتوسط بين الطرفين فقد استقر عند العرب أنهم إذا اطلقوا كلمة “الوسط” أرادوا معاني العدل والخير والرفعة والمكانة العالية.
* والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يرشدان إلى التوسط ويذمان التقصير والغلو فقال الله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان) سورة النحل أية رقم( 90) وقال تعالى (قل أمر ربي بالقسط ) سورة الاعراف أية رقم (29) والعدل في كل الأمور لزوم الحد فيها وألا يغلو ويتجاوز الحد كما لا يقصر ويدع بعض الحق.
وانظر إلى الوسطية واضحة في مثل قوله تعالى ( والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) سورة الفرقان أية رقم (67 ).
وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينكر كل بادرة غلو وينهى عن ذلك أشد النهى كما في قصة النفر الثلاثة الذين عزموا على الصيام والقيام وترك النساء واخبر أيضا بهلكة المتنطعين واراد أن ينكل بمن واصلوا معه في الصيام وقد نهاهم عنه ليرتدعوا وماذا إلا لأن الغلو شطط وانحراف وبعد عن الصراط المستقيم ونافذة على الانحراف والضلال.
والوسطية سمة ثابتة بارزة في كل باب من أبواب الإسلام في الاعتقاد والتشريع والتكليف والعبادة والشهادة والحكم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخلاق والمعاملة وكسب المال وإنفاقه ومطالب النفس وشهواتها.
وقد كان نتاج تربية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصحابته الكرام أن عرفوا باستجابتهم لأمر الله تعالى ومسارعتهم إلى الطاعة حتى سار لهم في كل ميدان سهم مع تحقيق التوازن في أنفسهم بحيث لا يغلبوا جانبا على حساب الآخر وتحقيقه أيضا في المجتمع حيث كان منهم متخصصون في كل ميدان في كل نواحي الحياة.
إن ما كتبه عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى في بعض رسائله لبيان حقيقة الإسلام وصفة مواقف السلف – رضوان الله عليهم – قوله في هذا المعنى “لقد قصر دونهم – أي دون سلف الأمة – أقوام فجفوا وطمع عنهم آخرون فغلوا وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم” تلك هي الوسطية خير وفضل ينأي ويبتعد عن تساهل وتفريط ويتجنب كل تشدد ليس من دين الله تعالى وتجاوز للحد ليس في شرع الله فتكون حينئذ خيرية ووسطية بينية.
وانظر إلى قول الله تعالى (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك) سورة القصص آية رقم ( 77) ليس ذما للدنيا وليس غرقا فيها وتعلقا وجعلها مقصد الإنسان الأول والأخير والله سبحانه وتعالى يقول ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) سورة الأعراف آية رقم ( 32) .
وقد جاءت الآيات بينة وواضحة في إرادته وقصده ووصف الإسلام وتشريعاته باليسر والتيسير فقال تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) سورة البقرة من الآية رقم ( 185) .
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا الدين يسر فأوغل فيه يرفق” القائل هو أعظم الناس التزاما بهذا الدين وأكثرهم أخذا بشرائعه وعباداته ثم يقرر هذه الحقيقة “فأوغل فيه برفق”.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم “إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها . وحين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خير الدين أجاب بقوله (الحنفية السمحة) . وقال أيضا صلى الله عليه وسلم “إن خير دينكم أيسره”.
ولما جاء الرجل يشكو إطالة الصلاة قال صلى الله عليه وسلم ( أيها الناس إن فيكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة) رواه مسلم.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عضو بعثة الأزهر

قد يعجبك ايضا