متى تتحرر الأمة من “قادة التدجين”؟!

القاضي/ بشير الشامي

في هذا الزمن الذي تكشفت فيه الحقائق وتجلَّت، وتساقطت فيه الأقنعة، لم يعد خافيا أن بعض القادة في العالم العربي والإسلامي لا يمثلون شعوبهم بقدر ما يمثلون مصالح خصومهم.
فالأمة اليوم لا تحتاج لمزيد من الوعاظ السياسيين الذين يحدثوننا عن *المصلحة العليا* وهم يدوسون على كرامتنا تحت مسمى الواقعية. فالأمة اليوم لا تحتاج إلى من يطالبها بالصبر على الذل، ولا إلى من يحذرها من التهور إن هي حاولت أن تنتصر لدم طفل أو صرخة أم أو جرح مدينة تُقصف ليلًا ونهارًا.
• إن ما نراه اليوم من خذلان لغزة، ومن تسابق بعض الأنظمة نحو التطبيع، ليس مجرد موقف سياسي يمكن تفسيره بالبراغماتية، بل هو مشروع تدجين كامل، هدفه أن تُكسر روح الأمة، وأن تتحول قضاياها إلى *عبء عاطفي*، وأن يُعاد تشكيل وعي الشعوب لتستسيغ الذل وترى في العدو حليفًا طبيعيًا وفي المقاوم متمردًا.
• التدجين لا يعني فقط ترويض الشعوب بالقوة، بل بخطاب الخنوع وبالإعلام الموجّه وبإعادة تعريف البطولة والخيانة، وبخلق أولويات زائفة تجعل من لقمة العيش مبررًا للتنازل عن القيم الكبرى.
• القادة الذين يمارسون هذا النوع من التدجين لا يقودون شعوبًا، بل يسوقونها نحو مستنقع التبعية والانفصال عن هويتها.
• حين يُطلب من الشعب أن يصمت لأن *السيادة* تتطلب الحياد، وحين يُقمع صوت الغضب لأنه *يحرج النظام*، وحين تُمنع المَسيرات لأن فيها *إثارة للفتنة*، فإننا أمام سلطة لا تخشى العدو فحسب، بل تخشى أن تفيق شعوبها من غفلتها. نحن أمام أنظمة لا ترى في الاحتلال خطرا، بل ترى في الوعي خطرا أكبر.
لكن رغم كل ذلك، فإن هذه الأمة لم تُخلق لتُدجّن. والشعوب، وإن طالت غفلتها، قادرة على أن تستعيد بوصلتها.
• وما نراه من نبضات في الشارع ومن شغف بالقضية ومن رفض للتطبيع .. ومن صرخات في وجه الإعلام المأجور، كلها دلائل على أن روح هذه الأمة لا تزال حيّة، وأن مشروع التدجين مهما تطور .. لن ينجح في قتل الكرامة التي تجري في دماء الأحرار.
من لا يغضب لغزة اليوم، لن يغضب لغداه حين يطرق الاحتلال بابه.
ومن يرى في العدو شريكا وفي المقاوم خصما، فقد خان نفسه قبل أن يخون قضيته.
*إن الأمة لا تحتاج إلى من يعلمها الخوف*، بل إلى من يوقظ فيها الشجاعة. لا تحتاج إلى من يقول لها: *ليس وقت المقاومة*، بل إلى من يقول: *المقاومة وحدها هي الوقت الحقيقي للكرامة*…. فلا كرامة لأمة يدجّنها حكّامها… ولا مستقبل لأجيال تُربّى على الانحناء.
وغدا حين تُكتب الملاحم، لن تُذكر أسماء الساكتين، بل أسماء الذين صرخوا في وجه التدجين وقالوا: *لن نكون عبيدًا لعدونا… ولو كلّفنا ذلك الحياة* ..
#التطبيع_خيانة
#انقذوا_غزةt

قد يعجبك ايضا