
في العام 89 من القرن الماضي اقر زعماء العالم حاجة الاطفال في العالم الى اتفاقية خاصة بهم , تعنى بحاجياتهم ومطالبهم , لأنه غالبا ما يحتاج الاشخاص دون الثامنة عشرة الى رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار .وجاءت اتفاقية حقوق الطفل في الميثاق الدولي لتحدد حقوق الطفل المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتي تم التصديق عليها من اكثر الدول ومن بينها اليمن , وحققت الاتفاقية القبول العالمي تقريبا حيث تم التصديق عليها حتى الآن من قبل 193 طرفاٍ – اكثر من الدول التي انضمت الى منظومة الامم المتحدة او الدول التي اعترفت باتفاقيات جنيف .
وتعهدت هذه الدول ببذل قصارى جهودها لتنفيذ الحقوق التي تضمنتها الاتفاقية وتعهدت حكومات الدول التي اقرت الاتفاقية ارسال تقارير والمثول امام لجنة حقوق الطفل بشكل دوري ليتم فحص مدى التقدم في تطبيق الاتفاقية ووضع حقوق الطفل بشكل دوري ليتم فحص مدى التقدم في تطبيق الاتفاقية ووضع حقوق الاطفال في تلك الدول .
وبعد مضي 25 عاما من إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة على اتفاقية حقوق الطفل بإجماع دولي , اصبح وضع الاطفال في اليمن اليوم افضل بكثير مما كان عليه قبل ربع قرن مضى , لكنه مازال بحاجة الى الكثير من الجهود الصادقة .
وضع الطفولة في اليمن.. بين الانجاز والاخفاق
وفي اليمن تحسن وضع الطفولة كثيرا ولكنه يسير ببطء شديد في كثير من الحقوق ففي التقرير الاخير الذي اصدرته اليونيسف عن وضع الطفولة في اليمن للعام 2014م اشار التقرير الى ان مؤشر معدل وفيات الاطفال تحت سن الخامسة حقق تقدما جيدا بتراجعه الى 77 لكل الف حالة ولادة حية في العام 2011م , كما حققت اليمن مستويات مقبولة من الانفاق على التعليم .فيما تحسن مستوى الامداد بالمياه الى المنازل تحسن من 12% في العا 90 ليصل الى 26% في العام 2011م , واشار التقرير الى ان 53% من الاسر قد قامت بتحسين مرافق الصرف الصحي بحلول 2011م .
لكن في المقابل ذكر التقرير مؤشرات مخيفة تهدد وضع الطفولة في اليمن للحد الذي يكاد يكون كارثيا , فقد بينت مؤشرات اليونيسف ان اليمن تمتلك ثاني اسوأ معدل نمو للأطفال الذين يعانون من نقص الوزن المتوسط والشديد في العالم بنسبة 43% من السكان تحت سن خمس سنوات , كما يعتبر معدل نقص الوزن الشديد في اليمن الاعلى على مستوى العالم والذي يصل الى 19% مما يعني ان واحدا من كل خمسة اطفال صغار السن في اليمن يعاني من نقص الوزن الشديد .
وبينت المؤشرات ان قرابة 30 الف طفل فوق سن السادسة يعيشون او يعملون في الشارع حسب تقديرات عام 2008 م .
لنتحد من اجل الاطفال
وسعيا لتعزيز مفاهيم حقوق الطفل ورفع الوعي لدى مقدمي الخدمات والرعاية والآباء والجهات ذات العلاقة واهمية دورهم في ضمان دعمهم وممارستهم لهذه القوانين , لرفع مستوى الخدمات التي يحصل عليها الطفل وتحسين مستوى الطفولة في اليمن , اطلقت كل من منظمة الفرص المتساوية واليونيسف حملة (25 سنة اقوى ) بالتعاون مع البيت اليمني للموسيقى ومهرجان اليمن الثالث للأفلام من اجل تعزيز الاصوات المحلية المنبثقة من داخل المجتمع اليمني وآثارها على حقوق الطفل خلال الخمس والعشرين سنة الماضية والصعاب التي مازالت تواجه الاطفال اليمنيين حتى اليوم .
وتستهدف الحملة التي تنفذ تحت شعار ( لنتحد من اجل الاطفال ) الاطفال من سن 7-17 سنة في عشر من محافظات الجمهورية والذين يعبرون عن آمالهم وطموحاتهم ومطالبهم من خلال مسابقات وانشطة فنية وثقافية ورياضية مختلفة .كما تستهدف الحملة الآباء والامهات ومقدمي الرعاية والمجتمع ايضا وراسمي السياسات العامة وصناع القرار عبر وسائل الاعلام المختلفة ووسائل الاتصال الجماهيري .وتتضمن الحملة عدة انشطة للأطفال من مختلف الفئات المجتمعية مثل اطفال المدارس والمهمشين والايتام والمعاقين واطفال الشوارع والنازحين وعمالة الاطفال .
ماراثون الاطفال … هذه حقوقنا
دشنت حملة 25 سنة اقوى انشطتها بماراثون رياضي في ميدان السبعين بصنعاء الاسبوع المنصرم شارك فيه قرابة 400 طفل ويافع من مختلف شرائح المجتمع من مهمشين وايتام ومكفوفين واطفال شوارع , حيث وجه الاطفال رسالة للقيادة السياسية مطالبين بتوفير الامان والاستقرار ليعيشوا بصورة سليمة دون اي تهديد يمس حياتهم ومستقبلهم ..
ترى انديرا عطشان المنسق العام لماراثون الأطفال ان هذا الماراثون هو الفعالية الاكبر في الحملة التي ننفذها, وقالت :”حاولنا أن نكسر حاجز الخوف الموجود عند الشعب وعند الاهالي والطلاب من التجمعات نتيجة الاوضاع الامنية وكان الهدف من الماراثون هو التذكير بأن لدينا أطفالاٍ ولهم الحق في الحياة والحق في الحرية والمشاركة وفي كل شيء وهذه الفعالية هي مجرد تذكير لأن 25 سنة مرت والطفل ما يزال يعتبر مهمشاٍ”.
فيما اكد السيد جيري هوبكنز نائب ممثل منظمة اليونيسف في اليمن أن الماراثون والرياضة حق من حقوق الاطفال والمتعة والاستمتاع أيضا حق من حقوق الاطفال . فالرياضة والترفيه والمشاركة بشكل عام هي واحدة من حقوق الاطفال الاساسية ولهذه المهارات الرياضية المختلفة والمتنوعة أثر نفسي وأثر بدني وصحي لدى الاطفال وقد ثبت علميا أنها مفيدة للأطفال نفسيا وبدنيا .
فيما يرى مدير عام الانشطة المدرسية بمكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة عبدالكريم الضحاك ان هناك المزيد من الحقوق التي نتمنى ان تتحقق لأطفالنا وخاصة في هذه الايام , موجها رسالة لجميع السياسيين ولجميع المسؤولين وقادة الاحزاب السياسية ان يْشعروا ابناءنا بنعمة الأمان فإذا ما شعروا بنعمة الأمان فسوف تتحقق بقية الحقوق الاخرى ..
وقال:” الاطفال لديهم الحب لهذا الوطن ولديهم النشاط والحيوية وهناك منهم المبدعون والموهوبون وقد تحققت لهم خلال الـ25 عاماٍ منجزات لا يمكن أن ننكرها والآن أصبح الاطفال اليمنيون ينافسون في كثير من المجالات على المستوى العربي والعالمي ” .
وتمنى الضحاك أن تتحقق الكثير من الحقوق لأطفالنا وخاصة في مجال الانشطة المدرسية وفي مجال النشاط الرياضي وفي مجال الخدمات الصحية والتعليمية وهذه طموحات وأهداف لابد أن تتحقق لأطفالنا ليعيشوا وينافسوا بقية أطفال العالم .
وكيل أول أمانة العاصمة محمد رزق الصرمي اكد اهتمام الحكومة بعدم تهريب الاطفال وعدم تجنيد الاطفال وحماية أطفال الشوارع من الانجرار في الاتجاهات غير السليمة , داعيا اجهزة الامن والدولة إلى حماية الطفل وحماية حقوقه في مجال التربية والصحة وفي كل الاتجاهات .
يرسمون المستقبل
وفي اطار الحملة نظمت مسابقات رسم تنافسية في عشر محافظات رئيسية هي ( صنعاء , ذمار , حجة , الحديدة , مارب , إب , ابين , حضرموت , عدن وتعز ) وشارك مئات الاطفال في هذه المحافظات بهذه المسابقات معبرين بالرسومات الإبداعية المتنوعة عن أنفسهم وأظهرت الرسومات تمسكهم بحقهم في الحياة الآمنة الكريمة والمستقرة والحصول على خدمات تعليمية وصحية حيث جسدت أغلب لوحات المشاركين حقوقا مفقودة يعاني من غيابها الطفل اليمني وتؤثر في حياته بشكل مباشر .
وتنافس الأطفال في كل محافظة على المراكز الثلاثة الأولى والتي تتيح للفائزين من الأطفال الموهوبين عرض رسوماتهم في معرض صور سيقام في كل محافظة خلال مهرجانات جماهيرية لمناصرة حقوق الأطفال في الأيام القليلة القادمة.
الاطفال يعبرون عن مطالبهم بأنشطة مختلفة
وتحوي الحملة في طياتها عدة انشطة معبرة عن مطالب الاطفال فبالاضافة الى مسابقة الرسم التي انتهت مطلع هذا الاسبوع ستقام مسابقة في الغناء يتنافس فيها الاطفال من اجل افضل اغنية تعبر عن حقوقهم وتطلعاتهم وستكون هناك ورشة عمل غنائية للفائزين والموهوبين لإكساب الاطفال اساسيات في الغناء وسيتم انتاج خمس اغاني خاصة بحملة 25 سنة اقوى منها أربع اغاني تقليدية .
كما تنظم الحملة مسابقة في الفيديو سيتم من خلالها استضافة عدد من الاطفال الموهوبين في ورشة عمل لإكسابهم مهارات في اساسيات انتاج الافلام القصيرة ومن ثم سيقوم المشاركون في الورشة مع صانعي افلام محترفين بإنتاج خمسة افلام قصيرة عن الطفولة في اليمن .
وستنظم مسابقات للموهوبين من الاطفال في كتابة الشعر وستقام محاضرات تعريفية بالحملة واتفاقية حقوق الطفل , وسيتم عمل مسابقة الطفل صاحب اجمل صورة تعبر عنه وعن واقع الطفولة في اليمن تتبعها ورشة عمل للفائزين من جميع المحافظات لرفدهم بمهارات التصوير الفوتوغرافي وسيعمل الاطفال المختارون مع مصورين محترفين لنقل الخبرات واكسابهم المهارات الابداعية .
ويدعم الحملة مهرجان الافلام الثالث من خلال توفير فرصة لرفع قضايا الطفولة في المهرجان .
وتختتم الحملة بحفل ختامي سيشارك فيه جميع الفائزين في انشطة الحملة ليعلنوا للمجتمع مطالبهم وآمالهم واحلامهم بمستقبل افضل وواقع اجمل .