الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي لدى الجمهورية اليمنية لـ “الثورة”:


أجرى اللقاء/ علي البشيري –

دعم الصندوق الموازنة اليمنية بـ93 مليون دولار سيسهم في توفير مصادر مالية توجه نحو الإنفاق الاستثماري.

ü .. أهم تحد يواجه مالية الحكومة هو استمرار تدمير خط أنابيب مارب الذي يحمل ما يقرب من ثلث الإنتاج النفطي للبلاد.
– برنامج صندوق النقد الدولي يؤيد جهود الحكومة الرامية للتنفيذ الكامل للضريبة العامة على المبيعات ورفع مستوى الامتثال بين كبار المكلفين.
ü أكد الدكتور غازي شبيكات الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي لدى الجمهورية اليمنية أن الصندوق اقر يوم الأربعاء الماضي برنامج دعم للموازنة اليمنية بمبلغ 93 مليون دولار.
مؤكداٍ أن البرنامج المقر سيساهم في توفير مصادر مالية توجه نحو الإنفاق الاستثماري وتمويل الإنفاق الاجتماعي للأسر الفقيرة ويهدف الصندوق إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيض معدلات البطالة خصوصا في أوساط الشباب.
وأوضح في حديث لـ” الثورة” أن أهم تحد على المدى القصير يواجه مالية الحكومة هو استمرار تدمير خط أنابيب مارب الذي يحمل ما يقرب من ثلث الإنتاج النفطي للبلاد والذي سينجم عنه نقص في إنتاج وإيرادات النفط وما سيترتب على ذلك من عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بما ورد في موازنتها التي قدمتها لمجلس النواب الأسبوع الماضي
وأضاف : كما يؤيد برنامج صندوق النقد الدولي جهود الحكومة الرامية للتنفيذ الكامل للضريبة العامة على المبيعات ورفع مستوى الامتثال بين كبار المكلفين.
وفيما يلي نص اللقاء:
ü مرت اليمن بفترة عصيبة سياسيا واقتصاديا خلال العام الماضي ماهو تقييم صندوق النقد الدولي لتطورات للأوضاع خلال العام الماضي¿
– أدت الأحداث التي مرت بها اليمن خلال العام الماضي إلى انكماش النمو الاقتصادي الكلي لمستويات خطيرة وذلك بسبب التوقف شبه الكامل لنشاط القطاع الخاص والانخفاض الحاد للاستثمارات الرأسمالية الحكومية وغياب التمويل المصرفي ( في جانبي العرض والطلب). وصاحب ذلك ارتفاع مستويات الأسعار القياسية للمستهلك إلى 23 %. كما أن تدمير أهم خطوط أنابيب النفط والغاز وقطع الطرقات وتدمير خطوط نقل الكهرباء أدى إلى تفاقم الوضع والتسبب في أزمات في المحروقات والسلع الأساسية وتدهور الظروف المعيشية لليمنيين وفي تحميل الاقتصاد المزيد من القيود والأعباء. كل ذلك زاد من تدهور الوضع الإنساني لشريحة واسعة من المجتمع اليمني وفقد أكثر من مليون عامل وظائفهم خلال هذه الفترة وساهم في وصول مستويات الفقر المخيفة بالفعل إلى مستويات أسوأ مما كانت عليه من قبل حيث وزاد عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر زيادة كبيرة.
– وخلال النصف الأول من العام 2011م انخفضت قيمة الريال بما يقرب من 15 % في السوق المتعاملة بين البنوك في النصف الأول من 2011م. غير أنه مع نهاية العام بدأت قيمة الريال في الارتفاع مما عكس عودة الثقة في أعقاب الاتفاق الذي تم بواسطة دول مجلس التعاون. ولقد ارتبط الانخفاض الأولي في قيمة الريال بالاضطرابات الداخلية والهروب إلى ملاذ آمن. وكردة فعل قام البنك المركزي ووزارة المالية بعدد من الإجراءات الاحترازية التي أدت جنبا إلى جنب مع ضغط الإنفاق والنشاط الاقتصادي الضعيف إلى احتواء الطلب على النقد الأجنبي والضغوطات على الريال. وللأسف فقد كان الترشيد الأكبر للإنفاق في جانب الإنفاق الاستثماري. ونتيجة لتلك الإجراءات تمكنت الحكومة من المحافظة على الاستقرار الكلي للاقتصاد والحفاظ على عجز الموازنة في حدود مقبولة والحفاظ على الاحتياطيات الخارجية عند مستويات آمنة.
عام صعب
ü ما هي برأيكم أهم التحديات التي تواجهها المالية العامة للدولة وماهي توقعاتكم لوضع الاقتصاد اليمني خلال العام 2012م¿
– إن تقدير وضع الاقتصاد الكلي لعام 2012م أمر معقد بسبب حالة عدم اليقين الكبيرة فيما يتعلق بسرعة التعافي من تبعات الأحداث التي شهدتها البلاد ولكن من المؤكد أن العام الحالي 2012م سيكون عاما صعبا. ونتوقع أن يظل النمو الاقتصادي قليل جدا في ظل استمرار الوضع الأمني الحالي ونقص المحروقات وانقطاع الكهرباء وعزوف البنوك عن تقديم ائتمان للقطاع الخاص واستمرار حالة عدم اليقين وارتفاع معدلات البطالة والفقر. ويتوقع أن يظل معدل التضخم مرتفعا حوالي 17 % نتيجة التحديات سالفة الذكر.
– وعلى صعيد المالية العامة نعتقد أن أهم تحد على المدى القصير يواجه مالية الحكومة هو استمرار تدمير خط أنابيب مارب الذي يحمل ما يقرب من ثلث الإنتاج النفطي للبلاد والذي سينجم عنه نقص في إنتاج وإيرادات النفط وما سيترتب على ذلك من عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بما ورد في موازنتها التي قدمتها لمجلس النواب الأسبوع الماضي كما قد يؤدي إلى ضغط الإنفاق الاستثماري مجددا هذا العام وتراكم المتأخرات المحلية. ولن يؤثر استمرار تدمير خط أنابيب مارب على مالية الحكومة فحسب ولكن سينتج عنه تزايد العجز في ميزان المدفوعات بسبب استيراد المشتقات النفطية لتعويض إنتاج نفط خام مارب وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات خطيرة على مستوى صافي الأصول الأجنبية للبلد . ويحث صندوق النقد الدولي الحكومة اليمنية وكل فئات المجتمع اليمني على التعامل بجدية قصوى مع هذا الأمر والعمل على إصلاح الأنابيب في اقرب فرصة.
– وعلى نفس المستوى من الأهمية يمثل انهيار الإيرادات الضريبية خلال العام الماضي تحديا آخر يواجه مالية الحكومة. وبالطبع فان تحصيل الإيرادات الضريبية مرتبط بتحسين فعالية التحصيل ومرتبط أيضا بتحسن النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص. نرى أهمية تنفيذ الحكومة للإجراءات التي أعلنت عنها في برنامجها المقدم لمجلس النواب والتي أوردتها أيضا في البيان المالي خصوصا ما يتعلق بخلق بيئة أمنه مستقرة للقطاع الخاص لما لذلك من أثر ايجابي على نشاط القطاع الخاص وهو القطاع الذي يعول عليه في تحريك عجلة الاقتصاد ورفع وتيرة النمو الاقتصادي مجددا. كمـا ننوه بأهمية رفع مستوى الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص والذي كان عند مستويات منخفضة للغاية قبل أحداث العام الماضي وزاد في الانخفاض بنسبة عالية خلال العام 2011م بحوالي 17 % بسبب الوضع الاقتصادي غير المستقر.
– كما أن مستوى الإنفاق الجاري العالي الذي ورد في موازنة 2012م وخصوصا ما يتعلق بالإنفاق على فاتورة المرتبات والأجور في ظل تناقص الإيرادات لتمويل هذا المستوى من الإنفاق سينتج عنه تزايد عجز الموازنة العامة للدولة. ونجمت الزيادة في فاتورة الأجور بشكل أساسي عن التزامات سابقة للحكومة بتوظيف أعداد كبيرة من العاطلين واعتماد التسويات والعلاوات المعلقة ونتج عن ذلك ارتفاع فاتورة الأجور للعاملين 2010 و2011م وما سيترتب عليه من زيادة دائمة في فاتورة الأجور للأعوام القادمة.
– واطلعنا على برنامج الحكومة الذي صادق عليه مجلس النواب وعلى أولوياته المتمثلة في استعادة الاستقرار السياسي والأمني وفي تعزيز النمو الشامل والاستقرار الاقتصادي الكلي. وخلال الربع الأول من هذا العام عمل صندوق النقد الدولي مع الحكومة على وضع برنامج إصلاح سريع يتسق في أهدافه مع الأهداف التي وضعتها الحكومة في برنامجها.
دعم عاجل
ü تحدثتم عن برنامج الحكومة مع صندوق النقد الدولي ما هي أهم مكونات هذا البرنامج ¿
– البرنامج الذي أقره مجلس إدارة صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء 4 ابريل يقدم للحكومة اليمنية فورا ما يعادل 93 مليون دولار في إطار “تسهيل الائتمان السريع” الذي يوفره صندوق النقد الدولي للبلدان التي تعاني من صدمات اقتصادية وتتطلب مساعدات عاجلة لتعزيز الوضع المالي والنقدي للبلد. ويؤكد البرنامج المتفق عليه بين صندوق النقد الدولي والحكومة على احتواء عجز الموازنة ورفع مستوى تحصيل الإيرادات غير النفطية و اعتماد نفقات اجتماعية ورأسمالية أعلى. كما يحد البرنامج من الأثر السلبي لتمويل البنك المركزي للعجز على التضخم وسعر الصرف وذلك من خلال الاتفاق على حد اعلي للتمويل المباشر.
– وعلى وجه الخصوص يؤيد برنامج صندوق النقد الدولي جهود الحكومة الرامية للتنفيذ الكامل للضريبة العامة علي المبيعات ورفع مستوى الامتثال بين كبار المكلفين. وكذلك إشراك القطاع الخاص في معالجة عدم الامتثال الضريبي ومعالجة المشكلات المشروعة التي يواجهونها. ومن الإجراءات الهامة ذات العلاقة التي ستقوم بها الحكومة تحسين قاعدة البيانات الضريبية معالجة الاختناقات في عملية تحصيل الضرائب وسداد الحكومة لما عليها من التزامات تضريبية على السلع والخدمات وتعاون الحكومة مع المكلفين المستحق عليهم متأخرات لسداد ما عليهم.
– وفي جانب الإنفاق يؤيد صندوق النقد الدولي قرار الحكومة رفع مستوى الإنفاق الحكومي الاستثماري لمستويات اعلى من الإنفاق الفعلي خلا العام 2011م وكذلك زيادة الإنفاق الاجتماعي في عام 2011م من 2.0 إلى 3.6 % من إجمالي الناتج المحلي. مع ترشيد الإنفاق الجاري من خلال الحفاظ علي الوفورات التي تحققت في دعم المشتقات النفطية في عام 2011م. كما ويشير البرنامج الى ابقاء معدل تمويل البنك المركزي عند مستوي لا يزيد عن 1.3 % من إجمالي الناتج المحلي وهذا المعدل على الرغم من ارتفاعه فإنه أدنى بكثير مما كان عليه في عامي 2010 و2011م.

دعوة للمنظمات الدولية
ü ماهو دورشركاء التنمية والدول المانحة الشقيقة والصديقة خلال هذه الفترة العصيبة التي يمر بها الاقتصاد اليمني¿
– نعول على الدول والمنظمات المانحة تقديم الدعم المالي للحكومة والاقتصاد اليمني وتوجيه المزيد من الاستثمارات للبنية التحتية لضمان تحقيق النمو المستمر والشامل. ونستحثهم على المساهمة في تمويل فجوة عجز الموازنة. والمساهمة في اخراج اليمن من هذا المنعطف التاريخي الحرج الذي تمر به البلاد والذي تزيد فيه التوقعات المطلوبة من الحكومة الجديدة في ظل ظروف سياسية واجتماعية لا تزال عسيرة إلى حد كبير.

قد يعجبك ايضا