1079مشروعا متعثر ا بسبب الفساد

الفساد له دور كبير في تعثر المشاريع في اليمن والتي وصلت إلى 1079 مشروعا بلغ إجمالي المنصرف عليها حوالي 50 مليار ريال .كما ساهم في تدهور كفاءة الإنفاق الاستثماري العام مسبباٍ تدنياٍ سريعاٍ في البنية التحتية والخدمات الأساسية فالرشاوى والعمولات فاقمت سوء استخدام الموارد المخصصة وأدت إلى زيادة كلفة المشاريع واختيار المشروعات الرديئة وغير المواتية للمواصفات السليمة ’فعلى الرغم من تواضع الاعتمادات المرصودة سنوياٍ في الموازنة للإنفاق الرأسمالي والاستثماري بالمقارنة بمتطلبات التنمية.

إلا أن التنفيذ الفعلي يسفر وبشكل مستمر عن صافي وفر والذي بلغ خلال سنوات الخطة الخمسية الثالثة 2006م- 2010م بحوالي (770) مليار ريال بنسبة (31%) من إجمالي الربط المقدر لتلك السنوات والبالغ (2,464.6) مليار ريال وبلغ صافي الوفر المحقق خلال عام 2011م (246.3) مليار ريال بنسبة (59.6%) من الربط المقدر الأمر الذي ينعكس سلباٍ على الأثر التنموي للموازنة وعلى قدرتها على دعم السياسات الاقتصادية والدفع بعجلة التنمية الشاملة والمستدامة وتحقيق معدلات النمو المستهدفة .

اختلال

وتزداد حدة المؤشرات السابقة في ظل وجود العديد من الاختلالات الإدارية والتنظيمية التي تصاحب الإجراءات المرافقة لاستخدام الموارد المالية المخصصة للإنفاق الاستثماري والتي ساعدت في بطء وتعثر تنفيذ وإنجاز العديد من المشاريع الاستثمارية يصاحبه ارتفاع في كلفة التنفيذ وعدم الاستفادة من العوائد والمزايا الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بإنجاز تلك المشاريع.
وطبقا لدراسة حديثة صادرة عن المرصد الاقتصادي والموسومة بعنوان توجيه الإنفاق على البنية التحتية وآثاره الاقتصادية والاجتماعية فإن هناك تعثر في تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في البنية التحتية الممولة خارجياٍ لفترات طويلة وعدم البدء في استغلال التمويلات المخصصة لها منذ عامي 2006م 2009م نتيجة عدم التخطيط السليم لتلك المشاريع وعدم كفاءة التنسيق بين الجهات المعنية والممولين ومن ذلك : مشروع كهرباء الريف الممول من منحة هيئة التنمية الدولية مشروع مرافق الصرف الصحي سيئون تريم الممول من قرض الصندوق العربي وتعثر تنفيذ العديد من المشاريع التنموية والهامة الممولة خارجياٍ أثناء تنفيذها دون وضع حلول عاجلة لتلك التعثرات مما يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد جراء تعثر تلك المشاريع الحيوية ومن ذلك مشروع قطاع الكهرباء الممول بقرض هيئة التنمية الدولية رقم (4289) وبمبلغ (50) مليون دولار نتيجة لضعف أداء الاستشاري وتأخره في إنجاز تصاميم ووثائق مناقصات المشروع منذ 2007م حيث لم يستغل من القرض سوى مبلغ (2.6) مليون دولار بما نسبته (5.2%) من إجمالي قيمة القرض بالإضافة إلى مشروع برنامج دعم قطاع المياه الممول بالعديد من المنح (البنك الدولي الحكومة الهولندية الحكومة الألمانية الحكومة اليمنية) نتيجة لعدم كفاءة التنسيق بين الجهات الممولة والجهات المعنية وضعف الإشراف من قبل وزارة المياه والبيئة .

جدوى القروض

وأكدت أن هذا التعثر ترتب عليه إضعاف الجدوى من الاقتراض الخارجي نتيجة تأخير جاهزية المشاريع وتأخير إجراءات البدء بتنفيذ مكوناتها وبالتالي تعثرها لسنوات عدة وإجراءات التعديل والشطب وإعادة هيكل مكونات المشاريع وما يترتب عليه من بطء في استيعاب التمويلات المخصصة لها من القروض وكذا المنح بخلاف ما ورد في وثائق المشاريع ووثائق التمويل وبالتالي تأخير الإنجاز والانحراف عن المستهدف من المشاريع وإلى درجة عدم إنجازها لمعظم أهدافها في المواعيد المخططة لها . ورغم ما تقدم إلا أنه تم التعاقد على قروض خارجية جديدة لتمويل بعض تلك المشاريع رغم عدم استغلال كامل القروض السابقة المخصصة لها لتعثر تنفيذها في المراحل السابقة ومن أمثلة ذلك :مشروع تطوير وتحديث مطار صنعاء الدولي مشروع الطرق الرئيسية ,وهذا ناتج عن عدم الربط بين عدد المشاريع الجديدة التي تحتويها الموازنة وعدد المشاريع المتعثرة فعلى الرغم من تزايد عدد المشاريع المتعثرة من سنة إلى أخرى فإنه يتم إضافة مشاريع جديدة إليها وقد ترتب على ذلك تراكم المشاريع المتأخرة و تراكم المديونيات وارتفاع في تكاليف المشاريع وفي فترات التنفيذ وتدن في المواصفات والمقاييس. كما ترتب على ذلك عدم التوازن بين المشاريع المنفذة والمبالغ المخصصة لتشغيلها مما ترتب على ذلك وجود عدد كبير من المشاريع الجاهز والتي لا يستفاد منها ومع ذلك إن عدد المشاريع المدرجة في الموازنة من نفس النوع في تزايد مستمر.
وأشارت إلى أن إدراج المشاريع الاستثمارية في الموازنة لا يتم وفقا لأي أولويات اقتصادية أو اجتماعية إنما بحسب نفوذ من يقفون وراءها سواء كان هؤلاء هم المستفيدين منها أو المنفذين لها. ونتيجة لذلك فإن إجراءات المناقصات في الغالب شكلية. فلا يهم أن يكون هناك دراسات جدوى فعلية أو حتى أهمية اقتصادية أو اجتماعية أو حتى مخصصات مالية كافية فإن ما يتبناه المتنفذون يتم تبنيه وبالتالي إدراجه في الموازنة العامة.
وعندما تناقش وزارة المالية مشاريع موازنات الجهات فإنها لا تدرس مبررات مطالبات الجهات من المخصصات وإنما تطالبها بتخفيض ما تم ربطه لها في السنوات الماضية سواء كان هناك أسباب تبرر التخفيض أم لا. وترد الجهات بالرفض. وفي نهاية المطاف فان وزارة المالية تعتمد مخصصات الجهات في السنة المالية كحد ادني لمخصصاتها في الموازنة القادمة مع إعطاء زيادة بنسب محدد مسبقا لبعض البنود والأنواع. وقد تحصل على نسب زائدة كبيرة في بعض المخصصات يعتمد على قدرة التفاوض والنفوذ كما أن تقارير اللجان بمجلس النواب في دراستها لبيان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بشأن حسابات الوزارات والهيئات ومشاريع البنية التحتية تظل لأكثر من خمس أعوام ماضية مكدسة في الأدراج بدون مناقشة للوقوف أمامها لمحاسبة المخالفين وإحالتهم إلى القضاء والتعرف على أسباب تعثر المشاريع .

انعدام الشفافية

من جانب آخر أهدر الفساد موارد عامة كان من شأنها أن ترفد مشاريع البنية التحتية الإستراتيجية وتغذي شريان الاقتصاد الكلي بما يحقق نسباٍ مرتفعةٍ للنمو الاقتصادي وخلق فرص عمل للعاطلين بسبب فساد عقود النفط وعدم الشفافية الكاملة لإيرادات النفط واستهلاك المشتقات النفطية وتهريبها إلى الخارج وضعف الرقابة على حسابات الشركات وتلاعبها بنفط الكلفة وقد أْهدر من موارد النفط تحت مسمى اعتمادات إضافية (إنفاق خارج الموازنة) ما يربو على عشرة مليارات دولار خلال السنوات الماضية.
ولعل أبرز شواهد الفساد ذات العلاقة بموضوع الشراكة والتي تعيق التدفق السلس للموارد والتوظيف الأمثل لها هو تدني مستوى كفاءة الوحدات الحكومية (الوزارات والهيئات العامة) في إدارة وتشغيل ومراقبة تنفيذ المشروعات مما انعكس على ضعف الإجراءات التحضيرية اللازمة لاستيعاب موارد المانحين مثل بطء إعداد الجدوى والتصاميم وعدم استكمال كافة وثائق المناقصات وتأخير إنجازها وإعلانها مما يسبب ارتفاع كلفة المشروعات إضافة إلى ضعف أو غياب الشفافية في إجراءات المناقصات رغم وجود قانون للمناقصات الأمر الذي يفتح المجال للتجاوزات والفساد والتدخلات من أصحاب المصالح. كما أن غياب معايير ومدونة سلوك تنظيم عمل المقاولين وغياب قائمة سوداء (أو عدم تفعيلها إن وجدت) يفسح المجال للتلاعب والتجاوزات وسوء التنفيذ للمشروعات. وانعكس ببالغ السوء على توزيع الثروة والدخل وضعف النمو الاقتصادي وبالتالي تصاعد حدة مشكلتي الفقر والبطالة.
ولذلك فإن قضية الفساد هي إحدى مصادر التوتر في شراكة اليمن مع المحيط الإقليمي والدولي فالجهات المانحة لا تزال تؤكد على أهمية مجابهة الفساد وأن الحكومة اليمنية لم تعمل بما فيه الكفاية للحد من تصاعد الفساد فما اتخذته الحكومة من سياسات وإجراءات لمكافحة الفساد لم تكن فعِالةٍ ولا مؤثرةٍ في كبح حجم الفساد ومازال دور هيئات مكافحة الفساد (الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد) ضعيفاٍ وشكلياٍ ولم تصل الهيئة بعد إلى حالات الفساد الكبير .
وتدل هذه النتائج على حجم خطورة الفساد الذي كان سبباٍ رئيسياٍ في تقويض التمويل اللازم لمشاريع البنية التحتية ووصول اليمن إلى حافة الفشل والانهيار الأمر الذي يتطلب عملية تغيير وإصلاح شامل مقترناٍ بإرادة قوية وطنية. ولا ريب أن مكافحة الفساد والحد من إهدار المال العام يكفل تمويلاٍ مستداماٍ لمشاريع البنية التحتية.

قد يعجبك ايضا