بينما يغرق العالم العربي في صمتٍ مدوٍ وتخاذلٍ مريب، تقدّمت إيران بثبات لتتصدّر مشهد الانتصار لقضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. لم تكن فلسطين في نظر طهران ورقة سياسية، بل عهدٌ لا يُنكث، ومسؤولية دينية وثورية.
إيران لم تكتفِ بالشعارات، بل جسّدت التزامها بالفعل.. دعمت حركات المقاومة بالمال والسلاح، وقدّمت شهداء من قادتها، وفتحت كل قنواتها العسكرية والسياسية والإعلامية لنصرة فلسطين. بينما كانت بعض العواصم العربية تفتح أبوابها للعدو الصهيوني، كانت طهران تفتح مستودعاتها للمقاومة.
في المقابل، وقفت الأنظمة العربية وقادتها على هامش التاريخ: مطبعين، متفرجين، أو محاربين للمقاومة ذاتها. وكأنّ غزة لا تنزف، وكأنّ القدس لا تُغتصب، وكأنّ فلسطين لا تعنيهم.
أما إيران، فقد تجاوزت مرحلة الدعم بالكلمات، وردّت عمليًا على الكيان الصهيوني بصواريخها الدقيقة، التي حولت قواعده العسكرية إلى رماد، وأثبتت أن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة. لقد قلبت المعادلة، وأعلنت أن زمن الردع الصهيوني انتهى، وأن محور المقاومة لن يصمت بعد اليوم.
وهكذا، وقفت إيران موقفًا مشرفًا باسم كل من خانوه، وقالت بوضوح: “القدس لا تُباع، وغزة ليست وحيدة”.
واليوم، وبينما تترنح مدن الكيان تحت وطأة الصواريخ الدقيقة التي تطلقها إيران، تتكشف الحقيقة للعالم أجمع: من يقف مع فلسطين حقًا؟ ومن يتاجر بها؟ لقد مرغت إيران أنف العدو الصهيوني في التراب، وأكدت أن الكيان ليس إلا وهمًا متضخمًا يمكن إزاحته بالإرادة والسلاح والعقيدة.
قواعد عسكرية إسرائيلية تحوّلت إلى ركام، منظومات دفاعية متطورة شُلّت أمام الضربات، والمستوطنون يُسارعون إلى الملاجئ… هذا ليس مشهدًا من خيال، بل واقع فرضته معادلة جديدة رسمتها إيران باسم كل مظلوم في هذه الأمة.
في الوقت الذي تنفق فيه بعض الأنظمة العربية ثرواتها على حماية العروش والتطبيع، أنفقت إيران جهدها ودماء أبنائها من أجل حماية شرف الأمة ومقدساتها. إنها مفارقة كاشفة بين من يقف في صف الأمة، ومن يصطف في خنادق أعدائها.
إن انتصار إيران ليس لإيران وحدها، بل هو انتصار لكل حرٍّ، لكل مقاومٍ، لكل عربيّ ومسلم يرى في فلسطين قضيته الأولى. وبهذا تثبت طهران أنها ليست دولة في هامش الجغرافيا، بل في قلب الصراع، وفي طليعة المعركة ضد الاستكبار والاحتلال.