تأثيـــرات سلبيــة


الثورة الاقتصادي/عبدالله الخولاني –

كثيرة هي الصدمات المالية التي يتعرض لها الاقتصاد اليمني لكن تراجع أسعار النفط عالميا ستكون أكثرها خطورة خاصة وأن الإيرادات النفطية المصدر الرئيسي لتمويل الموازنة العامة للدولة حيث ساهمت بحوالي 70% من إجمالي عام الموارد العامة في المتوسط للفترة 2006 – 2013م. أي ما نسبته 20% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال نفس الفترة.

التراجع العالمي لأسعار النفط سيكون بمثابة القشة التي ستقسم ظهر الاقتصاد الوطني الذي يعاني من مشكل كبيرة ومركبة ويأتي تراجع إنتاج النفط الخام على رأس هذه الصعوبات, فالإيرادات النفطية المصدر الرئيس لرفد الخزينة العامة.
وبالنسبة لليمن تحتل الموازنة العامة أهمية خاصة باعتبارها من الدول الأقل نمو التي تحتاج إلى توجيه النفقات العامة لتحسين المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية المتدنية والضعيفة وإلى تعزيز وإنشاء سلع وخدمات البنية الأساسية ,ومن ناحية أخرى تشكل الموازنة 30 – 40 من الناتج المحلي الإجمالي الأمر الذي يجعلها محركا أساسيا لحفز الأنشطة الاقتصادية المختلفة بما في ذلك أنشطة القطاع الخاص. كما تعتبر الأداة الرئيسية لتحقيق الرعاية والرفاه الاجتماعي للمواطنين كما تؤدي السياسة المالية (مع السياسية النقدية) دورا هاما في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بما في ذلك المساهمة في استقرار سعر الصرف والحد من ارتفاع معدلات التضخم.

تذبذب
شهد أداء الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2001 -2013م تبايناٍ كبيراٍ, إذ تراوح هذا الأداء بين تحقيق فائض في عام 2001م وعجز بلغت نسبته 2% إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2002 – 2005م.
وبعد تمكن الموازنة العامة من تحقيق فائض في عام 2006 عاد العجز للظهور والاستمرار خلال الفترة 2007-2013م وتراوحت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي بين 7.2% و8.6% و9,7%, ويرجع هذا التذبذب في أداء الموازنة العامة بصورة أساسية إلى اعتمادها الكبير على إيرادات النفط الخام المصدر والتي تتوقف بدورها على إنتاج النفط الخام المستخرج وتذبذب أسعاره في الأسواق العالمية.

النضوب
اتجاه إنتاج النفط الخام نحو النضوب. فهناك انخفاض مستمر وحاد في حصة الحكومة من إنتاج النفط الخام التي تراجعت من 102 مليون برميل عام 2000م إلى حوالي 85.7 مليون برميل عام 2006م ثم إلى حوالي 60 مليون برميل عام 2010م و50 مليون برميل في 2013م.
وفي ضوء الاحتياطي المثبت يتوقع أن يستمر مسار الانخفاض مستقبلاٍ مما يمثل تهديد قاتل لاستدامة الموارد العامة كما سيكون له انعكاس سلبي على الاستقرار المالي, ومثالاٍ على ذلك خسارة الموازنة لحوالي نصف الإيرادات النفطية عام 2009م بسبب أثر الأزمة المالية العالمية على أسعار النفط الخام مما أجبر الحكومة على خفض بعض بنود الإنفاق العام في الموازنة وأدى لتصاعد عجز الموازنة العامة لرقم قياسي بلغ 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

حشد الموارد
إن التراجع الراهن لإنتاج النفط وانخفاض الأسعار العالمية يرسل إشارة حمراء لا ينبغي أن نفهما للوقوف ولكن للاستنفار وحشد كل الطاقات اللازمة للتغلب على ذلك التحدي. وما يبعث على الأمل أن معظم أرض اليمن لم تخضع لأعمال التنقيب والاستكشاف بما في ذلك المناطق البحرية فمن بين 100 قطاع استكشافي تم العمل حتى الآن في قطاع استكشافي فقط. كما تحتضن الأرض اليمنية الكثير من الخامات المعدنية التي تتوفر بكميات تجارية كالحديد والنحاس وخامات الأسمنت والصخور البركانية وأحجار البناء والزينة والجبس والرخام والجرانيت وغيرها, وإدراكاٍ لذلك ينبغي توفير الاستقرار الأمني ومن ثم تكثيف الجهود لتوسيع دائرة البحث والتنقيب على النفط والغاز وتعظيم استفادة الدولة من الاتفاقيات الموقعة, إضافة إلى رفع كفاءة استخدام الموارد المتاحة وإعادة هيكلة الإنفاق العام بما يضمن توجيه حصة أكبر منه نحو تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة ذات الميزة النسبية ولما من شأنه توليد فرص العمل ورفع الإيرادات الضريبية مستقبلاٍ ومن ثم تنويع مصادر الإيرادات العامة.

دعم المشتقات النفطية
سيكون بند دعم المشتقات النفطية هو المستفيد الوحيد من تراجع أسعار النفط عالميا حيث تمثل قضية دعم المشتقات النفطية أحد قضايا الإصلاحات المؤجلة التي تم التعامل معها بصورة جزئية بين فترة وأخرى مما أدى إلى تصاعد فاتورة الدعم بصورة كبير وأصبحت تمثل عبء كبير على الموازنة العامة للدولة التي تكبدت تسديد فاتورة الدعم الفعلي للمشتقات النفطية والذي بلغت حوالي4.1 تريليون ريال خلال الفترة 2000 – 2013م – ما يعادل 18,2مليار دولار كما شكل الإنفاق على الدعم حوالي 22% من النفقات العامة خلال الفترة 2000 – 2013م. ونظراٍ لاتجاهه التصاعدي فقد استحوذ في بعض السنوات القليلة الماضية على ما يقارب ثلث النفقات العامة.

قد يعجبك ايضا