شعار الصرخة والمقاطعة الاقتصادية.. فيتو عملي يرفعه اليمنيون بوجه أمريكا وإسرائيل

 

¶ تفاعل شعبي ورسمي لتفعيل سلاح المقاطعة وإجراءات إلزامية لمقاطعة المنتجات الأمريكية

¶ كرت أحمر لبضائع العدو بعد مهلة الرئيس للتجار ثلاثة أشهر لتصفية البضائع الأمريكية من اليمن

الثورة /يحيى الربيعي

في خضم حمأة العدوان الصهيو-أمريكي المتصاعد على المدنيين من الأطفال والنساء والإمعان في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بغزة وفلسطين، وتحت وطأة الصمت الدولي المخزٍي، والذي يتردد صداه أقوى من أي وقت مضى، يبرز شعار «الصرخة في وجه المستكبرين»، الذي أطلقه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، طاب ثراه، والذي تحول إلى بوصلة حكيمة وخيار استراتيجي للأمة الإسلامية قاطبة، وللشعب اليمني الأبي على وجه الخصوص ، لتكون عقيدة إيمانية راسخة تتجسد في اليمن بأبهى صورها في مسيرة المقاطعة الشاملة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، لتعلن عن نفسها كسلاح فاعل ضمن منظومة المواجهة الشعبية في المعركة الاقتصادية ضد أعداء اليمن والأمة جمعاء .

شعار وعمل

وفي تطور نوعي يعكس إرادة القيادة وتطلعات الشعب، وجه فخامة المشير الركن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار بفرض إجراءات إلزامية لمقاطعة المنتجات الأمريكية. وخلال زيارته الأخيرة للوزارة، منح المشاط التجار مهلة ثلاثة أشهر لتصفية البضائع الأمريكية، مؤكداً على اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق المخالفين، هذه الخطوة الجريئة تجسد إصرار القيادة على تحويل المقاطعة من فعل شعبي عفوي إلى سياسة دولة ملزمة وواضحة المعالم.

وفي خضم الاحتفاء بالذكرى السنوية للصرخة، وفي ظل العدوان الصهيو-أمريكي المستمر على غزة، والذي يبلغ أوجه في وحشيته وهمجيته، يتجلى مبدأ المقاطعة في اليمن كواقع عملي لا يقبل التهاون. فبالتزامن مع إعلان النفير العام للقبائل اليمنية لإسناد الشعب الفلسطيني، أطلقت حكومة التغيير والبناء حملة واسعة لتفعيل جبهة المقاطعة الاقتصادية، وقد أعلن وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار، المهندس معين هاشم المحاقري، عن جهود الوزارة الحثيثة لرفع سلاح المقاطعة في وجه البضائع الأمريكية والإسرائيلية، امتثالاً لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية. وأوضح الوزير أن إجراءات إلزامية سيتم تفعيلها خلال ثلاثة أشهر لمنع دخول تلك المنتجات إلى السوق اليمنية، مع تفعيل عقوبات رادعة للمخالفين، وأشاد بالتفاعل الإيجابي من القطاع الخاص والمجتمع مع هذه القرارات، مؤكداً أنها تعبر عن موقف اليمن المبدئي والديني الراسخ، كما أطلق المحاقري حملة توعوية شاملة ضد دعم الشركات المتورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي، محذراً من أن أي مساهمة في دعمها تُعد مشاركة مباشرة في العدوان على الأطفال والنساء في غزة.

تفاعل تجاري

وأشاد أعضاء الاتحاد العام للغرف التجارية ورجال الأعمال بقرار مقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، معبرين عن التزامهم الكامل بنصرة المقاومة الفلسطينية والانصياع للقرارات الوطنية ، حيث أبدوا إعجابهم الشديد بجودة المنتجات اليمنية ، وابتكارات الأسر المنتجة الحاصلة على شهادات جودة من هيئة المواصفات والمقاييس، والتي استطاعت أن تكسب ثقة المستهلكين لتكون بديلاً عن منتجات الأعداء ، وأكدوا أن الأسرة اليمنية، بإرادتها الصلبة وعملها الدؤوب، أصبحت قادرة على تجاوز التحديات الصعبة وتسهم في تطوير المنتج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

جدوى المقاطعة

في نفس السياق يتصاعد الوعي الشعبي وتتنامي قوة المقاطعة كسلاح فاعل، ووجدت العديد من الشركات العالمية الكبرى نفسها في مرمى النيران، مُجبرة على مواجهة التداعيات الاقتصادية لمواقفها التي يُنظر إليها على أنها منحازة للاحتلال الصهيوني، و»الصرخة» التي انطلقت مدوية في وجه المستكبرين، لم تعد مجرد شعار وهتاف في الساحات، بل تحولت إلى واقع اقتصادي مؤلم يُرخي بظلاله القاتمة على أرباح هذه الشركات وقيمتها السوقية.

تشير التقارير الصادرة في أوائل عام 2024 ويناير 2025 إلى أن عملاقي الوجبات السريعة والقهوة، ماكدونالدز وستاربكس، كانا في مقدمة المتضررين من حملات المقاطعة المتزايدة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. ففي ظل الغضب الشعبي المتصاعد تجاه مواقف يُنظر إليها على أنها داعمة لإسرائيل، شهدت مبيعات وأسهم الشركتين انخفاضًا ملحوظًا. وتذهب بعض التقديرات إلى حد الإشارة إلى خسارة ماكدونالدز لما يزيد عن 7 مليارات دولار من قيمتها السوقية، بينما لم تكن ستاربكس بمنأى عن هذا التأثير، حيث أشارت تقارير أخرى إلى تكبدها خسائر مماثلة.

سلاح الشعوب

لم تكن المقاطعة وليدة اللحظة، وإنما سلاح تاريخي لجأت إليه الشعوب الحرة في مواجهة الظلم والاستعمار، فمن إضراب عام 1936 في فلسطين، إلى تجربة المهاتما غاندي في الهند، ومقاطعة الشعب الفيتنامي للمحتلين، وصولاً إلى الانتفاضة الفلسطينية المباركة، أثبتت المقاطعة فعاليتها كأداة ضغط شعبي واقتصادي مؤثرة، واليوم، يقدم الشعب اليمني نموذجاً فريداً في تفعيل سلاح المقاطعة، انطلاقاً من إيمانه العميق بعدالة قضيته والتزامه بنصرة إخوانه في فلسطين. ففي الوقت الذي تتخاذل فيه أنظمة عربية وإسلامية عن اتخاذ خطوات حقيقية لمواجهة العدوان والتعحرف الصهيوني الأمريكي على إخواننا الفلسطينيين، يبرز اليمن بشجاعة ليقود هذه المعركة الاقتصادية، مؤكداً أن «الشعار سلاح وموقف» وليس مجرد كلمات وإنما فعل مقاومة مستمر ومتصاعد.

قد يعجبك ايضا