
الحديدة/ فتحي الطعامي –
> مدير الشرطة: نعمل على تحريك الدوريات بهدف القبض على من يحملون السلاح دون تراخيص
> مواطنون: الجهات الأمنية لا تقوم بواجبها تجاه ظاهرة العبث بالسلاح التي تزهق أرواح الأبرياء
إطلاق الرصاص الحي والعبث بالأسلحة النارية باتت ظاهرة تثير قلق وخوف المواطنين في محافظة الحديدة نظرا لما تخلفه من سقوط ضحايا بين قتلى ومصابين وأضرار أخرى مادية ونفسية.
فخلال الفترة القليلة الماضية شهدت مدينة الحديدة سقوط العديد من الضحايا والذين لقوا مصرعهم نتيجة سقوط الرصاص الراجع (المجهول) عليهم نتيجة لإطلاق تلك الرصاص من بعض أشخاص غير مكترثين بحياة الناس وأرواحهم .. وبالرغم من الإجراءات التي تتخذها الجهات الأمنية لملاحقة هؤلاء الأشخاص الذين يطلقون الرصاص الحي في الهواء أو الذين يحملون السلاح بدون ترخيص إلا أن هذه الظاهرة ما تزال متزايدة ليتزايد معها أعداد الضحايا ..
كانت محافظة الحديدة إلى وقت قريب تعد من محافظات الجمهورية التي يسودها الأمن والاستقرار نظرا لتحلي أبنائها بالمدنية وبعدهم عن اللجوء الى العنف واستعمال السلاح ناهيك عن إطلاق الرصاص بشكل عبثي غير أن ثمة مشكلة بدأت في الظهور تتمثل في انتشار ظاهرة حمل السلاح والتفاخر بذلك وإطلاق الرصاص الحي في المناسبات والأعراس التي تقام في الحارات والأحياء والمكتظة بالسكان.
هذا السلوك غير المدني أصبح مشكلة مؤرقة لأبناء الحديدة المسالمين والذين يؤكدون أن هذه الثقافة (حمل السلاح) ليست من ثقافتهم ولا تتعلق بمورثهم وأن على الدولة القيام بمسؤولياتها للحد من هذه الظاهرة وبما يحافظ على أرواح الناس..
فاجعة
غالبا ما يفجع أبناء الحديدة بضحايا الرصاص الحي (المجهول) والتي تخلف العديد من الضحايا بين قتلى وجرحى لا يعرف لهم غريم .. فعلى سبيل المثال حادثة سقوط العديد من الرصاص بداية الشهر الجاري في أحياء سكنية والتي فجعت مدينة الحديدة جراءها بوقوع عدد من الضحايا نتيجة سقوط تلك الرصاص الحي الراجع على أجسادهم سقط بعضهم قتلى .. فالطفل عبد الواسع أحمد الطلحي 12 عاماٍ والذي كان يلعب أمام منزله في حي الربصة جنوب مدينة الحديدة مع بعض أصدقائه سقط ملطخا بدمائه بعد أن اخترقت طلقة نارية كتفه لتصل الى القلب ويسقط على الفور على الأرض .. أصدقاء عبد الواسع حاولوا عبثا إيقاظه لكنه لم يستيقظ رفعوه من الأرض ليشاهدوا الدماء تسيل من صدره وهو في سكون تام .. فتوجه الأطفال الى والدة عبد الواسع ليخبروها بما حصل .. وما أن تأكدت الأم مما حدث لابنها حتى سقطت مغشيا عليها وتسعف الى أحد المستشفيات وهي في حالة خطيرة.
مصرع الطفل الطلحي
أحمد الطلحي والد الطفل والذي كان في عمله أثناء تلقيه خبر مقتل ابنه قال: اتصل بي أحد الجيران ليخبرني بما جرى لابني وعن حالة زوجتي التي أسعفت إلى المستشفى لأهرع للمنزل لأتأكد كان ابني فعلا قد فارق الحياة نتيجة سقوط رصاص راجع لا نعرف من أطلقها ومن أي منطقة وبعد التأكد من صحة الخبر بلغنا الجهات الأمنية والبحث الجنائي والذين أبلغونا فيما بعد بأنهم قد مشطوا المنطقة لمعرفة مصدر الرصاص لكنهم لم يعثروا على أي شخص في المسافة المحددة جنائيا من قبلهم وأنا الآن أوكل أمري لله وسأقوم بمتابعة حالة زوجتي التي هي الآن في حالة خطير نتيجة الصدمة..
وأضاف الطلحي: أنا أستغرب من الجهات الأمنية في المحافظة أنها لا تقوم بملاحقة الأشخاص الذي يعبثون بأرواح الناس وحياتهم وإلقاء القبض عليهم.. ومن المؤكد أن الذي يقوم بإطلاق الرصاص الحي دون أي مسئولية قد تجرد من الأخلاق والمسئولية لكونه غير مكترث بما يخلفه العبث الذي يمارسه من ضحايا.. ابني عبد الواسع توفي نتيجة العبث بالسلاح ولا أريد أن أرى ضحايا يلقون مصير ابني وأنا أرجو وأطالب الجهات الرسمية والأمنية في المحافظة تحمل مسئولياتها في منع هذه الظاهرة والقبض على من يقومون بإطلاق الرصاص الحي حتى لا تتكرر مأساتنا بفراق أبرياء آخرين.
ضحيتان لـ”الراجع”
وعلى مقربة من منزل الطلحي وقبل أيام من حادثة مقتل عبد الواسع لقيت فتاة تبلغ من العمر 17 عاما مصرعها بعد سقوط الرصاص الحي الراجع عليها أثناء تنظيفها لحوش منزلها ويقول والدها محمد حكمي: كانت ابنتي وكما هي العادة تقوم بتنظيف حوش المنزل وكنا نتكلم معها في ذلك الوقت وما هي إلا لحظات حتى سقطت ابنتي على الأرض ليتبين لنا بعد أخذها أن رصاصة راجعة اخترقت صدرها والدماء تسيل منه قمنا بإسعافها إلى المستشفى لتفارق الحياة بعد ساعة من الإسعاف.. مصيبة وقعت علينا ونسأل الله أن يعصم قلوبنا وأن يعاقب من كان السبب ..
وفي حارة الزهور شمال مدينة الحديدة ومع بداية الشهر الحالي لقيت طفله رضيعة تبلغ من العمر سنة ونصف مصرعها أثناء قيام والدتها برضاعتها في حوش منزلها وذلك أثناء سقوط رصاصة راجعة اخترقت كتف الأم ومن ثم انتقلت لتستقر في قلب الرضيعة والتي فارقت الحياة على الفور بينما أسعفت الأم إلى أحد بالحديدة لتلقي العلاج.
تحريك الدوريات
إدارة شرطة الحديدة أكدت أنها تعمل على الحد من هذه الظاهرة وتقوم بمطاردة من يقومون بحمل السلاح والذين يقومون بإطلاق الرصاص الحي والقبض عليهم نظرا لخطورة هذه الظاهرة وما تخلفه من أضرار تتمثل في سقوط قتلى وجرحى ..
وقال العميد محمد المقالح مدير شرطة الحديدة: نحن نعمل على تحريك الدوريات في شوارع وأحياء وحارات المحافظة للقبض على حاملي السلاح بدون ترخيص وكذا الذين يقومون بإطلاق الرصاص الحي .. كما أن إدارة أمن المحافظة تعمل على الوصول للأماكن التي يتم فيها إطلاق الرصاص سواء كانت من قبل مجاميع مسلحة أو التي يتم إطلاقها في الأعراس ويتم القبض على من يقوم بذلك بغض النظر عن شخصه ومكانته.
مخالفة قانونية
وأضاف المقالح: إن حمل السلاح دون ترخيص وكذا إطلاق الرصاص يعد مخالفه قانونية يعاقب عليها القانون كون ذلك يتسبب في إلحاق الضرر بحياة الناس وأرواحهم .. ونحن نعمل على جعل المحافظة كما هي دائما محافظة مدنية بعيدة عن ثقافة العنف واللجوء إلى السلاح واستخدامه .. لكن هناك تقصيراٍ من قبل الجهات ذات العلاقة وفي مقدمتها العقال وأعضاء المجالس المحلية في المديريات التي لا تقوم بتبليغ الجهات الأمنية عن الجهات والأشخاص الذين يقومون بإطلاق الرصاص بالإضافة إلى تعاون عقال الحارات في الحد من ظاهرة حمل السلاح وإطلاق الرصاص.
وكشف المقالح أن شرطة الحديدة عقدت مؤخرا لقاء مع عقال الحارات لإلزامهم بمتابعة من يقوم بإطلاق الرصاص الحي وحمِلتهم إدارة الأمن مسئولية التساهل كونهم (العقال) يعتبرون من أجهزة الضبط التابعين لإدارة أمن المحافظة ..
غياب القانون
وبالرغم من المخاطر والأضرار التي تخلفها ظاهرة إطلاق الرصاص الحي في مدينة الحديدة المزدحمة بالسكان فإن ثمة مشكلة أخرى تقف حائلا أمام مكافحة هذه الظاهرة وتتمثل في غياب قانون صريح يعاقب من يقوم بإطلاق الرصاص ويجرم حيازته كون القانون الموجود كما يقول وكيل نيابة في الحديدة خاصاٍ بحمل السلاح غير المصرح والذي يجرم حامله ويعاقبه بالسجن لعدة أشهر وبدفع غرامة مالية وكذا مصادرة السلاح بينما لا يوجد قانون يتعلق بمن يقومون بإطلاق الرصاص الحي .
ويضيف وكيل النيابة الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه: نحن نقوم بمحاسبة من يقوم بإطلاق الرصاص الحي في الهواء وفقا لقانون حمل السلاح غير المصرح نظرا لعدم وجود قانون لذلك .. كما أننا لا نستطيع تحميل هؤلاء الذين يقومون بإطلاق الرصاص الحي مسئولية وقوع ضحايا قتلى أو جرحى نظرا لعدم وجود القصد والمباشرة في عملية القتل أو الإصابة مما يستدعي وضع قانون صريح يجرم ويعاقب من يقوم بإطلاق الرصاص الحي وتحميله جزءاٍ مما يحصل من حوادث نتيجة رجوع الرصاص الذي يصيب الأبرياء.