
يتفاخر مشرفو البرنامج الدولي “الحياة الجديدة” بشابة في إحدى الدول الفقيرة نشأت في كوخ مسقوف بالقش يتألف من غرفة واحدة لكنها تقضي يومها الآن وسط أكوام من المخرمات المزركشة ذات الألوان البراقة لتحيك أنواعاٍ متعددة من الملابس المثيرة لأرقى المتاجر والمحلات التجارية.
ولا تزال أمها في نفس الوقت تكدح تحت أشعة الشمس المحرقة في تلك المنطقة الريفية النائية وهي تقوم بأعمال يدوية مضنية في برنامج للتوظيف وهنا يتضح الفارق الشاسع بين الجيلين والذي يبشر بالتغير الذي يمكن أن يكتسح مناطق متعددة تمثل المناطق الريفية اليمنية نسخة مشابهه في حال الالتفات لهكذا أفكار تصنع مجتمع مهارات منتج وليس خاملاٍ عاطلاٍ عبئاٍ ثقيلاٍ على حياة معيشية متدنية وقاسية بكل معنى الكلمة.
لاحظ هؤلاء المشرفون كيف غير عمل هذه الشابة في قطاع الصناعات التحويلية حياة الأسرة تماما إذ استطاعت أن تدخر مبلغا كبيرا لمهر شقيقتها الأكبر خلال أربع سنوات فحسب وهي تسدد الآن رسوم الكلية لشقيقتها الصغرى.
وتساعد مثل هذه الأعمال الحصول على أجور تساهم في توفير العديد من الاحتياجات الضرورية اللازمة وتحقيق أحلام وطموحات شتى في الحياة وأيضا تشتري معظم الأسر أولا طعاما أفضل أو تستبدل بيوتا حجرية بالأكواخ المسقوفة بالقش والقدرة على تعليم أجيال بحاجة للمهارات لكي لا تنشأ أو تبقى فقيرة.
طرق
يقول راف شاجيفانا وهو مدير مشروع إضافي لمشروع موارد الرزق الريفية الذي يسانده البنك الدولي في “مهارات العمل تتيح للأسر الفقيرة في الريف تغيير حياتها للأبد… مضيفا : لكن في حين أن العمال الذين لا يملكون أراضي يريدون أن يبعدوا أطفالهم عن الحياة البائسة في الزراعة فإنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك ويفتقرون للمهارات اللازمة.”
وهنا يأتي دور مثل هذه المشاريع وهذا واحد منها “الحياة الجديدة” ويعتمد على قاعدة بيانات الشباب الريفي الفقير مركزا أولا على المتسربين من التعليم فيربطهم بوظائف أفضل راتبا في الاقتصاد الجديد عبر معارض وحملات التوظيف ويسهل هذا أيضا على أصحاب العمل العثور على عمال دائمين في مناطق نائية بحاجة ماسة للعمل والحياة ولمهارات العمل التي تعد في نظر “راف” أفضل الطرق لتغيير حياة أهل الريف.
عند انتهاء التدريب المكثف الذي يستمر ثلاثة أشهر بحسب راف” سيكون للشباب الحاصلين على تعليم أساسي على أقل تقدير مهارات للعمل كعمال بناء في مواقع البناء الأكثر تعقيدا في المجتمع المحلي أو في الخارج باستخدام أحدث التقنيات.
يقول هذا الخبير التدريبي : نقص مهارات العمل يبقي الشباب الفقير في الريف ملتصقين بدائرة الفقر
ولهذا يجب مساعدتهم على اكتساب مهارات وربطهم بفرص العمل الجديدة.
اهتمام
أمام الشباب أيضا الكثير من الفرص الاقتصادية الجديدة وتدريب مكثف لشاب فقير على البناء لمدة ثلاثة أشهر مثلا سيتمكن من أكمال تعليمه من العمل في مواقع الإنشاءات ومشاريع البناء والطرقات وأعمال التشطيب والديكورات بالإضافة إلى سهولة حصولة على فرصة عمل في أسواق العمل الخارجية باستخدام أحدث التكنولوجيا.
يشدد مختصون في معهد “اف .تي .سيونست” على أهمية تطوير المهارات الحديثة بين الشباب وخصوصا في الأرياف والمناطق النائية قائلا “التدريب على المهارات أمر ضروري إذا أراد مجتمع ما المنافسة في عالم اليوم الذي يتسم بالعولمة.
ينصح خبراء في هذا الخصوص بتصميم برامج تركز على التواصل مع الأكثر احتياجا ممن سيبقون على الأرجح في مجموعة من القطاعات التي يمكن تدريبهم عليها في جانب الصناعات التحويلية والأعمال المهنية والحرفية وأهمها صناعة السجاد والأعمال الكهربية واللحام والديكور.
قصور
الدراسة في التعليم العالي غير مرتبطة باحتياجات أرباب العمل. ويظهر هذا القصور الحاد بشكل خاص في البلدان النامية مثل اليمن وغيرها حيث يوجد أكثر من 40 % من الشباب عاطلين عن العمل بتكلفة اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات.
ويرى خبراء في هذا المجال أن الحل بتفعيل مبادرة التعليم من أجل التوظيف بحيث يتم الجمع بين شركاء من القطاعين العام والخاص لتطوير قطاع التعليم لكي يستهدف التوظيف بشكل أكبر بالإضافة إلى تبني برامج ومشاريع تستهدف خلق مجتمع منتج من خلال التركيز على تنمية الأعمال الحرفية واليدوية وتمكين الأسر منها.
مؤكدين أهيمة تحسين التعليم ما بعد الثانوي والتدريب المهني بحيث يمكن للمدارس أن تقدم عمالاٍ مدربين تدريباٍ أفضل لصناعات رئيسية مثل السياحة والرعاية الصحية والبناء.
ويدعو خبراء الحكومة وشركاء التنمية الدوليين إلى مراجعة المخصصات الحالية واتخاذ الخطوات الضرورية لضمان توجيه أموال المساعدات نحو المشاريع التي لها أثر سريع على حياة المواطن وخلق فرص العمل لا سيما للشباب والنساء بحسب مقررات الاستراتيجية الوطنية للتشغيل.
ويؤكد خبراء أهمية توفر الحوافز أمام الأسر والطلاب من أجل الاستثمار في رأس المال البشري بعبارة أخرى من الأرجح أن تتأثر الحصيلة التعليمية والتدريبية بشكل أكبر بالطلب على القوى العاملة أو التوقعات ذات الصلة أكثر من تأثرها بعرض الفرص التعليمية بالإضافة إلى عدم خضوع عملية التوظيف إلى ضرورة تطوير حرفية الوظيفة العامة بل تْعتبر وسيلة لاستيعاب العدد المتنامي من الباحثين عن عمل.