الإمبريالية.. غطرسة الربع الساعة الأخيرة..!

طه العامري

 

 

تبدو الترويكا الإمبريالية في أوج قوتها من خلال ما نشاهده عبر الإعلام الذي يسوق عبر ماكينة إعلامية جبارة تعمل على مدار الساعة في كي وعي العالم عن قدرات هذه الترويكا، فيما يرافق هذا الصخب الإعلامي المثير والملفت تحركات لأساطيل وبوارج حربية تشق أمواج البحار والمحيطات، وصفقات بمبالغ خالية تحققها هذه الترويكا، تزامن كل هذا باطلاقها التهديدات ضد أنظمة ودول وجماعات وتطالبها بالخضوع والاستسلام وتقبل مصيرها المحتوم وبأفول شمسها، لأن العالم لم يعد يحتمل وجودها على الخارطة..!
بغض النظر أن يتعلق الأمر بجيوب المقاومة في فلسطين ولبنان، أو تعلق الأمر بدول وأنظمة مثل إيران وفنزويلا واليمن، وتتزامن غطرسة الإمبريالية الأمريكية _الغربية مع تنامي غطرسة الكيان الصهيوني في المنطقة وهي الغطرسة التي ستأتي بنهاية الإمبريالية بأنها تمثل رأس الحربة في مشروعها الاستعماري المتوحش، الذي لم تعد البشرية قادرة على تحمله.
رغم كل هذا الضجيج المتغطرس فإن واقع الحال يشير ويوحي بعكس ما تسوقه الترويكا الإمبريالية بقيادة ” أمريكا_ ترامب” ولا بما تطلقه العصابة الصهيونية من سيل التهديدات الجوفاء التي توزعها القيادات الصهيونية التواقه إلى إعادة تشكيل خارطة المنطقة وإعادة هيكلة أنظمتها وخرائطها وحدودها وثقافة شعوبها وقناعتهم السياسية وفق الرغبة الصهيونية، وهو المستحيل غير القابل للتحقق ولو ظهرت الشمس من الغرب بدلا عن ظهورها من الشرق..!!
واقعيا تشير كل المعطيات أن كل هذه الغطرسة تؤكد على حقيقة واحدة وهي أن هؤلاء المتغطرسين يعيشون في الربع الساعة الأخيرة، وأن غطرستهم لم تأت بدافع القوة بل بدافع الضعف والشعور بقرب الهزيمة الحضارية التي تكتب نهايتهم بأيديهم من خلال هذه الغطرسة المجنونة..؟!
نعم قد يظن البعض أن ما يحدث هو تأكيد على إننا نعيش في قرن أمريكي وفي ذروة تفوق أمريكا والغرب والقيم الإمبريالية وهذا القول أو الظن مردود على أصحابه، وأن الصفقات التي تجلبها واشنطن وسياسة فرض التعريفات الجمركية المشفوعة بسيل من التهديدات كلها تعبر عن حالة هزيمة حضارية واقتصادية وأزمة هوية ووجود تعيشها هذه الترويكا وفي القلب منها أمريكا التي انتقلت أزمتها بصورة آلية لتلقي بظلالها على حليفها الكيان الصهيوني الذي يعيش ولأول مرة أزمة وجودية وأزمة حضارية وأخلاقية أزمة هوية أيضا منذ السابع من أكتوبر اليوم الذي انطلقت فيه معركة طوفان الأقصى..!
معركة طوفان الأقصى لم تكن مجرد معركة فجرتها المقاومة بل كانت تعبيرا عن حالة احتقان سياسي إقليمي ودولي وعن أزمة أخلاقية استوطنت سلوكيات أنظمة المنطقة والعالم، وايا كانت خسائر وتضحيات الشعب العربي في فلسطين وارتدادات الطوفان على دول المنطقة وتضحياتها فأن هذه المعركة وليس نتنياهو وحكومته ولا أمريكا والغرب من غيروا خارطة المنطقة والوعي الجمعي الشعبي عالميا، بل معركة الطوفان وصمود أبطالها وثبات أطرافها، ومن السخف القول هزيمة المقاومة سواء في فلسطين أو في لبنان، ومن السخرية الزعم بأن سقوط النظام العربي في سوريا خدم أنظمة الارتهان العربي أو العدو والغرب الملتف حوله بما في ذلك أمريكا، بل كل هذه الأحداث أثبتت هزيمة الترويكا الإمبريالية وأحلامها الاستعمارية..!
بدليل أن الكيان، رغم قرار وقف إطلاق النار بينه وبين حزب الله في لبنان وبرعاية أمريكية وعربية ودولية، لايزل يستبيح سيادة لبنان ويهين الدولة اللبنانية ورئيسها وحكومتها والرعاة الدوليين فيما أجبر هذا العدو على الجلوس على طاولة المفاوضات لمفاوضة المقاومة على إطلاق سراح أسراه وجثماينهم بعيدا عن تصريحات القادة الصهاينة وعنترياتهم، فيما تواصل أمريكا والغرب الاشتباك الدبلوماسي مع إيران للتغطية على هزيمة العدو وهزيمة أمريكا ذاتها التي اتجهت أخيرا نحو فنزويلا لذات الهدف وهو لفت الأنظار عن مكامن الانكسار..!
أوكرانيا ذاتها تعكس حالتها اليوم والمواقف من حربها مع روسيا إخفاق المنظومة الإمبريالية الأمريكية – الغربية والتي سيدفع نظام المهرج ” زيلينسكي” ثمن هزيمة الإمبريالية قريبا بعد فضيحة الفساد والهزائم التي يتكبدها على يد القوات الروسية..!
إن الإمبريالية الاستعمارية بكل أدواتها تعيش حالة احتضار حقيقية وهذا ما سوف تفصح عنه تداعيات الأحداث القادمة.

قد يعجبك ايضا