الثورة نت../
في الفترة التي سبقت ثورة الـ21 من سبتمبر ، وعلى وجه الخصوص في سبتمبر 2012، قامت الولايات المتحدة بعمليات أوسع لتقويض القوة الدفاعية لليمن بشكل عام. فقد عملت على تسريح ألوية حماية الحدود والقوات البحرية، واستبدالها بـ “وحدات أمنية رمزية”، وفقًا للتوجيهات التي أصدرها السفير الأمريكي خلال النظام السابق العميل. وفقا لموقع أنصار الله.
وبتوجيه أمريكي، تم إنشاء جهاز “الأمن القومي” ليكون له نشاطات موجهة تخدم المصالح الأمريكية، بينما عملت السفارة على تشكيل وحدات لمكافحة “الإرهاب” ودعمها، وجعلها جزءًا من الجيش، حيث تم نقل تبعيتها من وزارة الداخلية إلى وزارة الدفاع. وقد وردت توجيهات واضحة بإلغاء قوات حرس الحدود والدفاع الساحلي، مما أدى إلى اقتصار المهام الأمنية الحدودية على وحدات رمزية.
كما ذهب السفير الأمريكي، بالشراكة مع السعوديين، إلى أبعد من ذلك من خلال فرض هيكلة الجيش اليمني، وتفكيك قوته وتجريده من الأسلحة الاستراتيجية. وقد تجلى ذلك فيما شهدته مناطق مثل مأرب من تدمير لصواريخ الدفاع الجوي.
وعلى ضوء هذه التحركات، باتت الحدود البحرية والبرية لليمن مفتوحة أمام الأطماع الخارجية “السعودية” على وجه الخصوص، التي بدأت في السيطرة على أجزاء من الأراضي تباعًا. كما انساقت إلى إدارة فيما أسمته “الحوار الوطني” لمحاولة تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، مما مهد الطريق لفرض هيمنة أكبر وتمرير مشاريع أنابيب النفط والسيطرة على الموانئ.
وتحولت السواحل اليمنية، نتيجة الافتقار للأمن، إلى مرتع مفتوح لسفن الصيد العالمية والقرصنة الأريترية، مما أدى إلى تدمير الثروة السمكية وتهديد حياة الصيادين اليمنيين بالاختطاف ومصادرة ممتلكاتهم.
على النقيض من ذلك
وفي سبتمبر 2024، ثورة 21 سبتمبر لم تعد قادرة على الاحتفاظ بإنجازاتها ومكتسباتها فحسب، بل انتقلت من المستوى المحلي إلى الإقليمي ثم العالمي، لتظهر حضوراً سياسياً وعسكرياً فاعلاً في المشهد الإقليمي، مستندةً على هوية إيمانية فريدة للشعب اليمني في نصرة ودعم القضايا العادلة للأمة الإسلامية، وخاصة القضية الفلسطينية.
وعبر عمليات القوات المسلحة اليمنية، تم تحقيق معادلات جديدة للسيطرة وفرض السيادة على المياه الاقليمية اليمنية وباشرت في منع السفن التجارية الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، بالإضافة إلى تعزيز العمليات الصاروخية ضد موانئ فلسطين المحتلة ، بدءًا من ميناء أم الرشراش وحتى الموانئ في البحر الأبيض المتوسط.
لقد أسقطت ثورة اليمن، من خلال هذه التحركات، أسطورة التفوق البحري والجوي للكيان الإسرائيلي، مع فرار حاملات الطائرات والأساطيل أمام الضربات الفعالة لصواريخ وطائرات القوات المسلحة. بل تم إسقاط عشر طائرات تجسسية مقاتلة من نوع MQ9، مما يعد ضربة مؤلمة لتفوق الصناعة الجوية الأمريكية.
علاوة على ذلك، نفذت القوات المسلحة عمليات نوعية عميقة استهدفت مدينة يافا، المعروفة إسرائيليًا بـ”تل أبيب”، باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ فائق الصوت، والتي قطعت مسافة 2040 كيلومتر في زمن قياسي لم يتجاوز أحد عشر دقيقة ونصف الدقيقة، مخترقة جميع أنظمة الدفاع الجوي. وهذه العمليات تعكس هزيمة ساحقة للكيان الإسرائيلي المحتل، ولرعاته أمريكا وأوروبا، وتعكس التفوق العسكري والتكنولوجي لليمن، مما اضطر القوى الكبرى إلى إعادة حساباتها بشكل جذري.
سفينة الإنقاذ جريحة
لم تقتصر تأثيرات العمليات العسكرية اليمنية على السفن العسكرية الأمريكية والبارجات وحاملات الطائرات وحسب، بل تعدت ذلك لتصل إلى سفن التزود بالوقود بالرغم من قدراتها العالية على التمويه والتخفي.
السفينة “يو أس أن أس بيغ هورن” الأميركية اضطرت للجنوح في بحر العرب، وهي السفينة الوحيدة التي تقوم بتزويد الوقود لمجموعة حاملة الطائرات “يو أس أس أبراهام لينكولن” الموجودة في “الشرق الأوسط”، بحسب ما أكده مسؤولون أميركيون لشبكة “سي بي أس نيوز ” الأميركية.
وأشار المسؤولون إلى أنّ هذه الحادثة وقعت يوم الاثنين الماضي (في الـ23 من أيلول/سبتمبر)، قبالة سواحل سلطنة عمان، مؤكدين أنّ الأضرار التي لحقت بالسفينة “كانت كبيرةً بما يكفي لتتسبّب بغمرها جزئياً”.
كما أضافوا أنّ زوارق سحبت السفينة إلى أحد الموانئ، حيث سيتم إجراء تقييم كامل بشأن ما تعرّضت له السفينة الوحيدة المتاحة في المنطقة لدعم “يو أس أس لينكولن” وأسطولها من البوارج وسفن الحراسة والطائرات.
وذكرت “سي بي أس” أنّ هذه الحادثة تأتي وسط مخاوف بشأن مدى توفّر الموارد التي تحتاجها البحرية الأميركية، وفي ظلّ مواجهتها تهديدات عالميةً متزايدة، لا في الشرق الأوسط فحسب، بل مع سعي الصين أيضاً لتكريس نفسها كقوة عسكرية في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي وحول تايوان.
في السياق نفسه، أوضحت الشبكة أنّ نقص العمالة في أحواض بناء السفن أدى إلى تراكم المتأخرات في إنتاج السفن وصيانتها، بينما تم إجراء تحوّلات فيما يتعلق بأولويات الدفاع، وارتفعت التكاليف عن المستويات المحددة مسبقاً.
ووفقاً لها، فقد أدت هذه العوامل إلى تأخّر البحرية الأميركية عن الصين، من حيث عدد السفن المتاحة للعمل.
“إسرائيل” بلا حركة ملاحة بحرية
واليوم، وليس بالأمس مطلقا. صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية العبرية تذكر أن العمليات التي تقوم بها قوات الجيش اليمني ضد السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي قد عمقت الأزمة التي تواجه سلاسل التوريد للعديد من الشركات الإسرائيلية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الوضع يزيد من تعقيدات كانت قد بدأت بالفعل نتيجة لجائحة كوفيد والحرب الأوكرانية الروسية.
وأوضح تقرير الصحيفة أنه وفقاً لاستطلاع حديث أجراه مركز المشتريات الإسرائيلي بين كبار مديري المشتريات في الصناعة، أفاد حوالي 52.1٪ من هؤلاء المديرين أن الأزمة مع “الحوثيين” في البحر الأحمر لها تأثير كبير على سير سلاسل التوريد.
كما أبدى معظم المشاركين في الاستطلاع تفكيرًا إيجابيًا في نقل عملياتهم اللوجستية وسلاسل التوريد إلى شركاء تجاريين آخرين يمتلكون قدرات جيدة في هذا المجال. يعكس هذا التوجه القلق السائد في المجتمع الصناعي الإسرائيلي من المخاطر المتزايدة المرتبطة بتصعيد التوترات الإقليمية وتأثيرها على العمليات التجارية.
اليونان تعلن عن سحب الفرقاطة “بسارا”
وقبل أيام، اليونان تعلن عن سحب الفرقاطة “بسارا” من مهامها في البحر الأحمر، لتلتحق بذلك بالفرقاطة “هيدرا” بعد أن فشلت في التصدي للعمليات التي تقوم بها القوات اليمنية في المنطقة. وقد قامت الهيئة العامة للبحرية اليونانية بتأكيد هذا الانسحاب، حيث ستعود الفرقاطة إلى قاعدة سلاميس بعد مشاركتها في محاولة حماية السفن المرتبطة بالتحالف في المياه المشتعلة.
و نُقل عن طاقم الفرقاطة “هيدرا” تجربتهم المرعبة في البحر الأحمر، حيث وصفت الشهادات أنهم عاشوا ظروفًا قاسية وأطلقوا على المهمة اسم “الجحيم” و”المهمة الانتحارية”. وواجه طاقم “هيدرا” صعوبات كبيرة في التعامل مع ما بات الجانب اليمني من تحديات، والتي تضمنت قصفًا صاروخيًا. وكانت هناك حوادث مروعة، مثل الانفجار القريب من الفرقاطة أثناء مرافقتها لسفينة تجارية، مما أدى إلى استجابة عاطفية قوية من بعض عناصر الطاقم.
يُعتبر انسحاب الفرقاطتين من البحر الأحمر مؤشرًا على التحديات المتزايدة التي تواجهها القوات البحرية التي تحاول فرض أي نوع من السيطرة على الملاحة البحرية في المياه الإقليمية اليمنية، مما يطرح تساؤلات حول فعالية الاستراتيجيات والقدرات البحرية اليونانية في مواجهة التهديدات المحتملة في هذه المنطقة الحرجة. يعكس هذا الوضع أيضًا القلق العام بين القوات البحرية الامريكية بشأن القدرة على تسميه بحماية السفن وتأمين المصالح الاقتصادية في البحر الأحمر.
وبالمحور التحديات أكبر
وتواجه حركة الشحن البحري المرتبطة بالعدو الإسرائيلي تحديات أكبر نتيجة التصعيد مع حزب الله اللبناني. وهو الوضع الذي ألجأ العدو الإسرائيلي إلى الإعلان عن تعويضات للسفن التي قد تتعرض لأضرار في مياهها الاقتصادية، مما يعكس مخاوف كبيرة من عزوف السفن عن القدوم إلى الموانئ الإسرائيلية، وخاصة موانئ حيفا التي تستقبل معظم الواردات، نتيجة إغلاق ميناء “إيلات” بسبب عمليات الجيش اليمني.
وحسب تقرير نشرته وكالة “رويترز”، فقد أبقى سجل السفن في جزر مارشال، والذي يُعد أحد أكبر سجلات السفن في العالم، على أعلى مستوى أمني لميناء حيفا وكذلك أسدود في الجنوب. وأفادت جزر مارشال بأن “التهديد بوقوع أضرار جانبية للسفن التجارية قد زاد بشكل كبير”.
وأعلنت سلطة “الموانئ الحكومية” في الكيان الإسرائيلي، الثلاثاء، عن رسالة تؤكد أن “إسرائيل ستقدم تعويضات للسفن التجارية التي تبحر في مياهها الاقتصادية إذا تكبدت أي أضرار نتيجة الحرب”. وأشارت الرسالة إلى أهمية التأكيد على أن “موانئنا مفتوحة بالكامل للأعمال وتعمل بكامل طاقتها”. وادعت السلطة أن “الموانئ الإسرائيلية هي الأكثر أماناً في العالم بفضل الأمن متعدد المستويات، بما في ذلك معايير عالية للأمن الإلكتروني، إضافة إلى منظومة القبة الحديدية وأنظمة أخرى لاعتراض الصواريخ لحماية موانئنا”.
هذا البيان يتتبع بوضوح مخاوف عزوف السفن عن زيارة الموانئ “الإسرائيلية” بسبب التصعيد، خصوصًا في ظل تأثير عمليات الجيش اليمني ضد السفن المتجهة للكيان الإسرائيلي والتي تتعامل مع العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي، وأيضًا في البحر المتوسط.
وذكرت تقارير رويترز أن السفن التي ترسو في الموانئ “الإسرائيلية” تواجه تهديدًا أكبر يتمثل في استهداف (جماعة الحوثي اليمنية- الجيش اليمني) لها داخل المياه المفتوحة في البحر الأحمر. بعد إغلاق ميناء “إيلات” على البحر الأحمر بسبب الحصار الذي تفرضه “قوات صنعاء” على السفن المتجهة إليه، تحولت معظم حركة الشحن إلى موانئ حيفا وأسدود، التي تضم عددًا من الموانئ، بما في ذلك ميناء حيفا الذي تشغله مجموعة (أداني) الهندية وميناء بايبورت الذي تديره شركة (سي.أي.بي.جي) الصينية.
كما أفادت التقارير أن صفارات الإنذار دوت في جميع أنحاء مدينة حيفا الإثنين، لأول مرة منذ بدء الحرب، بسبب رشقات صاروخية أطلقها حزب الله اللبناني ردًا على الغارات الإسرائيلية المكثفة على لبنان. وقد وثقت مقاطع الفيديو عمليات إطلاق مكثفة لصواريخ دفاعية فوق خليج حيفا.
وبحسب رويترز، فإن “أقساط مخاطر الحرب الإضافية” التي تُدفع عند إبحار السفن من آسيا عبر البحر الأحمر إلى “إسرائيل” ارتفعت إلى نحو اثنين بالمئة من قيمة السفينة مقارنة بمعدل واحد بالمئة في أغسطس، وفقًا لمصادر في قطاع التأمين. ومن المرجح أن يساهم التصعيد مع حزب الله في زيادة التأثيرات على حركة الموانئ الإسرائيلية، خصوصًا وأن موانئ حيفا وأسدود قريبة من نيران حزب الله الذي يمتلك ترسانة عسكرية هائلة.
في الختام
تتضح الرسالة جليا في أن القوات البحرية اليمنية قد حققت تقدمًا ملموسًا في قلب المعادلة الأمنية في البحر الأحمر، حيث تمكنت من فرض سيطرتها على مياهها الإقليمية. هذا النجاح يعكس التطور الملحوظ في قدرات البحرية اليمنية وإستراتيجياتها في مواجهة التهديدات، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في المنطقة.
في المقابل، أظهرت الوضعية الهشة التي آلت إليها القوات الأمريكية وما يحالفها، حيث تزايدت التحديات أمامها نتيجة الفعالية المتزايدة للبحرية اليمنية. هذا التغيير في موازين القوى ينذر بصعوبات جديدة في تحقيق الأهداف العسكرية والاستراتيجية للتحالف المعادي، ويعزز من قدرة اليمن على حماية سيادته ومصالحه في مياه البحر الأحمر.
المصدر: موقع أنصار الله