علي الشراعي
تحل علينا الذكرى 62 لثورة 26 سبتمبر1962م , والتي مثلت نقطة تحول محورية في تاريخ اليمن الحديث , والتي ألتف حولها الجماهير في اليمن شمالا وجنوبا باعتبارها بوابة النصر لليمن وتحررها .
بقيام ثورة 26 سبتمبر بدء الكفاح المسلح لتحرير جنوب اليمن من المستعمر البريطاني في إعلان ثورة 14 اكتوبر 1963 م , فقد وفرت ثورة سبتمبر عمقا استراتيجية لثورة أكتوبر والتي توج نضالها المسلح بجلاء الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن في 30 نوفمبر1967م
تجربة ثورية
في تاريخ الشعوب أجيال يواعدها القدر ويختصها دون غيرها بأن تشهد لحظات التحول الحاسمة في التاريخ . إنه يتيح لها أن تشهد المراحل الفاصلة لثورات وطنية ولتغيرات مجتمعية لقد بدأ الشعب اليمني بثورة 26 سبتمبر 1962م , تجربة ثورية جديدة في جميع مجالات الحياة وسط ظروف متناهية في صعوبتها وظلامها واخطارها , وتمكن الشعب بصدقه وإيمانه بحقه في الحياة الكريمة أن يغير حياته تغييرا أساسيا وعميقا في اتجاه آماله الإنسانية الواسعة .
فثورة 26 سبتمبر 1962م كانت تتويجا لكفاح سبق ونضال مستمر ومتجدد .
وما ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 م إلا امتدادا للأعمال الكفاحية والانتفاضات الثورية السابقة والدؤوبة التي استمرت طيلة ثلاثين خريفا , وتتويجا لها وتعبيرا جليا عن وضوح الرؤية الثورية وعن تحديد الهدف .
إن طاقة التغيير الثوري التي فجرها الشعب اليمني ليلة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 م , سوف يسجلها التاريخ بكل فخر واعتزاز ذلك لأن ظروف قيام الثورة كانت صعبة وعسيرة .
مواجهة التحديات
كانت لثورة 26 سبتمبر 1962م , شأن كبير في تغيير استراتيجية الاستعمار وأعوانه على امتداد الأرض العربية فقد رحل الاستعمار البريطاني عن جنوب اليمن والخليج العربي , وتمكن العرب من فرض حصار بحري على الكيان الصهيوني عن طريق إعلاق باب المندب , كما أن هذه الثورة أثبتت حيوية الأمة العربية وقدرتها على تجديد شبابها مهما كانت التحديات التي تواجهها .
إذ قامت الثورة في جزء من الوطن العربي كان ينظر إليه على أنه من أكثر أجزائه تخلفا وإمعانا في الجهالة , ومن هنا كان الظن أن اليمن قد يكون أبعد البلدان العربية عن القيام بثورة تحررية تستهدف حرية الوطن وحرية المواطن , وأن يعيش الإنسان حياة كريمة .
وقد بذلت محاولات مستميتة لوأد هذه الثورة وهي في المهد , ولكن إرادة الحياة في الشعب دحرت هذه المحاولات وظل الشعب متمسكا بالمبادئ التي أعلنتها الثورة مؤمنا بها مرددا نشيدها لأن هذه الثورة كانت تؤمن إيمانا عميقا بالروبة وبالإنسان وبحقه في أن يصوغ حياته على أرضه وفق أمانيه الحرة
تغيير خارطة
لقد ادرك الاستعمار وادركت الرجعية الدلالات العميقة التي حملتها الثورة اليمنية معها وتصورا أيضا نتائجها البعيدة المدى ليس على مستقبل الجزيرة العربية فقط بل وعلى حركة التحرر العربي بمجملها .
لقد كان الاستعمار والرجعية يتصوران أن يحدث أي شيء في الوطن العربي إلا أن تنفجر ثورة في بلد منهك ضعيف مغرق في التخلف والتأخر كاليمن .
وكان خطأ الاستعمار والرجعية أنهما لم يدركا أن الظواهر السلبية نفسها هي وقود الثورة وعوامل اندلاعها .
وعندما فوجئ الاستعمار البريطاني والرجعية ( السعودية وحلفائها ) بالثورة اليمنية وتصورا نتائجها المفزعة على مصيرهما في المنطقة العربية قررا جرها وهي ما تزال وليدة إلى معارك حربية طاحنة تستنزف قوتها وتستنفذ امكانيات المقاومة فيها وتمتص طاقتها الذاتية .
كان هدفهما أن يجهضا الثورة في المعارك ويفرغا كل حيويتها وعنفوانها فتنتهي الثورة وتتلاشي .
راية الوحدة
وبرغم الصعاب العائلة فأنه ليس هناك ما يدعو للشك في قدرة الثورة اليمنية على اجتياز تلك المرحلة بنجاح وكان لها ذلك فالثورة اليمنية لم تقم تحت قيادة حزب أو احزاب سياسية منظمة , ولم تنهض بها طبقة برجوازية وطنية ناضجة ثورية بل قام بها شعب بأكمله وكان الحاضن الأول لها بل والمدافع عنها .
فلقد كان امام الثورة مسؤولية مواصلة النضال ضد الرجعية المتربصة وضد الاستعمار البريطاني حتى يتحرر جنوب اليمن منه وتوحد الأرض اليمنية , كذلك فإن الثورة مدعوة للاستمرار في حمل علم النضال ضد الاستعمار القديم والاستعمار الجديد والاحلاف والقواعد العسكرية العدوانية وفي رفع راية الوحدة العربية عاليا حتي تتحقق وحدة الوطن العربي وتطهر الأرض العربية من الاستعمار والصهيونية .
المصدر- 26 سبتمبرنت