(طوفان الأقصى) معركة فلسطينية بامتياز..؟!

طه العامري

 

 

بين (قومية معركة تحرير فلسطين) _ أي جعل معركة تحرير فلسطين معركة العرب أجمعين، وبين ( إسلامية المعركة والتحرير) _أي جعل معركة تحرير فلسطين معركة المسلمين جميعا، باعتبارها حاضنة لأولى القبلتين وثالث الحرمين ومسري رسول الله وخاتم المرسلين محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم.. غير أن تطورات الأحداث ودراميتها عربياً وإسلامياً ودولياً وهيمنة قوي الإمبريالية والاستعمار بزعامة أمريكا وبريطانيا، ومعهما قوي الرجعية العربية _أولاً _وثانيا _انظمام أنظمة (التطبيع) والإرتهان والتبعية، عوامل أدت إلى تخلي العرب عن شعار (قومية المعركة والتحرير) وتخلي المسلمين بدورهم عن (أسلمة المعركة) وهكذا وجدت فلسطين نفسها تحت رحمة الاحتلال الصهيوني وحلفائه، وكان بالتالي على العربي الفلسطيني أن يتحمل مسؤولية تحرير وطنه من دنس الاحتلال الاستيطاني العنصري وأن كان عليه أن يواجه ( المخرز بالعين) ويواجه (السيف بالدم)..؟!
ردحاً طويلاً من الزمن تحمل الفلسطيني عنصرية واستبداد وهمجية ووحشية احتلال ( صهيوني _عنصري _ استيطاني) يختلف كليا عن كل أشكال الاستعمار الذي عرفته المنطقة وعرفته شعوب العالم، بذات الوقت الذي تحمل فيه هذا الفلسطيني مزاجية وتصرفات ومساومات النظام العربي الرسمي ومعه الأنظمة الإسلامية وكلاهما اتخذوا من القضية ورقة مساومة وتوظيف لتحقيق أهداف ومصالح خاصة بهم بمعزل عن مصلحة وأهداف أصحاب القضية الذين عانوا من وحشية العدو كما عانوا من ( خيانة النظام العربي) و( الأنظمة الإسلامية) وتاَمرهم، إضافة إلى تواطو النظام الدولي وتغاضيه عن معاناتهم وعن الممارسات الوحشية التي يمارسها الاحتلال بحقهم منذ ثمانية عقود خلت..؟!
وفق كل هذه المعطيات كان على الفلسطيني أن يتحمل مسؤلية قضيته وأن يرخص في سبيلها ماله ودمه واطفاله ونساوه وشيوخه، وان يقدم كل ما يملكه في سبيل قضيته والانتصار لحقوقه المشروعة في الحرية والسيادة والاستقلال وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على تراب وطنه مثله مثل بقية شعوب العالم.. كان على هذا الفلسطيني أن يخوض معركة وجوده حتى وإن حارب عدوه ب( اظافره)، ولأن الله سبحانه وتعالى هو حسب كل من يتوكل عليه فقد اختزل سبحانه ( القومية في سوريا، وحزب الله في لبنان، وانصار الله في اليمن) واختزل سبحانه جموع المسلمين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهؤلاء من قيضهم الله لنصرة الشعب العربي المسلم في فلسطين الذي قرر بعد عقود من التامر عليه وعلى قضيته وحقوقه، عقود أبرم خلالها الكثير من الاتفاقيات وتلقى الكثير من الوعود وتعرض لكثير من الآعيب العرب والمسلمين والمجتمع الدولي وصدق الكثير من أكاذيبهم، ليقرر في النهاية خوض معركته منفردأ بعد أن راكم بعض من القدرات واكتسب مجاهدوه بعض المهارات التي تمكنه من مواجهة عدوه الأكثر وحشية وهمجية وقدرة واقتدار ورعاية دولية واقليمية تقدم كل أشكال الحماية والدعم والاسناد.. يرى البعض من ذوي النظرات القاصرة أن ما يجري في قطاع غزة وفلسطين هو نتاج لما حصل في أكتوبر من العام الماضي وينسون أو يتجاهلون أن هناك احتلال له ثمانية عقود جاثم على أرض فلسطين يشرد، ويقتل، ويحاصر، ويعتقل، ويدمر ويهدم، ويقتلع الأشجار، ويصادر الأرض، ويدنس المقدسات، دون رادع من قانون أو وازع من ضمير دولي أو إنساني، وهذا كان سبب ما جرى في أكتوبر من العام الماضي الذي قابله العدو بهذا التوحش والاجرام، وشن حرب إبادة جماعية ليس لها مثيل في التاريخ، حرب يخجل منها كل طغاة التاريخ الإنساني..؟!
وحدها سوريا كانت ولاتزال راعية وداعمة للمقاومة في فلسطين، وما يجري فيها منذ عام 2011 م، ليس إلا ثمنا تدفعه على خلفية موقفها من فلسطين والمقاومة وحقوقهما المشروعة، يأتي بعده (حزب الله) اللبناني الذي يعبر عن متانة التلاحم بين القطرين، ثم يليهما الموقف اليمني الأصيل الذي أياً كانت مؤثراته فإنه وجه للعدو ضربة موجعة قتصادياً واستراتيجيا وجيوسياسياً، إذ لم يكن العدو يتوقع أن يأتيه القلق الجيوسياسي من حيث لا يتوقع من اليمن التي أربكت الكيان وأربكت حلفاءه الإقليميين والدولين وهذا ما دفع أمريكا وبريطانيا وبقية المنظومة الغربية الئ حشد قواتهم للبحرين الأحمر والعربي دفاعا عن الكيان وقد أخفقوا في حمايته وعجزوا عن تأمين سفنه التجارية وأجبروا على تحويل وجودهم العسكري في البحر الأحمر والعربي والمتوسط من وجود لتأمين السفن الصهيونية الب وجود للحيلولة دون نشوب صراع إقليمي واسع النطاق..؟!
يلي سوريا وحزب الله واليمن، دور يؤديه الأخوة في العراق الذين اصطفوا في خندق إسناد المقاومة وإقلاق رعاة الكيان الصهيوني في المنطقة. ثم تأتي الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحاضنة الأخيرة الداعمة والراعية والمساندة للمقاومة الفلسطينية، فيما التزمت الأنظمة العربية والإسلامية بمبدأ (الحياد الايجابي وعدم الانحياز) الذي تم تطبيقه مع الشعب الفلسطيني وعلى القضية الفلسطينية حتى أن ( السلطة الفلسطينية) نفسها وبأجهزتها الأمنية التي يزيد تعدادها عن ( مائة ألف) عنصر التزمت بدورها ب( الحياد) عما يجري في غزة والضفة والقدس، مثلها مثل بقية اقرانها من السلطات العربية الإسلامية الدائرة في فلك أمريكا والصهاينة..؟!
طوفان الأقصى ستؤتي أكلها ،وسوف تنتصر رغم وحشية العدو وتواطؤ العرب والعجم وكل العالم معه، وهو ما شجعه في الإيغال بجرائمه الوحشية ضد أطفال ونساء وشيوخ فلسطين ومواطنيها العزل، معركة تدخل شهرها الحادي عشر كافٍ للتعبير عن انتصار المقاومة الباسلة وما يجري داخل الكيان مجتمع وقادة وجيش وأجهزة، وما ينساب من ردود أفعال دولية، وإقليمية ذات صلة بالمعركة، ظواهر ومواقف كافية لإثبات وتأكيد انتصار المقاومة وهزيمة الكيان الذي يسير نحو الهلاك والتفكك حسب نبوءة مؤسسيه الذين أجزموا أن نهايته تبدأ عند تلقي جيشه أولى هزائمه، وكانت الأولى عام 2000_ والثانية _عام 2006م وهذه الهزيمة الثالثة في غزة وهي الثابته بإذن الله،وبها يكون الشعب الفلسطيني قد حرر نفسه وأثبت أنه بمقاومته أقوى من كل جيوش العرب والمسلمين الذين تخصصوا في (حماية العروش) والاستعراض في (أعياد جلوس) أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة والمعالي) ولكنهم أذلاء في الدفاع عن سيادة أو كرامة حتى لمواطنيهم وأوطانهم، فقد شاهدنا تفككهم عند أول أزمة واجهوها، وشاهدنا قادة وجنرالات ارتدوا (ملابس النساء) وفروا، وشاهدنا من انشق وتحول لمرتزق، وشاهدنا من تمسك بـ(عبوديته) ودافع عن شرعية جلاديه.؟!
وحدهم سكان (أكناف بيت المقدس) تفجروا شموخاً وإرادة وعزة وكرامة، ينسجون بيارق الحرية بدمائهم الزكية الطاهرة وهؤلاء هم العرب والمسلمين حقاً، فيما البقية ليسوا إلا من بقايا مخلفات الغزاة والمستعمرين وحسب.

قد يعجبك ايضا