حاجة المنطقة لاستقلالية السعودية!!

مطهر الأشموري

 

 

بين الأمثلة التي يتكرر طرحها بشكل شبه يومي “رحم الله إمرءاً عرف قدر نفسه»…
حين أفكر في كتابة موضوع كما في هذه اللحظة فإني أعرف أن تأثيره لا يتجاوز السقف وبالتالي فالطبيعي أن لا أفكر ـ أو أتوهم ـ بأي قدر أؤثر في المستوى الإقليمي مثلاً، ولكني حين أتعاطى بالسقف الإقليمي أو حتى العالمي فلحاجية التفاعل اليمني الداخلي مع المتغيرات والصراعات الإقليمية أو العالمية وفي ظل الصراعات اليمنية والميمننة بدفع وتمويل الخارج وما يقدمه خيار العمالة من تعاط موجه لأن من خياره وخطه الأساسي هو الخطيئة الأكبر والكبرى، فنتائج ذلك لا يمكن أن تكون أخطاء فقط بل هي ربطاً بالأساس والموجهات خطايا كأقل توصيف، وحين يصبح أقصى اليمين في اليمن وأقصى اليسار في خط السعودة والصهينة والأمركة فماذا تكون الخطيئة في هذا الخيار والأساس وماذا يأتي من نتائج، فالخطايا هي واقعية التوصيف بالحد الأدنى..
كلنا نعرف ما اعتبرت حكمة المؤسس للنظام السعودي “عبدالعزيز” حين قال لأولاده “خيركم من اليمن وشركم من اليمن فأجعلوا اليمن في وضع الرجل المريض إن لم يمت فلا تسمحوا له بالحياة»…
هذا الملك نفسه قال “إن المملكة ستظل مع بريطانيا حتى تقوم الساعة”، ولكن بريطانيا عظمى وأمريكا لن تظل الأعظم أو القطب الأوحد..
النظام السعودي يحتاج إلى مراجعة ثوابته من الأساس والتأسيس والمؤسس تجاه اليمن أو تجاه بريطانيا وأمريكا ثم تجاه العالم بصراعاته ومتغيراته، فالعالم لو صار إلى حرب عالمية ثالثة مفتوحة بدون النووي أو به فالأرجح بالنسبة لي هو انهزام أمريكا والغرب الاستعماري، وأثق أن النظام السعودي مع هذا الترجيح ـ افتراضا ـ فماذا يمكنه عمله من هذه الفرضية؟..
عندما أستعرض أحداث المنطقة ربطاً بالصراعات العالمية ومن بعد الحرب العالمية الثانية فإني قد ألتمس العذر للنظام السعودي في الخط الذي سار فيه لأن المد اليساري القومي لم يتصادم فقط مع النظام السعودي بل استهدفه بشكل “وجودي” كما يطرح اليوم إسرائيلياً وفلسطينياً..
لكن المد اليساري والقومي إن لم يعد موجوداً اليوم فهو لم يعد صدامياً مع النظام السعودي ولم يعد يمثل تهديداً وجودياً لا للنظام السعودي ولا لغيره..
لعلها الفترة والوضع العالمي الأنسب ليسير النظام السعودي من هذه التبعية المذلة لبريطانيا وأمريكا والغرب وهو لا يحتاج التبعية للاصطفاف الآخر في الصراع العالمي كما كان يحدث فيما عرفت بالحرب الباردة..
لم تعد روسيا تشترط شيوعية الأنظمة والصين لم تشترط مثل ذلك كما أن إيران لا تشترط شيعية نظام وتتبنى التعايش بين أنظمة المنطقة وأولويتها بناء أعلى ثقة بين أنظمة المنطقة في هذا التعايش..
الاتحاد السوفيتي لأنه اشترط الشيوعية فإنه لم يوجد نظاماً شيوعياً عربياً إلا في اليمن فيما إيران لا تطلب ولا تشترط ولا تسعى لفرض شيعيتها في اليمن كما الحالة السوفيتية..
انتقال النظام السعودي من العداء للشيوعية إلى العداء لإيران تحت عنوان “الشيعة” وربطاً ذلك متراكم التطبيع السري مع إسرائيل ودفعه باتجاه العلن والعلنية هي مع الأسف نقلة أمريكية مثلما كان الجهاد في أفغانستان والشيشان أمريكي، والنظام يستعمل كأداة في صراع مع إيران وتطبيع مع الكيان الصهيوني مثلما أستعمل الإسلام أداة أمريكية في جهاد أفغانستان، وبالتالي فالمتغير العالمي ومتغيرات المنطقة لم تعد تجبر النظام السعودي على استعماله أدواتياً بهذا المستوى من الإذلال والمهانة..
إذاً من حق أمريكا في إطار المتراكم أن تضغط على نظام أو أنظمة بعينها لتطبِّع مع إسرائيل فأدنى سقف للاستقلالية الرفض لشرط واشتراط أمريكا لأن تعادي هذه الأنظمة إيران، أما فرض شرط التطبيع مع إسرائيل وفي ذات الوقت تفرض العداء مع إيران فذلك يعني اللا وجود لسيادة واستقلالية مهما استدعيت من تخريجات تبرر لتطبيع بأمر أمريكي ولعداء بأمر أمريكي..
فضائيتا العربية والحدث تتبنيان بلسان النظام السعودي التطبيع مع إسرائيل “الشقيقة” والعداء لإيران الشيعية أكثر من العداء للإلحاد والشيوعية الذي كان..
نحن في اليمن لم نعد نحتاج لاستجداء فهم أو حكمة للمؤسس فيما يعني اليمن لأن التغيير المفترض في هذا السياق بات حاجية بل أولوية للنظام السعودي ذاته، فإن سار في مثل ذلك فهو لصالحه وإن ظل في ذات الضلال القديم فذلك لم يعد باليمن ضرراً يخيف أو يخاف منه..
تعايش النظام السعودي في منطقته ومع محيطه دون الاستمرار في السياق والمساق الأمريكي التدميري هو الأفضل له، وله أن يتعلم الواقعية من روسيا العظمى التي ترفعت عن الضغائن والأحقاد تجاه الدور المحوري للنظام السعودي في إرهاب أفغانستان والشيشان، فيما أمريكا بعد تحقيق ما أرادت أدانت هذا النظام بالإرهاب بل وأقرت ما عرف بقانون “جاستا” كعصى غليظة تنقضُّ بها على النظام السعودي حين رفضه أي تعليمات أو أوامر له..
وأنا أعرف بالسقف المحلي لأي أثر أو تأثير لمثل ما طرحته، فمثل هذا مطلوب للقارئ والمتابع اليمني في إطار الحاجية لثقافة واقعية غير صدامية ولا عدائية، والتطورات قد تفضي لمثل هذه الحاجية في وقت قريب أو متوسط في تقديري واستقرائي!!.

قد يعجبك ايضا