رحيل المساح.. لحظة أسى في الملامح

 

متابعة/ حامد فؤاد
يمثل رحيل الأستاذ محمد المساح خسارة كبيرة وحزينة للمشهد الإعلامي والثقافي اليمني وذلك للجانب الكبير الذي يمثله حضوره الهام والبارز وإسهامه الكبير في تطوير المراحل الإعلامية والثقافية التي كان الراحل الكبير احد ملامحها.
وسيظل يوم رحيله يوم حزن واسى في قلوب الجميع الذين سيشتاقون إلى حضوره وكتاباته القريبة من وجدان القراء في مختلف الساحة اليمنية.
عاش الراحل الكبير محمد المساح حياة بسيطة كرسها للإبداع
حيث كان نسيجاً وحده في بساطته وزهده في المناصب الحكومية، وتركيزه على الكتابة التي تميز بها عموده الذي يستوقف فيه الزمن «لحظة يا زمن» ليخط فيه ومضاته المركزة التي تتفاعل مع ما تصوره مخيلته من التقاطات حياتية وفكرية وتأملات يمتزج فيها الشعري بالسردي.
وقالت نقابة الصحفيين اليمنيين بأن رحيله يمثل خسارة كبيرة وان رحيل الكاتب الصحفي الكبير محمد عبدالله المساح أحد مؤسسي نقابة الصحفيين اليمنيين يأتي بعد مسيرة صحافية ثرية ومؤثرة عن عمر ناهز ٧٦ عاما.
وبهذا الرحيل الموجع فقدت الصحافة اليمنية أحد أبرز الصحفيين والنقابيين الذين ساهموا بإخلاص في تطوير الصحافة اليمنية وتعزيز العمل النقابي.
والفقيد الكبير من مواليد عام ١٩٤٨ في محافظة تعز، تلقى تعليمه الأساسي في مدينة عدن وارتبط بالصحافة مبكرا أثناء ما كان يبيع الصحف الصادرة في عدن قبل قليل لتوفير مصاريف دراسته وشؤون حياته، وكان أثناء بيعه للصحف قارئا نهما يستفيد منها ثقافياً ويتشكل لديه الوعي الثقافي والسياسي.
ثم التحق المساح عام 1966، بكلية الآداب -قسم الصحافة بالقاهرة، وتخرج منها عام 1970.
*وعن الراحل الكبير محمد المساح يقول الأستاذ عبدالباري طاهر في صفحته بالفيس بوك :
محمد المساح شاب خرج منتصف الستينات في بعثة طلابية. اندغم في الحركة الطلابية المصرية كواحد من أبناء مصر. ومحمد المساح ابن حركة القوميين العرب، الفقير إلا من النبل والقيم والأخلاق- يكاد أن يكون يسارياً بالفطرة. وميله إلى اليسار يعبر بعمق عن المنبت الاجتماعي، والأشواق الإنسانية العظيمة.
تفتق وعي المساح الطالب بكلية الإعلام على القصيدة الحديثة (قصيدة النثر) بخاصة، وعلى الفكرة الحديث بصورة عامة، وامتلك موهبة الإبداع؛ فكان قلماً جباراً.
كتب القصة القصيرة، وبرع في رسم «حواري صنعاء» بأزقتها وفتياتها «المشرشفات»، والمجللات بالسواد، وقرأ عميقاً حالة الفلاح اليمني، والقرى الجائعة المحاصرة بالتيفود والمظالم والتخلف، وبقي ابن المساح وفياً للمزارع الذي يحرث الأرض والثور والحمار الذي جعل منه لازمة التخاطب، فما إن تلقاه حتى يبادرك: «يابن حماري!»، أما إذا سبقته بالجملة (القنبلة) فقد أمسكت بزمام الأمر.
ويضيف الاستاذ عبدالباري:
عدت بعد التخرج إلى عدن، ثم غادرتها إلى القرية. فلم تكن عدن – حينها- تجسد المثال الذي تطمح إليه. جئت إلى صنعاء.
تربع عمودك في الصفحة الأخيرة من الثورة بعد عودتك مطلع السبعينات، وكانت افتتاحية «الثورة» للفقيد الكبير الصحفي والقاص المبدع محمد ردمان الزرقة، إلى جانب نثريتك (لحظة يا زمن)- هما أروع ما تقدمه الصحيفة على مدى أكثر من عقدين من الزمن.
كانت النثرية (اللحظة) من البدايات الباكرة لقصيدة النثر، لكنها لم تلقَ الإنصاف ككل الفلاحين المحرومين من حق المواطنة حتى اليوم.
لقد امتلك المساح تجربة قاسية وعميقة في الحياة، واستطاع بموهبة كبيرة نثرها على صدر صفحات الصحف والمجلات، وهو – على غزارة إنتاجه في القصة القصيرة، وقصيدة النثر- لم ينشر شيئاً من إنتاجه، وهو قليل الاهتمام – حد النسيان- لإبداعاته الغزيرة والغنية.
ليس هناك ما هو أفضل من تحية المبدع في زمن يحتاج فيه إلى العرفان بالجميل، وإلى تحية طيبة، و«لحظة يازمن».

قد يعجبك ايضا