منذ تفجرت معركة (طوفان الأقصى) وبدأ الكيان الصهيوني والعواصم الاستعمارية الغربية بقيادة أمريكا حرب إبادة جماعية بحق أشقائنا في فلسطين، لم نسمع موقفا ولا تصريحا ولا حتى خبرا عابرا للجماعات الجهادية التي ملأت الدنيا ضجيجا عن الجهاد وقدسيته وأهميته وضرورته في العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان لتحرير هذه البلدان من النفوذ (الشيعي) والتمدد (الإيراني) ورافق ضجيجها وصخبها الجهادي فتاوى أطلقها عدد من علماء الظلال ودعاة الفتنة الذين باعوا دينهم بدنياهم..!
أشهر مرت على حرب الإبادة بحق الشعب العربي في فلسطين لم نسمع صوت المجاهدين ولا سمعنا فتاوى علماء الدجل والتضليل، حتى فوجئنا مؤخراً بجريمة إرهابية تبناها ما يسمى بتنظيم (خراسان) التابع لتنظيم (الدولة الإسلامية) كما يقال، ولكن هذه الجريمة الإرهابية لم تحدث في دولة الكيان الصهيوني حتى نصفها بأنها رد فعل على الجرائم الصهيونية بحق الشعب العربي المسلم في فلسطين ولم تحدث في أي من مدن الدول الداعمة للصهاينة ومن تشاركه بحرب الإبادة والحصار والتجويع لشعبنا الفلسطيني، بل حدثت الجريمة الإرهابية في إحدى ضواحي العاصمة الروسية موسكو وأودت بحياة قرابة 150 مواطناً روسياً وجرح أكثر من 200 مواطن، في واحدة من أكثر الجرائم الإرهابية بشاعة ووحشية، وان كانت السلطات الأمنية الروسية قد استوعبت الصدمة وتعاملت بيقظة مع الجريمة التي تشير كل المعطيات إلى دور أوكرانيا وأجهزتها فيها، خاصة وان المنفذين والداعمين لهم تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية الروسية وهم يحاولون دخول الأراضي الأوكرانية، كما اعترفوا لاحقا للأجهزة الأمنية الروسية عن ارتباطهم بأجهزة الأمن الأوكرانية، غير أن واشنطن سرعان ما أعلنت أن تنظيم (خراسان) ذات التوجه الإسلامي المزعوم هو من يقف وراء العملية الإرهابية..!
طبعا قبل وقوع الجريمة بقرابة 48 ساعة كامت سفارتا واشنطن ولندن في موسكو قد حذرتا رعاياهما بعدم المشاركة في أي تجمعات فنية قد تقام في موسكو أو في أي من المدن الروسية..!
ثم ومع حدوث الجريمة تناول الإعلام الغربي والأمريكي تنظيم خراسان الإرهابي بأنه من يقف وراء العملية، ثم بعد هذه التصريحات أصدر تنظيم خراسان بيانا أكد فيه مسؤوليته عن العملية..!
بيد أن الهجوم على مجمع (كروكوس سيتي) في ضواحي موسكو يتماهى مع هجوم 11سبتمبر على أبراج مانهاتن الأمريكية، حيث وجهت السلطات الأمريكية التهمة لتنظيم القاعدة، ثم طلع بن لادن على قناة الجزيرة ليعلن مسؤولية التنظيم عن الحادثة..!
وفي هذا ما يدل على أن هذه الجماعات الجهادية بكل مسمياتها، هي صناعة الأجهزة الاستخبارية الغربية والتي تستغل وتوظف من قبل الدول الغربية وأمريكا وأجهزتها الاستخبارية لتأدية مهام قذرة في سياق الصراع الجيوسياسي وهي أيضا تؤدي دور حمال الرسائل بين الدول المتنافسة فيما بينها على النفوذ، بدليل أن كل العمليات القذرة التي تقوم بها هذه الجماعات تأتي خدمة لأمريكا والدول الغربية وتستهدف الدول والأنظمة الرافضة للهيمنة الأمريكية _ الغربية، وبالتالي تعد هذه الجماعات بكل مسمياتها للأسف أذرع شيطانية لأمريكا والغرب والصهاينة ولا علاقة لها لا بالله ولا بالدين ولا بالإسلام ولا بالرسول وأنها أبعد ما تكون عن الإسلام ولكنها جماعات إرهابية تخدم جهات ترعاها وتدعم أنشطتها وتستخدمها لضرب خصومها وإثارة الفوضى في الدول المناهضة لأمريكا والغرب وسياستهم الاستعمارية وفي الأخير تصب أنشطة هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية في منطقتنا العربية لصالح الكيان الصهيوني..!
إن جريمة موسكو الإرهابية تمثل عقابا صهيونيا – أمريكيا – غربيا لروسيا الاتحادية على خلفية مواقفها الجيوسياسية ورفضها الهيمنة الإمبريالية الاستعمارية ووقوفها إلى جانب القضايا العربية المشروعة في فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال والسودان ولبنان وفي كل دول العالم الثالث في قارتي آسيا وأفريقيا، لهذا من الطبيعي أن تحرك واشنطن وحلفاؤها الجماعات الإرهابية بعد أن أخفقت في تطويع الدور الروسي ولا في هزيمة روسيا الاتحادية في أوكرانيا، ناهيكم عن العقد والتعقيدات التي وضعتها روسيا أمام المخططات الانجلوساكسونية في العراق وسوريا وليبيا والسودان وفي العديد من دول آسيا وأفريقيا وحتى في الجمهورية اليمنية ولبنان، ناهيكم عن الموقف الروسي الواضح والصريح إزاء ما يحدث في فلسطين وما تواجهه القضية العربية الأولى، إضافة إلى عجز واشنطن في لجم النفوذ الروسي في المنطقة والعالم رغم سلسلة العقوبات غير المسبوقة في التاريخ التي اتخذت ضد روسيا الاتحادية، التي تستهدف أمريكيا وغربيا منذ أربعة عقود بدءا من أفغانستان إلى الشيشان إلى يوغسلافيا السابقة إلى الوطن العربي وصولا إلى أوكرانيا، في مواجهة مفتوحة يخوضها الغرب وأمريكا ضد روسيا الاتحادية، ولهذا من الطبيعي أن تحرك واشنطن أدواتها من الجماعات التكفيرية المتطرفة التي نشأت وتأسست على أيدي أجهزة الاستخبارات الأمريكية -الغربية، واللافت أن عملية موسكو جاءت في وقت حرج لأمريكا والغرب والجماعات الإرهابية أيضا بسبب العدوان الصهيوني الإمبريالي على الشعب العربي في فلسطين، غير أن التقدم الروسي في جبهات المعارك مع أوكرانيا وإدراك أمريكا وحلفائها الغربيين هزيمة أوكرانيا وهذا يعني هزيمة أمريكا والغرب المحققة، أضف إلى ذلك صورة أمريكا عالميا التي اهتزت وتلطخت بسبب الحرب الهمجية على قطاع غزة..!
على خلفية كل هذه الأسباب والعوامل، اضطرت الأجهزة الأمريكية -الغربية إلى تحريك أدواتها الإرهابية ودفعت بها للقيام بعملية موسكو الإرهابية وفي توقيت خطير وهو شهر رمضان المبارك لتضاعف من ظاهرة (الإسلام فوبيا) وتخفيف التعاطف العالمي مع الشعب العربي الفلسطيني المسلم..!
إن الجماعات الإسلامية المتطرفة، يثبت دائما انها جماعات شيطانية تكفيرية إجرامية ليس لها دين ولا تنتمي للإسلام والمسلمين، بل هي ألد أعداء الإسلام والمسلمين وهي أخطر على الإسلام والمسلمين من أعدائهم حتى من العدو الصهيوني الذي يتحالف مع هذه الجماعات، بدليل علاقة الكيان وجيشه وأجهزته مع (جبهة النصرة) في سوريا وزعيمها الإرهابي أبو محمد الجولاني الذي لم يطلق بحياته رصاصة واحدة على العدو الصهيوني، لكنه يواصل وعصابته الإجرامية استهداف سوريا الأرض والدولة والشعب والقدرات وبدعم أمريكي صهيوني غربي..!!
لقد أثبتت هذه الجماعات خطورتها على الإسلام والمسلمين وعلى الأمة وعلى امنها الوطني والقومي، والمفترض أن تتكاتف الجهود لمواجهة هذه الجماعات الإجرامية وإدانة أفعالها الإجرامية المسيئة لله والرسول والدين والأمة والشعوب العربية والإسلامية..!