كل المشاريع الكبيرة تبدأ بفكرة ثم تتحول لخطة دراسية على العينة المستهدفة، وأخيرا ينتج عنها نتائج وتوصيات… لا يمكن لأي مشروع تحول لواقع ملموس أن يخرج عن هذا الإطار.
شرفت أول أمس الخميس 15 / 2 / 2024م، برئاسة مناقشة دكتوراه بكلية التربية الرياضية بجامعة صنعاء، كمناقش خارجي من جامعة البيضاء، رفقة الزميلين العزيزين والقديرين ا.د حسين جعيم المشرف الرئيسي على الرسالة وا.د نجيب جعيم المناقش الداخلي، والتي تمحورت حول استراتيجية مقترحة للتحول المؤسسي نحو الإدارة الإلكترونية في وزارة الشباب والرياضة والهيئات التابعة لها، للباحث كمال علي أحمد الشريف.
قبل المناقشة لم أكن أعرف الباحث، ولم ألتق به من قبل، وشدني في الأطروحة الفكرة الجريئة والحديثة في بلدنا، وقلت وأنا أقلب صفحاتها، الفكرة جدا طموحة، ولكن أي باحث ليس لديه سلاح إحداث التغيير، ما لم يكن من أصحاب القرار، وفي المناقشة وعند قراءة السيرة الذاتية للباحث، عرفت أنه وكيل مساعد لقطاع الرياضة في الوزارة، ومن هنا زاد إعجابي بالاستراتيجية المقترحة.
الأطروحة العلمية عندما يكون لها هدف، وليس فقط من أجل الحصول على الدرجة العلمية، يتحول مفعولها من النظري إلى شبه التطبيقي، وعندما يكون الباحث هو من دائرة صنع القرار، فإنها تنتقل إلى التطبيقي، وهذا ما نأمله من الدكتور كمال الشريف.
أتمتة العمل الإداري هو إحدى بوابات التحول المؤسسي، ولا يمكن لأي جهة أن تنجح ما لم تواكب الحداثة، وهذا مرهون بمدى تقبل الفكرة من القائمين على تلك الجهة للفكرة من أساسها، وبهذا يكون الباحث قد رمى بالكرة إلى ملعب قيادة الوزارة.
لم تعد كليات وأقسام التربية الرياضية، مجرد بحوث تبقى على رفوف المكاتب، بل كان للبحوث في مختلف دول العالم أثر ملموس في تغيير الواقع لمختلف الأطر والألعاب الرياضية، ولهذا فإن كلية التربية الرياضية بجامعة صنعاء، ومن خلال المواضيع المناقشة على مستوى برنامجي الماجستير والدكتوراه، استطاعت وضع يدها على مختلف الجروح في جسد الهيكل الرياضي، وهذا يحسب للمشرفين ولقيادة الكلية، فالرسائل والاطاريح هي لا تعبر فقط عن الباحث بل عن المؤسسة العلمية الصادرة عنها.
مثل حضور القيادات الرياضية ممثلة بأمين عام اللجنة الأولمبية الأستاذ محمد الأهجري ورئيس الاتحاد العام لكرة الطاولة الدكتور عصام السنيني والأستاذ الإعلامي أحمد السياغي الوكيل المساعد لقطاع التخطيط بالوزارة وأمين عام اتحاد الفروسية الكابتن كمال الطويل والأستاذ والإعلامي المخضرم معاذ الخميسي الأمين العام المساعد لاتحاد كرة القدم، ومديري عام المشاريع والشؤون القانونية بالوزارة أحمد التويتي وأحمد المهدي.. حضورهم كان مهماً جدا، كونهم المعنيين بالتطبيق.
لا نقول بأن الاستراتيجية المقترحة هي قرآن ينبغي تطبيقها بحذافيرها، بل هي من اسمها (مقترحة) وعلى الوزارة عقد ورش عمل لمناقشتها باستفاضة مع كل المعنيين داخل الوزارة وباشراك الجهات التابعة لها.
نشجع كل القيادات الإدارية على إكمال تأهليهم العلمي، كون ذلك ليس في مصلحة الشخص فقط، بل في صالح الجهة أيضا، وعلى الجهة تشجيع عملية التأهيل، خاصة وأنها تتم في داخل اليمن وعلى أيدي كوادر يمنية.
كلية التربية الرياضية بجامعة صنعاء وبقية الجامعات اليمنية، هي جزء من المنظومة الرياضية، وهنا اضم صوتي إلى صوت عميد الكلية ا.د عبد الغني مطهر ونائبه لشؤون الأكاديمية ا.د نحيب جعيم، على أن تدعم الوزارة هذه الصروح العلمية من موازنة صندوق رعاية النشء والشباب والرياضة، كما كانت تخصص سنويا مبلغ 10 ملايين ريال لكلية التربية الرياضية بجامعة صنعاء، وإعادة المبلغ وتعميمه على بقية الأقسام والكليات، سيعود بالفائدة على الرياضة اليمنية.
نهنئ الدكتور كمال الشريف ونتمنى له التوفيق في الميدان العملي، وكذلك التوفيق لبقية الباحثين، وإن كان من شكر خاص فهو للزميل أ.د حسين جعيم، فاصراره على وجود مثل هذه البحوث، نابع من أنه من بيئة رياضية وأيضا ينشط في العمل الإداري في الاتحاد العام لألعاب القوى.
بعيدا عن من هو الباحث أو المشرف أو المناقشون أو الجهة التي منحت الدرجة العلمية، نرجو أن يأتي اليوم الذي يتحول العمل داخل الوزارة والهيئات التابعة لها إلى الإدارة الإلكترونية لما لذلك من مميزات كثيرة لا يسع المجال لحصرها.