لا يضيع حق وراؤه مطالب

خالد عبدالعزيز البغدادي

 

سيسجل التاريخ في أنصع صفحات تاريخه المعاصر، وبأحرف من نور، الموقف اليمني العظيم- قيادة وشعباً- تجاه القضية الفلسطينية العادلة والمحقة، وذلك الموقف تجلى في قرار اليمن الشجاع بإغلاق باب المندب أمام السفن التي تتجه إلى الكيان الصهيوني الغاصب، والدخول في معركة تحرير الأقصى بشكل مباشر، وإطلاق الصواريخ البالستية والمجنحة والمسيرات لتصب جام غضبها على الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة، والمطالبة بوقف العدوان الصهيوأمريكي الظالم على غزة، والوقوف إلى جنب المقاومة الفلسطينية الباسلة في معركة تحرير الأقصى، إلى جانب حركات المقاومة في لبنان، والعراق، وسوريا، وتأييد عملية (طوفان الأقصى)، التي أسدلت الستار قبل انتهاء أهم فصل من فصول مسرحية ما يسمى بـ (إسرائيل) الكبرى ودولتها المزعومة، والشرق الأوسط الجديد، وفق الرؤية الأمريكية وحلفاء أمريكا وأدواتها في المنطقة، فـعملية (طوفان الأقصى) لم تكن طفرة أو حالة انفعالية عابرة، وإنما هي نتيجة تراكمات لسنوات من القهر والظلم والعنف والتهجير الذي مارسه النظام العنصري النازي الصهيوني بحق الفلسطينيين خلال عشرات السنين وعلى وجه الخصوص منذ بداية تنفيذ وعد بلفور المشؤوم الذي أعطى من لا يستحق ما لا يملك، وسلب الفلسطينيين حقهم في الاستقلال ونيل الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وبينما كان العدو الإسرائيلي الصهيوني المحتل لفلسطين يعيش نشوة الشعور بالتفوق وقرب تحقيق حلمه الكبير المتمثل بالسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط، وفي غمرة مهرجانات التطبيع الخياني، وسقوط ورقة التوت التي كانت بعض الأنظمة العربية تتستر وراءها، وخلال حصاد أنظمة الاستكبار العالمي لثمار (الربيع العربي) الذي أسقط الأنظمة العميلة واستبدلها بأنظمة أشد عمالة، والاستفادة من نتائجه الكارثية على المنطقة العربية، استطاع (طوفان الأقصى) أن يجرف معه كل ما علق في الذهنية العربية والغربية من الأكاذيب والدعايات التي روج لها صانعو الكيان الصهيوني ومن يدور في فلكه، التي ترسم صورة زائفة لهذا الكيان الغاصب والعنصري وتدعي بأن جيشه لا يقهر، وأنه حامل لواء الديمقراطية في الشرق الأوسط وحامي حماها، فقد فضحت عملية (طوفان الأقصى) ودحضت تلك الأكاذيب والدعايات، وأعادت للقضية الفلسطينية تألقها ورونقها ووضعتها في صدارة القضايا الإنسانية العادلة، وأثبتت للعالم بأن الشعب الفلسطيني لم ولن يتنازل عن قضيته وحقه في الاستقلال والتخلص من الاحتلال الصهيوني الغاصب لأرضه، وأن المقاومة والجهاد هو الخيار الوحيد لتحقيق النصر والاستقلال، بعد أن ثبت عدم جدوائية المفاوضات والتنازلات التي فتحت شهية الكيان الصهيوني وشجعته على الاستمرار في قضم الأرض وبناء المستوطنات، وممارسة القمع والقتل والاعتقال، والتدمير ضد الفلسطينيين، ولعل أصدق دليل على أن عملية (طوفان الأقصى) قد آتت أكلها وحققت أهدافها؛ هو حالة التخبط الهستيرية التي يعيشها جيش الكيان الإسرائيلي، والقصف والتدمير وقتل الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين أمام مرأى ومسمع من العالم، وبرغم الدعم اللا محدود الذي تقدمه له أمريكا ومن يدور في فلكها، إلا أنه يتكبد المزيد من الخسائر في العتاد والعدة، إلى جانب الهزيمة النفسية جراء المعارك الخاسرة التي ينفذها ضد المقاومة الفلسطينية في محاولة يائسة لتحقيق أي نصر يحفظ له ماء وجهه أمام أهالي المحتجزين لدى المقاومة الإسلامية الفلسطينية.
وما نعجب له هو ذلك الصمت الدولي المخزي تجاه التدمير والجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ في قطاع غزة، وعدم التحرك لدعم ورفع المزيد من الدعاوى القضائية لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة ومن يساندهم بالمال والسلاح وتقديمهم للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، لينالوا الجزاء العادل وإنهاء آخر شكل من أشكال الهيمنة والاحتلال والاستعمار على وجه الأرض.
* رئيس المكتب الفني بوزارة العدل

قد يعجبك ايضا