العدوان العسكري الأمريكي على اليمن

طاهر محمد الجنيد

 

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بداية العدوان العسكري على اليمن وشكلت تحالفاً خاصاً بهذه المهمة إلى جانب دول هي في الأساس تملك ماضياً استعمارياً قذراً في حق الشعوب العربية والإسلامية وغيرها وأخرى عاجزة ليس لها إلا العنوان المرفوع إلى قائمة التحالف، عدوان أمريكا ليس مستغرباً خاصة أنها اكتفت في السنوات الماضية بالتنسيق الأمني الذي اشترى الأسلحة ودمرها على الأراضي اليمنية بمعرفة السلطات وبجهودها، أما اليوم فليس أمام أمريكا ومن تحالف معها سوى الحل العسكري بعد أن أصبح السياسي غير ممكن وفق معادلة “القمح مقابل السلاح” لأننا أصبحنا نزرع في أرضنا قمحاً وهناك جهود حثيثة ومشكورة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع المجالات.
تعتمد الاستراتيجية الأمريكية على الخبرة الاستعمارية البريطانية (فرق تسد) والفرنسية (الإبادة بلا حدود) والانتهازية الإيطالية (الغاية تبرر الوسيلة) وغيرها من المبادئ التي دمرت الأخلاق والسياسة والاقتصاد وكل مجالات الحياة ولذلك تتطابق السياسات الصهيونية والأمريكية في المنهج والأسلوب والغايات والأهداف ومن ذلك يمكن ملاحظة الآتي:
إن أمريكا تكتفي بجهود الصهاينة في ضمان تحقيق أهدافها وسياساتها في المنطقة العربية وغيرها، وتعتمد على الخونة والعملاء، وإسرائيل تعتمد على السلطة الفلسطينية في قمع شعبها وتسليم الناشطين المناوئين لسياستها واحتلالها، حاصرت أمريكا العراق واستعملت العملاء في تحطيم الإرادة الحرة ونزعت السلاح ودمرت القدرات العسكرية العراقية ولم تشن الحرب إلا بعد أن تأكدت من انهيار النظام الاجتماعي والاقتصادي والعسكري والإرادة الوطنية، ومع ذلك لم تدخل الحرب وحدها، بل جلبت معها تحالفا إجراميا حتى لا تتحمل التبعات لوحدها وقبل ذلك دعمت الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفيتي حتى إذا رحل دمرت البلاد وزرعت العملاء والخونة لتصفية المجاهدين وتعبيد الطريق أمامها إذا فكرت بالمغامرة، وفعلا جربت الدخول وذاقت الويلات وتجرعت الهزيمة ورحلت لا بإرادتها ولكن تحت ضربات رجال المقاومة رغم الخلافات والفرقة والشتات الذي زرعته بين مكونات العمل السياسي الأفغاني.
إسرائيل تعتمد السياسة والمنهج ذاته، فقد أوكلت إلى قيادة السلطة الفلسطينية القيام بحصار قطاع غزة تحت مبرر حصار حركة حماس وغيرها من حركات المقاومة الفلسطينية كالجهاد والحركات الأخرى، ولما لم تقتنع بذلك سعت لممارسة أدوراها الإجرامية من خلال بناء الجدار العازل والاستيطان فيما يسمى بغلاف غزة ونسَّقت مع الشقيقة الكبرى مصر لتوفير أفضل سبل الحصار برا ولم يبق إلا البحر الذي يمثل الجدار الثالث، لكن العقول المبدعة والأنامل المسجة والأيادي المتوضئة عكست المعادلة وحولت الحصار إلى مصدر للإبداع في توفير السلاح وتحقيق التفوق التقني الذاتي بوسائل بسيطة، فظهر المحلي من قذائف الياسين وقذيفة شواظ المضادة للدروع والدبابات، ومثل ذلك فعل آل سعود في حصار اليمن والعدوان عليه، وهكذا فكل أحلاف الباطل يصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ» الحشر (14).
لقد كرس الحلف المتصهين كل جهوده لتدمير قدرات اليمن العسكرية والاقتصادية والتنموية على مدى أكثر من 8 سنوات مضت، وبكل أنواع الأسلحة الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية وغيرها وكانت السعودية هي رأس الحربة، الإمارات، وخابت كل تلك الأفعال الإجرامية وتحطمت على صخرة الوعي اليمني، وصمود واستبسال الأبطال الذين أفشلوا كل تلك الرهانات المجرمة، واليوم جاء الداعم والمحرك الرئيسي مستعرضاً قواته وقدراته في مشهد اعتبره البعض مفاجئاً، ولن نعتبره كذلك لأننا نلعن الشيطان ونلعن أمريكا وإسرائيل وأمريكا هي الشيطان الأكبر، والشيطان أمريكا وإسرائيل لا فرق، فالكل سواء.
أعلنت اليمن أنها تحمي الملاحة الدولية وتسمح لكل السفن بالمرور من البحر العربي وباب المندب باستثناء السفن التي تزود المجرمين قتلة الأنبياء والأطفال وناكثي العهود بالأسلحة والمواد التموينية، وطلبت مقابل ذلك السماح بدخول الأدوية والأغذية إلى أرض غزة المحاصرة، فاعتبرت أمريكا أن ذلك جرم يستوجب شن الحرب من أجل خاطر عيون المجرمين، وقالها العالم أجمع أحسنت اليمن صنعاً ورسخت مبادئ الحقوق الإنسانية والعدالة الدولية وهو مبدأ سيظل مسجلاً في صفحات التاريخ للسياسة اليمنية تحت زعامة قائد الثورة والمسيرة القرآنية السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، لكن ما أرادته أمريكا سيظل وصمة عار في سجلات الخزي المسجلة باسم السياسة الأمريكية كقوة استعمارية وقوة إجرامية تمتلك أفضل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً.
صحيح أن الإمكانيات بين الموقفين تعطي الأفضلية للإجرام وحلفائه، لكن الإمكانيات في القياس الصحيح وهو رضوان الله لا تمثل شيئاً، فهو سبحانه القائل ( َأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) الأنفال (60) فالمطلوب إعداد ما نستطيع كمسلمين من قوة في الساعد والسلاح، وقوة الإيمان واليقين، وقوة العلم والمعرفة، وقوة الصبر والتوكل على الله، فإذا اعددنا ذلك، فالنصر والغابة هي إرادة الله (وما النصر إلا من عند الله).
فالله ناصر حزبه وأوليائه ومهلك أعدائه وعلى المؤمنين أن لا ترهبهم كثرة الأعداء ولا تفوق المجرمين بالعدد والعدة، لأن الإهلاك بالذنوب (كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ) الأنفال (54)، فهل تريد أمريكا أن تجرب حظها في اليمن؟، إن كل القوة الإيمانية والثقة بالله أعدت من أجل مقاومتها وتحطيم هيمنتها الزائفة التي رسختها في عقول الخونة والعملاء والمأجورين، ومثل ذلك أسطورة الكيان الصهيوني الذي داست هيبته وسطوته أقدام المجاهدين على أرض فلسطين، ولم تعد المبادرة بيد أفلام هوليود الأمريكية عن الأبطال الذين يحطمون دولاً لأنهم على شاشات العرض، بل أصبح المسرح اليوم على أرض فلسطين والمسافة صفر، وفي البحر طوفان اليمن الذي سيغرق الفراعنة الجدد، وهامان وقارون ومن تحالف معهم ضد القيم والمبادئ والحقوق، فالإيمان ضد الطغيان، والحقوق ضد الإجرام، وسنكررها قائلين – هيهات منا الذلة ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

قد يعجبك ايضا