جرائم الصهيونية في ميزان العدالة الدولية

اليمن يؤكد دعمه لجنوب أفريقيا في الدعوى ضد جرائم الاحتلال الصهيوني

 

الثورة /متابعة/ناصر جرادة

أكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال المهندس هشام شرف عبدالله، دعم حكومة صنعاء للقرار الإنساني والأخلاقي الذي اتخذته حكومة جنوب أفريقيا لرفع دعوى قضائية لدى محكمة العدل الدولية ضد العدو الإسرائيلي .
وعبّر الوزير شرف – في رسالة خطية إلى وزيرة خارجية جمهورية جنوب أفريقيا السيدة ناليدي باندور – عن تقدير واعتزاز الجمهورية اليمنية قيادةً وحكومة وشعباً لموقف جمهورية جنوب أفريقيا الرافض لما يقوم به العدو الإسرائيلي من جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأشار إلى أن هذا القرار يأتي في توقيت هام بعد فشل مجلس الأمن الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين والحفاظ على حياة المدنيين الفلسطينيين، بسبب الدعم اللامحدود سياسيًا وعسكريًا وماليًا ولوجستيا الذي تقدمه دول دائمة العضوية في مجلس الأمن للعدو الإسرائيلي.
وأكد الوزير شرف أن حكومة صنعاء ملتزمة بمسؤولياتها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، بما في ذلك، حرية الملاحة البحرية في البحر الأحمر وبحر العرب، وأنها في نفس الوقت مستمرة في استهداف السفن المملوكة للعدو الإسرائيلي أو متجهة إليه حتى يتم إنهاء العدوان ودخول المساعدات الإنسانية والغذائية والوقود إلى قطاع غزة.
وفي هذا السياق، تعقد محكمة العدل الدولية اليوم الخميس، أولى جلساتها للنظر في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي بتهمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
ملف الدعوى
قالت جنوب أفريقيا في ملفها – المكون من 84 صفحة والمقدم إلى المحكمة – “الأمر الأخطر من ذلك هو أن إسرائيل انخرطت وتخاطر بالتورط في المزيد من أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة”.
وتقول جنوب أفريقيا إن أعمال إسرائيل في غزة هي إبادة جماعية “لأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير من المجموعة الوطنية والعرقية والإثنية الفلسطينية”.
وجاء في الملف: “تشمل الأفعال المعنية قتل الفلسطينيين في غزة، والتسبب في أذى جسدي وعقلي خطير لهم، وفرض ظروف معيشية عليهم تهدف إلى تدميرهم جسديًا”.
وقُتل أكثر من 23 ألف شخص في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وفقاً لوزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة.
كما طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة إصدار “إجراءات مؤقتة” تأمر إسرائيل بوقف حربها في غزة، والتي قالت إنها “ضرورية في هذه القضية للحماية من المزيد من الضرر الشديد وغير القابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني”. الإجراء المؤقت هو أمر مؤقت بوقف الأفعال، أو أمر قضائي، في انتظار صدور حكم نهائي، بتهمة الإبادة الجماعية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي إزاء ما يرتكبه من إبادة جماعية في قطاع غزة، رفعت جنوب أفريقيا في 29 ديسمبر الفائت دعوى قضائية إلى محكمة العدل الدولية.
إذ تنطلق اليوم في مدينة لاهاي الهولندية أولى جلسات محكمة العدل الدولية، للنظر بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل على خلفية اتهام الأخيرة بارتكاب إبادة جماعية في عدوانها على قطاع غزة، بحسب ما أعلن المتحدث باسم وزارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، كلايسون مونيلا، في تدوينة على منصة إكس.
وفي 21 نوفمبر 2023، علّقت جنوب أفريقيا علاقاتها مع إسرائيل، احتجاجاً على هجماتها المدمّرة في قطاع غزة، وسبق ذلك استدعاؤها سفيرها لدى تل أبيب للتشاور بشأن الهجمات على القطاع الذي يشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وتخشى إسرائيل أن تصدر “العدل الدولية” خلال المحاكمة قراراً بوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة التي تشنها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في حالة غير مسبوقة – وعلى عكس المحكمة الجنائية الدولية التي لا تلتزم تل أبيب باختصاصاتها وأحكامها – يعدّ كيان الاحتلال من الدول الموقّعة على معاهدة مناهضة الإبادة الجماعية، التي تستمدّ محكمة العدل الدولية بموجبها سلطتها للنظر في الشكوى المرفوعة ضدها؛ ولذلك، قررت تل أبيب في خطوة استثنائية المثول أمام المحكمة.
وفي هذا السياق، قال مساعد القانون في كلية ترينيتي في دبلن، مايكل بيكر، خلال حديث صحفي، إنّ حجم الرد الإسرائيلي على عملية 7 أكتوبر الماضي التي نفّذتها حركة حماس “يثير قلقاً عميقاً، وخاصة أنّ إسرائيل تنتهك قواعد القانون الإنساني الدولي على نحو فاضح”.
ويضيف بيكر في حديثه، أنّ “الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي في غزة، ليس بالضرورة أن تفي بالتعريف القانوني المعقّد للإبادة الجماعية، لكنّ جنوب أفريقيا فعلت ما يكفي لإثبات أنّ سلوك إسرائيل يثير تساؤلات جدّية تتعلق بالامتثال بالتزاماتها بموجب الاتفاقية الموقعة عام 1948″، وفق قوله.
ومع ذلك، بينما سيكون من السهل نسبياً على جنوب أفريقيا إثبات تورّط إسرائيل في أعمال يمكن أن تشكّل إبادة جماعية، فإنّه من الضروري إثبات أنّ أقوال تل أبيب وأفعالها تظهر نيّة التدمير الجسدي للسكان الفلسطينيين في غزة، بحسب تقديره.
ويرى بيكر، أنّه لا تحتاج محكمة العدل الدولية في الوقت الحالي أن تقرر ما إذا كانت الجرائم الإسرائيلية التي وقعت منذ 7 من أكتوبر ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، مبيّناً أنّ القضية قد تستغرق من ثلاث إلى أربع سنوات.
وهذا يعني أنّ المحكمة قد تطلب من إسرائيل إيقاف “حملتها العسكرية” لتلافي الضرر على المدنيين حتى تصدر قرارها النهائي بشأن ما وقع.
ويبيّن الأكاديمي أنّ قبول إسرائيل للمشاركة في هذه القضية هو تطوّر جيّد وسيساعد على ضمان عدالة ودقّة الإجراءات.
بينما رأت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ الضرر الذي قد يلحق بسمعة إسرائيل نتيجةً لحكمٍ ما ضدّها سيكون كبيراً، وقد يؤدي على الأقل إلى تعديل حملتها العسكرية.
وحقيقة أنّ إسرائيل اختارت الدفاع عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية، وأنّها من الدول الموقّعة على اتفاقية الإبادة الجماعية، يجعل من الصعب عليها أن تتجاهل أيّ نتيجة سلبية، بحسب تقديرها.
آثار الحكم على الكيان وخارجه
تداعيات حكم محكمة العدل الدولية يمكن أن تمتد إلى خارج الكيان الإسرائيلي، وفقا للخبراء، ولن يؤدي ذلك إلى إحراج أقرب حلفاء إسرائيل، الولايات المتحدة فحسب، بل قد يعتبر واشنطن أيضًا متواطئة في الانتهاك المزعوم لاتفاقية الإبادة الجماعية.
وكتب جون ميرشايمر، عالم سياس أمريكي: “على الرغم من أن طلب جنوب أفريقيا يركز على إسرائيل، إلا أن له آثارا ضخمة على الولايات المتحدة، وخاصة الرئيس جو بايدن ومساعديه الرئيسيين”.
وأضاف: “لماذا؟ لأنه ليس هناك شك في أن إدارة بايدن متواطئة في حرب إسرائيل”.
واعترف بايدن بأن إسرائيل تنفذ قصفاً “عشوائياً” في غزة، لكنه تعهد بحماية البلاد. لقد تجاوزت إدارته الكونغرس مرتين لبيع معدات عسكرية لإسرائيل خلال الحرب.
وقال ميرشايمر إنه حتى لو تجاهلت إسرائيل أمر محكمة العدل الدولية، فسيكون هناك التزام قانوني بين الموقعين الآخرين بالامتثال، وأضاف: “لذا فإن أي شخص يساعد إسرائيل في تلك المرحلة سيكون بمثابة خرق لهذا الأمر”.
وتابع قائلا: “من الممكن أن يتم رفع دعوى قضائية في جميع أنحاء العالم إذا لم تتوقف الدول عن مساعدة إسرائيل.. ستكون هناك تداعيات قانونية في جميع أنحاء العالم”.
وتسود مخاوف حقوقية في كيان العدو من إمكانية إدانتها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهو ما استدعى قلق المؤسسات الأمنية والقانونية في الكيان.
وبحسب صحيفة هآرتس، حذّر خبير قانوني كبير في الأيام الأخيرة، ضبّاط الجيش بمن فيهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي، من وجود خطر حقيقي بأن تصدر المحكمة أمراً قضائياً يدعو إسرائيل لوقف إطلاق النار، مشيراً إلى أنّ الأخيرة ملتزمة بأحكام المحكمة.
وقالت: “بدأ الجيش ومكتب المدّعي العام بالفعل الاستعداد للتعامل مع الشكوى”، مضيفةً أنّه وفقاً لخبراء القانون الدولي، فإنّ هذا الإجراء قد يعزّز مزاعم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، وبالتالي يؤدي إلى عزلتها الدبلوماسية ومقاطعتها أو فرض عقوبات عليها أو ضد الشركات الإسرائيلية.
وبدوره، كتب كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” على منصة إكس، عن أنّ القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا توفر الفرصة لإصدار حكم نهائي، معتبراً أنّ حجم القتل كافٍ لاعتبار إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة بالاستناد إلى حجم القتل، وأنّه يمكن إثبات ذلك “عبر عديدٍ من الشهادات”.
بينما يقول الأكاديمي مايكل بيكر إنّ محكمة العدل الدولية تأخذ دورها على محمل الجد، وستتعامل مع الأسئلة المعقدة التي تثيرها هذه القضية بأقصى قدر من العناية.
وسيُطلب من جنوب أفريقيا وإسرائيل التركيز على السؤال المحدّد المتمثل في ما إذا كان الفلسطينيون في غزة يواجهون خطراً عاجلاً يتمثل في إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالحقوق التي تحميها اتفاقية الإبادة الجماعية، بحسب قوله.
ومن المحتمل جداً، من وجهة نظره أن تتمكن جنوب أفريقيا من إقناع محكمة العدل الدولية باتخاذ إجراءات مؤقتة ضدّ إسرائيل، مرجّحاً أن تحثَّ هذه الإجراءات إسرائيل على التقيّد بالتزاماتها الدولية والتصرّف بمزيد من ضبط النفس.
ويتابع: “قد تعالج إجراءات محكمة العدل الدولية ضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
وفي حال اتخاذ قرار مثل هذا، يؤكّد أنّ محكمة العدل الدولية لا تملك الأمر التنفيذي، “لذا يقع على عاتق الدول الأخرى إقناع إسرائيل بأهميّة أخذ قرار المحكمة على محمل الجد”.
ويمتلك مجلس الأمن – التابع للأمم المتحدة – الأمور التنفيذية الخاصة بمحكمة العدل الدولية.
وتقول المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة إنّه “إذا امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، ولهذا المجلس، إذا رأى ضرورةً لذلك أن يقدّم توصياته أو يصدر قراراً بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم”.

قد يعجبك ايضا