في الحرب الإسرائيلية على حزب الله 2006م، كان المشهد الإعلامي يقدم تحالفاً عربياً إسرائيلياً كواقع أو أمر واقع لانبطاحية الأنظمة العربية في معظمها..
هذا المشهد التحالفي لأنظمة عربية والكيان الصهيوني، تكرر بوضوح في العدوان على اليمن..
لم يشهد مثل هذا التحالف في كل الحروب مع إسرائيل، وبالتالي فإن أمريكا ومنذ أول كامب ديفيد – مارست ترويض الأنظمة للوصول بها إلى خنوع «انبطاحي» مخزٍ، ليصل إلى مستوى الشراكة في إجرام وجرائم إسرائيل، وإن احتاج التعامل مع حالة أو أكثر تغطيات «هلامية» وإعلامية وكلامية بعيدة عن الحد الأدنى من الفاعلية أو التفعيل..
ولهذا لاحظوا مثلاً، أننا منذ ما سمي بحلف بغداد لم نسمع عن حلف أو تحالف، حتى جاء الاستعمار الجديد، فتصبح الثورة العربية الكبرى – كما سميت – هي الربيع العربي، فيما جاء الجديد أو التجديد باشتقاق «عاصفة الحزم» من «عاصفة الصحراء»..
في حرب 2006م، لم تعد إسرائيل هي «الغدة السرطانية»، وإنما «حزب الله»، وما دام حزب الله لم يقبل لا بالروضة ولا بالترويض الأمريكي فهو الخطر على الأمن القومي العربي وعلى الإسلام والأمة الإسلامية..
ما عرفت بالثورة في اليمن ما دامت لم تسر النهاية والمبتغى أمريكياً وإسرائيلياً، فهي الخطر على الأمن القومي العربي، وهي الغدة السرطانية التي تفرض تحالفاً عربياً إسرائيلياً لاستئصالها..
الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات لم يتم فقط شطبه من قائمة الإرهاب، بل يعطى جائزة نوبل للسلام شراكة مع رئيس وزراء إسرائيل، وحين يرفض صفقة «كامب ديفيد، وعرض الرئيس الأمريكي» كلنتون «يُعاد إلى قائمة الإرهاب ويُحاصر في منزله المتواضع مقارنة بخلفه، ومن يثم يُقتل «بالسم» وبشراكة إسرائيلية عربية أيضاً”..
المفكر والكاتب العربي المصري محمد حسنين هيكل، قال بعد أول «كامب ديفيد»، إن الثورة والثروة العربية التقتا وبتواضع قدراتي قلت إن الثروة احتوت الثورة بعد ذلك الكامب الشهير..
ولذلك، فإن حركات النضال والمقاومة التي ارتبطت ورُبطت بالأنظمة، باتت من فكر الستينات للقرن الماضي، كما قال الرئيس المصري الحالي «السيسي»..
البديل واقعياً – وبعد اجتياح إسرائيل لـبيروت بداية الثمانينات – بات هو محور المقاومة والذي يمثل مظلة لكل الأحرار ولكل الفصائل أياً كان تنوع أو تعدد التفكير أو الفكر..
ولا تعنينا هنا كل ترهات مبطوحين ومنبطحين وطائعين ومطيعين، لأنه لا عدو للمنطقة وشعوبها وحاضرها ومستقبلها غير أمريكا وإسرائيل، فماذا يعمل أتباع إسرائيل وعجول وتبعان أمريكا غير هذا التراء والغثاء وقد بات هذا كل عملهم بأمر أمريكا وإسرائيل..
ما يحدث في ومع «غزة» هو الكينونة والصيرورة، وبالتالي فأي مواقف تناقض ذلك «ظاهرياً» ليست لحاجيات تعامل تكتيكي وظاهري أقصى ماتريده القول “لسنا مع إسرائيل شركاء إجرام وجرائم»، وواقعياً هم شركاء كما في الحرب على حزب الله 2006م، أو في العدوان على اليمن، ومثل هذا بات مفضوحاً منكشفاً بغض النظر عن حاجيات «تباتيك» و«إتيكيت»، وإن فرضها أي واقع أو أمر واقع كتعامل سياسي ..
هذا حزب الله التي أجمعت أثقال الأنظمة العربية وإسرائيل على اقتلاعه 2006م، باتت إسرائيل تخشى اجتياحه لها، وهذه اليمن التي تحالفت ثقل الأنظمة للعدوان عليها ومسحها، تحاصر الكيان الصهيوني بكل إباء وشموخ، وانتظروا المقاومة الفلسطينية التي تمارسون كل أشكال استهدافها والتآمر عليها من تحت الطاولة أو حتى من فوقها..
الحق والحقيقة تظل لهما قوة هائلة فوق كل قوة عظمى وفوق من يدعون العظمة والعظمى، وليسوا ولن يكونوا أكثر من عظمان وعظام غزة والزمن بيننا..!!
* كاتب ومحلل سياسي