واشنطن بين.. (مطرقة) صنعاء و(سندان) غزة..!!

طه العامري

 

 

تجد واشنطن نفسها في موقف محرج للغاية، بعد إصرار صنعاء على تطبيق قرارها ميدانيا والمتصل بمنع مرور أي سفينة متجهة إلي الكيان الصهيوني، سواء كانت صهيونية الجنسية أو تحمل جنسية أيه دولة من دول العالم ومتجهة إلى الكيان الصهيوني، طالما وقطاع غزة يباد بآلة الموت الصهيوأمريكية ويضرب عليه حصار جائر وغير قانوني أو أخلاقي أو إنساني، ويمنع عن سكانه الغذاء والدواء والمياه والوقود، وتدمر فيه كل مقومات الحياة، من قبل عدو فاجر وماجن ومجرد من كل القيم، عدو عنصري استيطاني وإرهابي، عدو دمر الأحجار والأشجار والبشر ولم يسلم من إجرامه لا الأحياء ولا الأموات بعد أن تعمد تجريف المقابر، وتعمد تدنيس المساجد، عدو يتعمد في ممارساته الإجرامية استفزاز المشاعر الإنسانية، بسلوكياته التي لم يسبق تاريخيا أن مارسها أحد قبله من برابرة التاريخ وطغاته..؟!
نعم إن ما يتعرض له الشعب العربي في قطاع غزة من قبل الجيش الصهيوني المدعوم أمريكيا وأمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، يعد إجراماً غير مسبوق ولم يأتي بمثله لا (هولاكو) ولا (التتر والمغول)، ولا جيوش الحملات الصليبية التسع التي شنتها أوروبا ضد العرب والمسلمين..
هذا الإجرام لا شك  تجاهله قادة العرب وتغاضى عنه قادة المسلمين، وباركه قادة (العالم الحر) ممثلين بأمريكا والمنظومة الغربية، غير أن ثمة قائداً يمنياً وعربياً ومسلماً صادقاً مع الله والرسول ومع شعبه وأمته، قائد يحمل في شرايينه دماء نقية طاهرة، هي دماء الحرية والكرامة، دماء كربلائية تؤمن بحتمية انتصار الدم على كل بوارج وطائرات الطغاة، قائد أخرج اليمن من مستنقع التبعية والارتهان إلى آفاق السيادة والإيمان العميق بالهوية والعقيدة والانتماء، إنه سيد اليمن وقائدها سماحة السيد القائد المجاهد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي اتخذ قرار نصرة الأشقاء بغض النظر عن سفسطائية وتخرصات المرتهنين أيا كانت هوياتهم، وبمعزل عن تهديدات محاور النفوذ، ولو كان مصدرها أمريكا أو بريطانيا أو الغرب أو العالم بأسره، فهذه التهديدات ليس لها مكان في أجندة واهتمام سيد اليمن وقائدها، الذي اصطف صادقا لنصرة الأشقاء في فلسطين واتخذ قراراً بمنع السفن الصهيونية أو المتعاونة مع الصهاينة في مياه البحرين الأحمر والعربي و (مضيق باب اليمن) وخليج عدن، طالما ظل العدوان على قطاع غرة وظل شعبنا العربي في القطاع محاصراً ومحروماً من أبسط مقومات الحياة، وإن كانت أمريكا وحلفاؤها اتخذوا مواقفهم ضد أشقائنا في فلسطين دعما ومساندة للكيان الصهيوني، فإن لصنعاء الحق في الاصطفاف ومساندة أشقائها في قطاع غزة وفي كل فلسطين العربية المحتلة..
ندرك أهمية الأمر لدى واشنطن، وندرك حساسية الخطوة اليمنية التي اتخذتها صنعاء وانعكاساتها على حسابات واشنطن تحديدا وهي التي حضرت بأساطيلها ومدمراتها للمنطقة ومعها أساطيل ومدمرات حلفائها، والهدف هو إتاحة الفرصة للصهاينة كي يثأروا لهيبتهم وكرامتهم المفقودة يوم 7 أكتوبر الماضي، ومنع أي تدخل وأيا كان هدفه لمساعدة الأشقاء في قطاع غزة، وهذا يعد فعلاً إجرامياً مركباً وحرب إبادة مزدوجة الوسائل، وهذا ما لم تقبل به صنعاء التي عبرت عن تضامنها ونصرتها للأشقاء، من خلال الإجراء الذي اتخذته وهو منع السفن الصهيونية والمتعاونة مع الصهاينة من المرور إلى موانئ الكيان طالما والحصار يكاد يقتل غزة..
معطيات راهن الحال تؤكد أن الكيان يعيش حالة ارتباك وتخبط بسبب إجراءات صنعاء، واقتصاده يكاد ينهار، وتدرك أمريكا حالة ووضع كيانها، كما تدرك أن صنعاء لن تتراجع عن مواقفها، وفيما حرصت واشنطن طيلة شهرين من العدوان الصهيوني على منع تمدد هذه الحرب، فإن صنعاء وضعتها في مأزق حقيقي من خلال إجراءاتها البحرية، وهو الإجراء الذي فعلا يجعل واشنطن بين ( مطرقة صنعاء) – المتمسكة وبصلابة في مواقفها – وبين (سندان غزة)، وصمود المقاومة والخسائر التي يقدمها الصهاينة في القطاع، وكل هذه المعطيات مؤلمة لأمريكا التي إن تجاهلت قرار صنعاء ومواقفها تضرر الكيان وهيبة أمريكا، وإن تجاوبت مع صنعاء وضغطت باتجاه وقف العدوان وفتح المعابر للقطاع خسر الكيان وفقد بقايا مكانة ودخل في أزمة داخلية وجودية، فيما التدخل الدولي الذي تتحدث عنه أمريكا لن يكون من السهل الوصول إليه وإن تحقق هذا التحالف فهذا يعني دحرجة الأمور إلى مسار لا تريده واشنطن ولا تتمناه..!!
خيارات صعبة تواجه واشنطن أكثرها مرارة عليها هو الضغط على الكيان لوقف عدوانه وفتح المعابر وإدخال المساعدات لقطاع غزة وهذا الإجراء هو الفعل الوحيد المقبول من صنعاء، كي توقف بدورها إجراءها الميداني في المياه البحرية، وأخطرها على واشنطن هو أن يحدث ما سعت لعدم حدوثه طيلة أشهر العدوان، وهو اتساع رقعة المواجهة، فيما صنعاء ألقت بالكرة منذ البداية للملعب الأمريكي، ويبدو أن واشنطن أدركت مرامي صنعاء فأرسلت مستشارها القومي للكيان لجس النبض، بعد تصريحات نارية أطلقها الرئيس الأمريكي لم تكن صنعاء وموقفها بعيدة عن دوافعها.. لكن تبقى قادم الأيام كفيلة بتوضيح خيارات واشنطن خاصة والقوات البحرية اليمنية أجبرت سفينة حاويات الليلة الماضية بالتوجه إلى الشواطئ اليمنية بعد أن كانت متجهة نحو موانئ العدو، وستكون هذه ثاني سفينة تحتجز على يد القوات البحرية اليمنية بعد جالكسي، وهناك ثلاث سفن وناقلات نفط أجبرت على تغيير مسارها نحو مراس صديقة، حسب الجهات الغربية بعد منعها من الوصول إلى موانئ العدو.

قد يعجبك ايضا