تلامس لا يرى


تسير على الرصيف.. رصيف حارة فرعية والسماء غائمة فلا ترتسم ظلال منعكسة لكيانها على الإسفلت مصاحب السائر الماشي العابر على الرصيف.. لا زحام هنا ولا يكتظ الفضاء الخالي بزحمة العابرين.. كيان سائر يلتبس السواد وتلك المساحة الصغيرة التي لو دقق فيها الناظر.. ليشاهد اختلاجات رموش العين.. والحدقة تسبح في بحر بياض العينين.. يقف الناظر ما بين أن يرى ولا يرى تتحرك القدمان..تلامس الأرض بوجل.. السواد المحيط بالكيان..السائر والعابر.. لا يشي بتضاريس الجسد إن الجسد داخل السواد كأن بينهما مساحة فاصلة بين حدين.. ومن نظرة غائمة لا تستطيع الوصول إلى تحديد شبه تقريبي.. لتلمح شيئا ذا تعبير تبوء بالفشل يسير الكيان بأقدام وجله لا تتعجل ولا تتأخر.. كأن بين ذلك الكيان الأسود العابر.. وبين ما يحيط به شيء يجعلهما بعيدين منفصلين.. أهو رهبة.. خشية من التصادم وابتعاد الكتف بعيدا وعلى الهامش.. حتى لا يحدث أي نوع من التلامس ولو افتراضا.
يغيب ذلك الكيان الذي عبر المشهد.. ويظل رصيف الشارع الحارة شاغرا باللاشيء ورغم خلوه تماما من إيقاع القدم. لكنه يمتلئ في فراغه ذاك بشتى التوقعات التي تنتظر كعادتها مرور وعبور الخطوات آتية من هذا الطرف أو ذاك إلى حد السكون الغريب والمدهش الذي يصبغ الرصيف الشارع.. وبتلك الحيادية الباردة التي تظلله.. يظل ينبئ بمرور وعبور.. آخرين يلبسون السواد.. أو كاشفين للوجوه شيء ما هناك.. من الوجل..شيء ما يقترب أو يبتعد من عدم التلامس أو تلامس يحدث ولا نراه.

قد يعجبك ايضا