قدح وردح العقل العربي المتصهين لإيران بائس ومثير للشفقة، هذا العقل البائس يريد أن يسوٍّق تطبيعه عبر استهداف مشروع دعمها للمقاومة والتشكيك في مصداقيتها واختلاق نوايا «خبيثة» تارةً بأنها حليفة للصهاينة وأمريكا وتتآمر معهم على العرب، كما لو كان هذا العقل يعادي المشروع الصهيوأمريكي أو يختلف معه في أضعف الحالات. وكلنا نعرف تماهيه وتعاونه مع هذا المشروع ويعمل تحت لوائه وسعى في العقد الأخير إلى تكوين حلف صهيوعربي من أجل محاربة إيران.
والمفارقة العجيبة كيف حلف مع إسرائيل للتصدي للمشروع الإيراني؟ في الوقت الذي تتهم أقلامه إيران بأنها تعمل لصالح المشروع الصهيوأمريكي؟!!
وماهي المسألة الجوهرية التي تقلق هذا الحلف من إيران غير مشروع المقاومة ودعم فصائله التي تضع قضية فلسطين وتحريرها في رأس جدول أعمالها.
وعليه يمكن القول إنه صدام بين مشروعين، مشروع المقاومة ومشروع السلام الذي فشل وبات استسلاماً، أو هو صدام بين مشروع كان مقاوماً ذات يوم وتحت وقع الهزائم التي مني بها تحول إلى مشروع سلام، وجد نفسه أخيراً قابعاً في مشروع استسلام وخضوع وإذلال، ولكي لا ينجح مشروع إيران المقاوم لا ضير عند هؤلاء المهزومين من التضحية بالقضية الفلسطينية والتنازل عنها، لأن نجاح مشروع إيران وحلفائها المقاوم يكشف عورة خصومهم.
الموقف من مشروع المقاومة بالنسبة لأعدائه مسألة وجودية، لأن نجاح المقاومة سيحدث هزات ارتدادية طبيعية بحيث تمتد آثارها إلى أنظمة الحكم القائمة، حيث أن زوال هذا الكيان الصهيوني الغاصب يفضي في المحصلة زوال الهيمنة الغربية “الاستعمار القديم” على المنطقة، وهذه الهيمنة هي ركيزة نشأة وبقاء أنظمة التبعية الوظيفية في المنطقة ووجودها مرهون ببقائه.
ولئن كان مشروع المقاومة يقوم على استنهاض إرادات شعوب المنطقة، فإن هذا الاستنهاض يشكل على أنظمة درجت على انتهاج سياسات تدجين شعوبها وسلب إرادتهم.