جاءت العملية التي نفذتها القوات البحرية، بالاستيلاء على سفينة صهيونية بعد ستة أيام من توجيهات قائد الثورة باستهداف السفن الإسرائيلية، وهذا يعني أننا أمام فعل سريع وناجز للتهديد..وقد أكد حفظه الله في خطابه قائلا «سنستمر في التخطيط لاستهداف السفن الصهيونية في البحر الأحمر والمندب».
منذ أسابيع تتخفى سفن العدو الصهيوني في البحر الأحمر وتتهرب مذعورة، ترفع أعلام دول أخرى، وتطفئ أجهزة التعارف، اعتقادا منها أن ذلك سيوفر لها حماية من الاستهداف اليمني، غير مدركة أن لدى اليمن أجهزة رصد وتعقب فاعلة تمكنها من التعرف على أي سفينة صهيونية.
لكن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، الذي أعلن للجميع بأن سفن إسرائيل تتخفى، مؤكدا في خطابه المتلفز يوم الثلاثاء الماضي، أنها ستستهدف رغما عن ذلك، ومؤكدا أن الأعين تترصد هذه السفن، قائلا «عيوننا مفتوحة للرصد الدائم والبحث عن أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب تحديدا، وما يحاذي المياه الإقليمية اليمنية»، وأوضح قائلا «وليعلم الجميع أن سفن العدو الصهيوني تتخفى»، وهو بذلك يقول للصهاينة بوضوح لا تتوهموا بأن التخفي سينجيكم من بأسنا، سنصل إليكم وسنظفر، وسنرصد ونتعقب، وسنظفر، وسننكل”..وهو ما حدث بالفعل يوم أمس.
إذ لم تمر أكثر من 6 أيام من إعلان قائد الثورة حفظه الله معادلة البحر، وتوعده بالتنكيل والظفر بسفن الكيان الصهيوني حتى باتت عملا حادثا وبالمفاجأة التي لم يحسب حسبانها أحد..
وفي الفعل العسكري الناجز لم يذهب أبطالنا إلى وسط البحر ويضربوا السفينة ويعودوا أدراجهم بل ذهبوا لاحتجازها واقتيادها والاستيلاء عليها غير مكترثين بالعالم المنافق الذي يتمخطر في بحار الدنيا عرضا وطولا.
لربما هي الخطوة التاريخية الأولى بهذا الحجم وبهذه الجرأة في الفعل، وبهذا الإقدام في العمل العسكري الوازن، كان يمكن ضرب السفينة وسيقوم العالم ويقعد وسيتضرر كثيرا.
كان من الممكن إغراق السفينة في البحر الأحمر، وسيشهد العالم أكبر نكبة في البحر الأحمر، لكن السيد القائد وجه باقتيادها والاستيلاء عليها، واختار أن يكون الفعل والعمل والإقدام موجهاً وبدقة نحو الكيان الصهيوني، وبما يهدف إلى الضغط عليه لوقف العدوان على غزة وتدفيعه ثمنه، في الوقت نفسه أوصل رسالة قاسية إلى العالم الغربي بأن الضرر سيلحق به إن لم يوقف العدوان على غزة، ودون أن يفتح مجالا لأي ردة فعل مبررة.
العملية هي واحدة من إحدى أخطر الضربات الحاسمة في المعركة إجمالا، وهي حدث مفصلي حاسم في مسار الحرب، ومن شأنها أن تضع العالم أمام نذر حرب واسعة ومكلفة الأثمان إن استمر العدوان على غزة، إذ أن العملية وإن كان الضرر مقتصرا على سفينة شحن إسرائيلية اليوم، فإن مثيلاتها اللاحقة سيكون الضرر فيها أوسع، وذلك مرهون باستمرار العدوان على غزة.
سيقف العالم اليوم مشدوها أمام إحدى أخطر العمليات العسكرية وأتقنها وأحكمها، ولا سبيل أمام المتواطئين والداعمين والمشاركين في العدوان على غزة إلا وقفه فورا.. وبقدر الفعل العسكري الكبير بقدر ما أنها سحبت أي ذريعة لردة فعل هنا أو هناك تسمح للمتحالفين على غزة أن يذهبوا بالأمور بعيدا عن سياق وقف العدوان عليها.
هي ضربة كبرى في خاصرة العدو الهشة، وهي فعل أولي من شأنه أن يفتح المزيد من الجبهات في وجه الكيان الصهيوني وداعميه إذا لم يختاروا وقف العدوان على غزة.
حتى الولايات المتحدة التي تبرطعت بحاملات الطائرات والسفن والبوارج، عليها اليوم أن تبتلع الحدث وتتحمله ثقيلا كان أو خفيفا والأهم أن تدرك أن وقف العدوان على غزة هو الحل الأنسب والأقل كلفة لها ولربيبتها إسرائيل.
سيعلو صراخ الغرب بمخاطر الحرب على غزة، ستبدأ الوساطات بالرحيل نحو العواصم العربية، ستتوقف الحرب على غزة حتما وهذا هو المطلوب، وقد يكون اليوم وقد يكون بعد أن تتكرر المفاجآت، فالحرب على غزة لن تكون إلا ويلات على الكيان وداعميه ومن مصلحة العالم أن يوقفها اليوم وعاجلا.
ولخيالنا أن يسرح أيضا إلى الأبعد من هذا، وهو أن أي ردة فعل أمريكية أو صهيونية، لا تتجه نحو وقف العدوان على غزة، ستفتح الباب أمام حرب واسعة وربما ستستخدم فيها صواريخ مضادة للسفن وأسلحة مشابهة لها، وحرب بهذا الحجم في البحر الأحمر الذي يتغذى العالم منه ويتمول يوميا، وهذا الأمر كلفته كبيرة وليس من مصلحة أحد، بل من مصلحة العالم كله أن يوقف الحرب على غزة.
اليمن هو اللاعب الأكبر في معادلات الإقليم صحيح..لكن الأهم أنه الفاعل الأقوى نحو وقف الحرب على غزة، وهو الهدف..
مفاجآت اليمن لن تتوقف بكل تأكيد، ولربما سنشهد تطورات أكبر في مسار الضربات الصاروخية والجوية اليمنية على الكيان الصهيوني وبما سيفاجئ العالم مرة أخرى، فهذه معادلات اليمن وقائده الواثق بالله والمتوكل عليه..والمسدد في خطواته المباركة والعظيمة..