الثورة /
إعلان اليمن رسمياً دخول المعركة ضد غطرسة الكيان نكاد نقترب من الذروة ليتبعها بالتأكيد حسم مصير الوضع غير السليم الذي حاول الكيان فرضة تماشيا مع الأجندة التي وضعها مع الكيان الامريكي الراعي الذهبي لكل ما تعيشه المنطقة من فوضى وما يتكبده الشعب الفلسطيني من آثار الحقد الصهيوني على الشعوب العربية والإسلامية.
في مرحلة الذروة التي نعيشها تتسارع الأحداث لتبين أننا في منعطف حساس ومصيري لا يمكن معه أن يبقى حال المنطقة كما كان قبل السابع من اكتوبر الماضي، كما أنه من المستحيل أن يتجاوز ارادة شعوب المنطقة بالفكاك من هذا التمادي في الاستهداف الذي يرمي لإعادة تطويع الدول وإخضاعها للهيمنة الأمريكية وبالنيابة، الكيان الصهيوني.
دخول اليمن المعركة، مؤشر يؤكد على ما بدأته المقاومة الفلسطينية بكسر أو فضح أكذوبة الجيش الذي لا يُقهر، فجيش العدو لم يكن أصلاً بحجم الهالة التي عملت الآلة الإعلامية على زرعه في ذهنية العالم، وباستثناء ما يمتلكه من سلاح نووي فإنه في حقيقة الأمر أضعف من أن يحاول فرض رغبته وطموحاته على الآخرين.
فضلا عن ذلك فإن اليمن انما استجابت للواجب الذي يفرضه رابط الدين والغروبة، في ظل الخنوع القاتل الذي اتسمت به الانظمة العربية تجاه ما يمارسه العدو بحق الشعب الفلسطيني من بطش وقتل وتنكيل.
كما تأتي المشاركة اليمنية استجابة لنداء الشارع اليمني الذي يكاد ينفجر تعطشا لأن يكون لنا دور في المعركة لردع هذا الاستفراد الصهيوني بالشعب الفلسطيني الأعزل.
وبالتأمل في معطيات الأحداث سنجد في هذا التصاعد ما يشير إلى أن الكيانين الصهيوني والأمريكي هما من قادا الأمور لتصل إلى هذا المستوى، ومع أن مسألة مواجهة العدو أمر محسوم لدى محور المقاومة إلا أن التمادي الصهيوني في ابادة الشعب الفلسطيني قد سرّع من اتخاذ قرار المواجهة.
ذلك في الخلفية، أما في ما يعني بالعملية أو العمليات التي قدمت من خلاله القوات المسلحة حضورا جديدا ليمن الـ21 من سبتمبر، فإن رحلة مجموعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، في سياق التحرك العملي والرسمي لإيقاف الكيان الصهيوني عند حده، له الكثير من الدلالات اهمها أن صنعاء نجحت بأن ترسخ لدى العالم بانها يحن تقول، تفعل، ولا تكتفي بإطلاق التصريحات لكسب تأييد أو تعاطف وإنما عملا بالواجب الديني والأخلاقي، لذلك ترجمت ذلك إلى دخول مباشر في المعركة، أربك كيان العدو الذي ما عاد بمقدوره السيطرة على ما يخرج من أجهزته السياسية والعسكرية من تصريحات فتناقضت البيانات في مضامينها بشأن ما كانت تمطره السماء عليه من الطائرات والصواريخ، صحيح انها كانت في المحصلة تتفق على أنها يمنية المنبع، الا أنها تباينت فيما بينها في ما كان بالنسبة لطبيعة التعامل معها، حتى أمريكا التي عمدت إلى ارهاب الدول باحتلالها المياه الدولية ونشر ناقلاتها العسكرية، شطحت ايضا الاسبوع الماضي بتصريحات حول التعامل مع الزائر اليمني سرعان ما ناقضه جيش الكيان، ففيما قالت امريكا اسقطنا الصواريخ اليمني قبل أن تصل إلى إسرائيل قالت ميليشيات الكيان المسلحة أنها اسقطتها!!!
والحقيقة في كل الأحوال أن المنتج اليمني وصل إلى الأراضي المحتلة حيث يقيم الكيان دولته الوهمية، وضربت ودمرت، وفي ذلك دلاله عميقة على اليد الطولى التي صارت تمتلكها صنعاء في ما عجزت عنه دول التوصيفات المتنوعة من الدولة العربية الاقوى إلى الدولة الاكثر نفوذا الى الدولة الاكثر ثراء الى آخره، وفي نهاية المطاف جاءت الصواريخ اليمنية لتفرض حقائق مغايرة.
اليمن الذي لم يخرج بعد من عدوان دولي وحصار غير أخلاقي وسياسات تجويع للشعب ومحاولات ضرب الجبهة الداخلية بزرع الفتن بقصد دفع المجتمع اليمني للاقتتال اليمني، نجح في تجاوز كل ذلك والذهاب إلى الإسهام بما عليه من واجب تجاه مناصرة قضية الأمة المركزية القضية الفلسطينية والمقدسات.
ولعل في ذلك ما ينبغي على التحالف السعودي الاحمق ادراكه، بأن اليمن في ثوابته الدينية والوطنية لا يمكن إلا أن يكون في المكان الذي يكره العداء أن يرونه فيها، ما يعني أن فشل التسع سنوات من دعم الخزينة الأمريكية والألمانية والفرنسية مقابل أفضل الاسلحة لقتل الشعب اليمني، لم تنجح ولن تنجح في إخضاع اليمنيين للإرادة الأمريكية أو تُعيد اليمن إلى الحضيرة السعودية، لذلك تأتي المبادرة في قول الكلمة تجاه ما تعيشه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في ذات السياق فإن هزيلي التفكير، من كانوا ينكرون على اليمن قدرته بصنع السلاح العابر للدول، صاروا اليوم يتباكون بصورة مقززة على ما يعنيه دخول اليمن في المعركة، محاولين تصوير أن المشاركة اليمنية يعني دخول المنطقة في أتون صراعات لا تنتهي.
والأصل أن من حق اليمنيين أن يتحركوا على نحو ناري غير قابل للجدل والمساومة، وحين يتجاوز الأعداء الغزاة من اليهود وحملة الفكر المنحرف أخلاقياً وقيمياً مثل أمريكا الراعي الأول والمروّج لكل أشكال الانحراف وفرنسا وألمانيا وأمثالهم من دول البلطجة والنهب وقطع الطرقات والبحار
وحين استخدمت اليمن إمكاناتها لتأديب الكيان الصهيوني على ما يقترفه من جرائم فإن الأمر يأتي استناداً إلى كون الصهاينة غزاة ومحتلين أولا، والى كون البلطلجي الصهيوني قد صار ينظر إلى أن العالم تحت إمرته وآن له أن يقتل ويسفك الدماء العربية الإسلامية كيف يشاء دون حسيب أو رقيب، وإذا ما نجح في التخلص من اي عقاب أو مساءلة قانونية فإنه سيذهب إلى أبعد من ذلك.
هذه الوضعية المرَضِية للكيان الصهيوني من الطبيعي أن تستفز دول المنطقة للمشاركة في إنقاذ الإخوة الفلسطينيين من هذا البطش.
ولما كان غالبية الأنظمة العربية إما مطبعة أو خانعة أو بلا شخصية، كانت اليمن أقوى من ان تسمح لدولة مثل أمريكا أدركت أن نصف قوتها ليس أكثر من دعاية اعلامية، وبالتالي لليمن أن تؤكد حضورها في عملية التحرر النهائي لكل المنطقة من الغزاة الأمريكيين والصهاينة والقيام بالعمليات الجراحية لاستئصال الغدة السرطانية الصهيونية من الجسد العربي.