ماذا أبقَىَ نتانياهو مِن أبواب حلول مفتوحة لحربِهِ المُستَعِرَة على غَزَّة بعد قصف مستشفى المعمداني؟
إسماعيل النجار
بعد ليل الإثنين/ الثلاثاء كل شيء اختلف، كُل شيء تَغيَّر، كُل ما في سماء غَزَّة وعلى أرضها أصبحَ خلاف ما كانَ عليه قبل عشرة أيام!
السماء الصافية تلبدَت بدخانٍ أسوَد وأبيض يُمطِرُ عليها فوسفور وموت ودمار، والمشهد على الأرض دماء وركام وسيارات محترقة ومُحطَمَة وجثَث رجال وأشلاء نساء حوامل وأطفال مُقَطَعة الأوصال،
جريمة قصف مستشفى المعمداني من قِبَل الطائرات الصهيونية بقنبلة مارك 84 أو بي إل يو-117 هي قنبلة أمريكية متعددة الأغراض حرة الإسقاط غير موجهة تعد جزءاً من سلسلة قنابل مارك 80 الأمريكية وأكثرها شيوعا، تزن القنبلة 2039 باوند منها 945 بوصة وزن المادة المتفجرة وهي حشوة متفجرة شديدة الانفجار، بهذه الجريمة التي ارتكبها نتانياهو أصبَحَ المشهد السياسي والعسكري معقداً أكثر وليسَ كما كان قبل لحظات من ارتكاب المجزرة، فأوصِدَت أبواب الحلول التي كانت مُشَرَّعه في قمَة عمان المرتقبة والتي جاءَ الرئيس الأميركي جو بايدن لأجلها وجمع فيها أهم ثلاثة عملاء له ولإسرائيل لتوجيههم نحو البحث عن مخرجٍ لائق وحلول لورطة تل أبيب لما لهم من سلطة كزعماء عرب،
ولكن على ما يبدو أن رئيس الوزراء الصهيوني نتانياهو مصممٌ على إطالة أمد الحرب ورسم نهاية ما يُسَمَّىَ “دولة” إسرائيل” لأنه يرفض ضمنياً وجود حَل يُفضي إلى الاعتراف بهزيمة كيانهِ وانتصار الشعب الفلسطيني اللذين سيرسمان نهاية حياته السياسية الرسمية ودخوله السجن من أوسع أبوابه، لذلك قَرَّر رسم خارطة طريق إلزامية لجو بايدن عبر قصف مستشفى يقطنها مرضى وجرحى من جميع الأعمار والفئات مخالفاً بذلك كل القوانين والأعراف الدولية وضارباً بعرض الحائط كل ما يشير إلى ضرورة الحفاظ على حياة المدنيين الأبرياء،
الجريمة التي حصلت رسمت معالم مُفتَرَق طُرُق ومنعطفاً قاسياً جداً في قضية غَزَّة إذ حصَل تحوُل دراماتيكي في أرض المعركة شمال فلسطين مع المقاومة الإسلامية اللبنانية، وارتفعت حِدَّة الاشتباكات وتطَورَت الحرب من تبادل قصف أهداف واحداً بواحد إلى هجوم صاروخي كاسح شَنَّهُ مقاتلو حزب الله على كافة المواقع العسكرية الصهيونية المواجِهَة للشريط الفاصل بين البلدين،
محمود عباس ألغىَ لقاءهُ بالرئيس الأميركي جو بايدن، وعمان ألغَت القِمَّة المرتقبَة بعد الإحراج الكبير الذي تسببَ بهِ نتانياهو للسيسي وعبدالله وأبو مازن، وكانَ من المُفتَرَض ان لا يضعهم “بيبي” في هذا الموقف، وهُم الأصدقاء والشركاء الأكثر عمالة وخِسَة والأوفَىَ لإسرائيل،
والجميع يسأل نفس السؤال: مَن حاصرَ غَزَّة أكثر من السيسي وعبدالله الثاني؟
ومَن قَمَعَ المقاومَة في الضفة وزَوَّد الشاباك بمعلومات عن المقاومين أكثر من محمود عباس؟
الجواب،، لا أحد بكل تأكيد، فهل يكافئ هؤلاء العملاء من قِبَل “بيبي” بأن يضعهم أمام شعوب العالم أجمع وامام شعوبهم بهكذا موقف، إذاً نتانياهو لا يريد أن يغادر السلطة وحدهُ قبل أن يأخذ هؤلاء معه؟؟؟
اليوم إختلفت الأمور واختلطت الأوراق، وأصبحت الحلول أبعد مِما يعتقد البعض، بالرغم من أن بعضهم قال، كَبِرَت أكثر من اللازم فأصبحَ الحل والفرج قريبين.
لم يسبق تاريخياً وإن حَجَّ إلى الكيان الصهيوني خلال أي حرب سابقة مسؤولون وقادة دوليون رفيعو المستوىَ بهذا الحجم، هذه المَرَّة كانت مختلفة تماماً لأن الجميع شعر بأن الكيان المزعوم مشلول ومصدوم ومهدد بالزوال وخوفاً من هروب هؤلاء النفايات الصهاينة إلى بلدانهم وتخريبها إذا تحررت فلسطين سارعَ وزير خارجية أميركا “أنتوني بلينكن، إلى زيارة تل أبيب ولَحِقَ بهِ وزير الدفاع “أوستن” وثم المستشار الألماني “أولاف”شولتس”وثم الرئيس “جو بايدن” وسيلحق بهم الرئيس الفرنسي “مانويل ماكرون” .
عدا عن الأساطيل البحرية والجوية الأميركية وقوات المارينز، كل هذا يُسجَل في خانَة الدعم والتأييد لإسرائيل، لكن لبطَة” بيبي” لسطل الحليب أضاعت تعب كل هؤلاء، وفَشِلَ مشروع أمير قطر صديق “خالد” “مِشعَل” بترحيل اهل غزَّة إلى صحراء سيناء، وضاعَ حلم المستوطنين بإزالة الكابوس،
وسيسقط محمود عباس، وربما السيسي وعبدالله، وثبَتَت المقاومة في القطاع، وتكرست معادلَة قوَّة ردع حزب الله الإقليمية، وباتت تجربة عملية طوفان الأقصىَ نموذجاً مثالياً لكسر ظهر الصهاينة،
ماذا في الساعات المقبلة؟
ارقبوا الحدود اللبنانية الفلسطينية،