قبل أن يفكِّر الكيان الصهيوني في التنصّل عن جريمته النكراء بقصف مستشفى المعمداني في غزة وإزهاق أرواح مئات الأبرياء من الأطفال والنساء والمرضى والنازحين، كانت أمريكا – وعلى لسان رئيسها “الخرف” – تصدر أحكام البراءة المسبقة للقتلة وتحمِّل الفلسطيني الضحية مسؤولية قصف نفسه والتنكيل بحاله.
-خلال الثماني الساعات التي أمضاها بايدن “الخارج عن التغطية” في ضيافة الإرهابي “النتن” تحدث في مناسبتين إلى الصحفيين وأسرف في تخرصاته وأكاذيبه وبالغ في مواساة القاتل وربّت على كتفه مواسيا له بالقول – وهو على ثقة غريبة “لستم أنتم من ارتكب مجزرة مستشفى المعمداني بغزة إنما الطرف الآخر، في سقوط آخر مقزّز جاء هذه المرة على الهواء مباشرة ونقلته وسائل الإعلام إلى الجماهير في مختلف أصقاع الأرض ليكونوا شهودا على كذب وافتراء و دناءة وانحطاط رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم وشهادة زور رسمية جديدة أكثر وقاحة وإسفافا من تلك التي أدلى بها في الساعات الأولى عقب عملية طوفان الأقصى وكيف رأت عيناه رؤوس أطفال ونساء “إسرائيل” مفصولة عن أجسادها بعد أن ذبحهم عناصر “حماس الإرهابية” وهو المشهد الخيالي الذي لم يشاهده إنسان غير الرئيس المريض ولم يكن له وجود إلا في مخيلة بايدن المتهالكة.
-لم يقل الرئيس العجوز – أثناء زيارته الاستثنائية للكيان الطارئ – كلمة واحدة ذات قيمة أو معنى أو مصداقية غير أنه أحسن – ومن حيث لا يشعر – من خلال القول بحماس وعاطفة جياشة، عبارة ظل يرددها منذ كان مسؤولا بسيطا في البيت الأبيض حين كان شابّا، وهي “لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها” وأراد بذلك إبداء الدعم المطلق للكيان ولعدوانه الوحشي على أطفال ونساء فلسطين وغفل أن جوهر هذه العبارة جسدت حقيقة أصل وكُنه الكيان وأنه ليس أكثر من كيان لقيط تمت صناعته بإرادة غيره، وهو قابل للتصنيع وإعادة التدوير مرة أخرى متى ما شاء الرعاة في واشنطن وبقية الأسياد في دول الغرب الاستعماري.
-تداعى زعماء الغرب إلى عاصمة الكيان، يندبون ويتباكون ويذرفون الدموع على الضحايا الإسرائيليين “المدنيين” في هجمات المقاومة -صاحبة الحق والأرض- ولم ينبسوا ببنت شفة عن المجازر المروّعة التي ارتكبتها وتقترفها آلة القتل الصهيونية على مدار الساعة في قطاع غزة وقتلها آلاف الأطفال والنساء والمسنين وإبادتها لأحياء سكنية بكاملها واستهدافها الوحشي للمستشفيات والمدارس وممارسة العقاب الجماعي وحرب الإبادة الشاملة بأبشع الوسائل الإجرامية واعتماد سياسة الأرض المحروقة واستهداف الإنسان والشجر والحجر وحرمان ملايين الفلسطينيين من الحصول على الماء والدواء والغذاء ودفع من بقي منهم على قيد الحياة – قسريا – إلى ترك منزله وأرضه في أبشع جريمة تهجير جماعي في التاريخ الحديث، وكل هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة مغطاة بحفلة كذب وخداع وتزييف وتضليل تبناها الغرب الاستعماري وسخّر – بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية – كل إمكانياته العسكرية والمادية والتكنولوجية والإعلامية الضخمة لصالح الكيان الذي أوجده من العدم وهو يعلم أنه كائن طفيلي لا يعيش إلّا على الغير ولا يمكن أن يستمر أو يواجه وحيدا أصغر التحديات ولو في مقارعة فصيل مقاوم يحاصره القريب والبعيد منذ عقود ولا يمتلك من السلاح والعتاد ما يستحق الذكر مقارنة بآلة الغرب العسكرية المهولة الموقوفة في يد كيان الاحتلال وتحت تصرفاته وأهوائه ورهن إشارة قادته القتلة الإرهابيين.
-الحقيقة التي يتعامى عنها الغرب أن ما تُسمى “إسرائيل” كيان طفيلي مآله إلى الزوال المحتوم وألّا شيء سيمنعه من مواجهة هذا المصير، ولو امتلك قوة ودعم وسلاح ومناصرة سكّان الأرض أجمعين.