وها هي الحملات الصليبية تعود مجدداً

د. عوض أحمد العلقمي

 

 

هل جفت الأقلام وطويت الصحف يا أمة الإسلام والعرب؟ ألا ترون ما يحدث في الشام (فلسطين وسوريا ولبنان) على يد الحملات الصليبية؟ جوّع الصليبيون إخواننا في لبنان، وحاصروهم، ودمروا ميناءهم البحري، بل شريان حياتهم الرئيس، تحت ذريعة أن الشعب اللبناني مازال بيئة خصبة لإنتاج الأبطال الغيورين، وحاضنة دافئة لاستيعاب المقاومة والدفاع عن المقاومين. كذلك مزق الصليبيون سوريا أرض الرباط وبوصلة الجهاد، موطن الفتح ومصنع إنتاج الفاتحين، ولم يكتفوا بذلك، بل انتشروا في بواديها وتمركزوا في حواضرها ؛ يقتلون أبناءها ويسرقون ثرواتها، وإذا ما سألت أحدا من قادة تلك الحملات الصليبية لماذا تفعلون بنا كل هذا ؟ قالوا : أنتم أمة خارت، فاستسلمت لعدوها، وركعت ثم انبطحت، إذ لم يعد فيكم قائد ينتسب لخالد أو المثنى أو القعقاع، أو يشبه صلاح الدين، فضلاً عن أن جيوشكم ليس لهم شيء من جيوش أجدادكم، ولا يحاكون شيئاً من رجولتهم وعزتهم ونخوتهم، وقبل هذا وذاك فإن الكثير منكم قد أصبح يدين بديننا، ويأتمر بأوامرنا، ويسعى جاهداً بما أوتي من قوة لينتصر لنا .
أما ما فعلته الحملات الصليبية بأحبتنا في فلسطين فذلك أمر آخر؛ إذ دنس المستوطنون الصهاينة مقدساتنا، وقتلوا شبابنا، وأذلوا شيوخنا، وأحرقوا ممتلكاتنا، وهدموا منازلنا على رؤوسنا، وانتهكوا أعراضنا، إذ وصل بهم الأمر إلى أن يخلعوا ملابس نسائنا عنوة أمام أبنائهم وبناتهم، ثم إطلاق كلابهم المسعورة عليهن لينهشوا لحومهن، لقد فعل المستوطنون كل منكر فينا بإسناد من جيشهم الصهيوني، وبغطاء من الإمبراطوريات الغربية الصليبية، واستمر هذا البطش والتنكيل بأهلنا في فلسطين لزمن تجاوز السبعة عقود …
وعندما قام فتية من أبطال غزة المجاهدين الأحرار الغيورين بغزو الجيش الصهيوني في غلاف غزة للثأر لنسائهم وأطفالهم وشيوخهم، ومقدساتهم وأرضهم وممتلكاتهم؛ إذ نصرهم الله نصرا مبينا؛ وقد شكل انتصارهم على الصهاينة، وتعاملهم مع عدوهم المهزوم، نموذجاً راقياً، حين جسد الالتزام بأخلاق الإسلام في أثناء الحرب، والتقيد بضوابط العقيدة عند النصر؛ إذ لم يؤذوا طفلا أو شيخاً أو امرأة.
غير أن الصليبيين في الغرب لم يكتفوا بردة فعل جيش  الصهاينة ومستوطنيهم وآلتهم الحربية التدميرية – وتسخير إمبراطوراتهم الإعلامية لتشويه المقاومة الإسلامية زوراً وبهتاناً – التي قامت بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، وإحراقهم في تطهير عرقي لم يسبق له في تاريخ البشرية مثيل ؛ أحرقوهم في المنازل، وفي الأسواق، وفي المدارس، وفي المشافي، والأسوأ من ذلك أن يقوم الصليبيون في الغرب بإرسال جيوشهم، وآلاتهم الحربية، وقياداتهم السياسية والعسكرية إلى فلسطين المحتلة لدعم الكيان الصهيوني، وإبادة الفلسطينيين إبادة شاملة؛ لتمكين الكيان الصهيوني من العيش على أرضنا وفوق أشلائنا في رفاه، لا نامت أعين الجبناء .

قد يعجبك ايضا