
القدر المحبب لكل اليمنيين وثمرة أرواح الشهداء وحلم المناضلين
كانت حلم أجيال عديدة وأملاٍ يسعون إلى تحقيقه إيماناٍ منهم بوحدة الإنسان والأرض التي تجسدت في وقوف اليمنيين في الشمال والجنوب معاٍ دفاعاٍ عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والنضال ضد الاستعمار فظلت الوحدة اليمنية حلماٍ يراود خيالات الوطنيين كحلم المؤمنين بأطياف الجنة فكانت القضية الرئيسية لكل وطني والمحرك الرئيسي لنضال المناضلين الأحرار كونها مشروعاٍ وطنياٍ وعملاٍ عظيماٍ تحقق إلى واقع معاش.
الحلم الذي تحقق
تلكم هي الوحدة التي مثلت المشروع الوطني الجامع لارتكازها على قيم الحرية والعدالة والمساواة وقيم الشراكة والتعايش وتحقيق التكافل الاجتماعي والتي جمعتنا بعد فرقة واعزتنا بعد مذلة واعطتنا بعد فاقة وحاجة وآخت بين القلوب والنفوس بعد بغض وعداوة وبنت وشيدت بعد تهديم وتخريب فهي مصدر الخير ومصدر العز والمنعة والقوة وستظل كذلك في ظل تعاضد وتعاون أبناء اليمن الكبير دون الالتفات إلى كل ما يقوض مسيرة البناء الهادف إلى تطوير اليمن أرضاٍ وإنساناٍ.
في سبيل تحقيقها قدم شعبنا خيرة أبنائه من الشهداء الأبرار الذين خضبوا تراب اليمن الغالي بدمائهم الزكية خلال ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م والرابع عشر من أكتوبر عام 1963م حتى تحقق الحلم فكانت الوحدة هي أمل وحلم المناضلين الذي تحقق وهي حصاد وثمرة دماء وأرواح الشهداء الأبرار الذين خضبوا تراب اليمن الطاهر بدمائهم الزكية.
عهد جديد لكل اليمنيين
مثل الثاني والعشرون من مايو بداية عهد جديد لكل اليمنيين عهد وضع حداٍ لحالات التمزق والانقسام والتشطير والماضي البغيض وما رافقه من توتر ونزاعات وحروب دامية بين أبناء الشعب اليمني الواحد خلفت الويلات والمآسي واستنزفت الطاقات والإمكانيات والمقدرات وحرمت الشعب من أي فرصة للنماء والتقدم والازدهار. وتوج هذا الشعب المكافح العظيم نضالاته وتضحياته الجسيمة بإعادة تحقيق وحدته المجيدة التي ناضل من أجل تحقيقها المناضلون اليمنيون هي صمام أمان المستقبل ونواة التطور والتقدم والتنمية الشاملة وهي مصدر فخر اليمنيين وعزتهم وواجب على كل أبناء الشعب جميعاٍ صونها والحفاظ عليها كما يحافظون على أثمن وأغلى وأجمل شيء في حياتهم فهي قدرهم ومصيرهم منها يستمدون شخصيتهم وهويتهم بين الشعوب والأمم فلا غرابة أن نقول إن الوحدة هي القدر المحبب لكل اليمنيين.
وحدة منذ القدم
يقول المناضل يحيى بن حسين العرشي : إن اليمن الواحد هو القاعدة والتجزؤ والتشطير هما الاستثناء في كل تاريخ اليمن قديمه وحديثه.
وأشار في كتابه ” اليمن الواحد – الاستقلال” إلى أن اليمن أرضاٍ وإنساناٍ موحد سلالة وجغرافيا وحضارة وثقافة ولغة في سلوكه وعاداته وتقاليده وفي إطاره العام وتنوع لهجاته وفولكلوره يثري التوحد ويعززه. موضحاٍ أن وحدة اليمن منذ أقدم العصور وحدة بشرية وجغرافية وسياسية واقتصادية وحضارية واحدة .
ولفت العرشي في كتابه إلى أن المصادر التاريخية الموجودة تؤكد أن اليمن كان كياناٍ سياسياٍ كبيراٍ وحضارة راقية منذ القرن العاشر قبل الميلاد.. مدللاٍ على ذلك بدولة سبأ وشواهدها في تاريخ اليمن القديم.
اليمن أرضاٍ وإنساناٍ
الوحدة لم تكن لتتحقق لولا إيمان الشعب قبل قادته أن اليمن الموحد يعيد الأمور إلى نصابها في رسم خارطته الكبيرة القادرة على صنع مستقبل أفضل لكل أبنائه يتحقق فيه العدالة والديمقراطية والمواطنة المتساوية وتحمى فيه الحريات والحقوق لقد تعانقت الثورتان لتشكلا معاٍ الثورة الثالثة “إعادة الوحدة اليمنية” 1990م وبإعادة تحقيقها تخلص اليمن من الاستبداد والاستعمار ووحد اليمن أرضاٍ وإنساناٍ وبهذا النصر الذي أعاد لليمن عزته وكرامته عندما رفع في عدن علم الوحدة ليعلو خفاقاٍ في سماء اليمن الواحد إلى الأبد.
تحقيق حلم المناضلين
يقول المناضل محمد قاسم الحمادي عضو جمعية مناضلي الثورة : في الثاني والعشرين من مايو هذا اليوم العظيم كبرت اليمن وتحققت أحلام الشعب بعد كفاح ولم يأت ذلك إلا نتيجة لجهود بذلها أبطال مخلصون اجتازوا الصعاب ولم يحصلوا على مصالح فقد تمت الوحدة بعد نضال شاق وطويل قدم الشعب تضحيات جسيمة من قبل المناضلين الذين لم يحصلوا على مصالح شخصية ضحوا من أجل الوحدة التي كانت حلمهم الذي تحقق .
وأوضح في تصريح لــ “الثورة ” أن الوحدة تمت بطريقة ديمقراطية بين الشطرين وتم الاستفتاء على دستور الجمهورية اليمنية بأغلبية ساحقة وكانت فرحة الشعب اليمني بيوم 22 مايو سنة 1990م لا تضاهيها فرحة فذلك اليوم كسر العزلة بين الشطرين وأزال الحاجز النفسي بين الإخوة والتشطير الذي صنعه الاستعمار والاستبداد والخوف وحقق الاستقرار في ربوع اليمن وأعاد الأمل للأمة العربية في الوحدة وتحقق فيه حلم المناضلين الذي حلموا بالوحدة منذ بداية مشوارهم النضالي. مضيفاٍ : بالوحدة اتسعت الأرض اليمنية أرضاٍ وإنساناٍ وتكامل الاقتصاد وانطلقت مسيرة الديمقراطية والتعددية السياسية والتوجه نحو التنمية والبناء.
وأكد المناضل الحمادي أن الوحدة نصر كبير وهبة من الله ورحمة لليمنيين وتوحيد اليمن التي كانت أصلاٍ وحدة منذ الأزل.. تمت برضا يمني ثم برضا إقليمي ثم برضا الدول الكبرى التي كانت رافضة حدوث وحدة يمنية. داعياٍ إلى الاهتمام بالمناضلين المغمورين الذين عملوا وقدموا الكثير في سبيل تحقيق الوحدة اليمنية التي كانت حلمهم منذ انطلاق ثورة سبتمبر واكتوبر والنضال للاستقلال الوطني والسعي إلى تحقيق الوحدة التي حققت أحلام الشعب عموماٍ والمناضلين خصوصاٍ .
ترسيخ دعائم الوحدة
في 11 فبراير 2011م قاد الشباب وساندهم الشعب ثورة عارمة اثمرت في إعادة الحق لأصحابه إلى الشعب صانع الثورة والتغيير وجاءت المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية طريقاٍ نحو التغيير المنشود وتواصلا لالمبادرة جاء الحوار الوطني الخطوة الصحيحة لتصحيح مسار النظام الديمقراطي وترسيخ الوحدة الوطنية بنجاح تام وأصبحت مخرجات الحوار بمثابة الأمل للخروج بالوطن من أزماته وإعادة بناء اليمن الجديد الموحد والدولة المدنية الحديثة والتحقيق الفعلي لأهداف الثورة اليمنية الخالدة وترسيخ دعائم الوحدة اليمنية حلم المناضلين وتطلعات الشعب فهو صانعها وحارسها الأمين.
الهوية المشتركة
لقد ظل اليمنيون طوال عقود طويلة بدأت من سنوات التشطير والاستعمار والإمامة ظلوا يبحثون بشغف عن هويتهم المشتركة. وكابدوا أقسى الصعاب في سبيل الوصول إلى الهوية اليمنية الواحدة والتاريخ اليمني المشترك فلا داعي للمزايدة ولا المراهنة على دعم بعض الدول التي من مصلحتها تقسيم اليمن.. دعونا نحتفل بالذكرى الرابعة والعشرين للوحدة هذا العام بفرحة أكبر لتزامنها مع الابتهاج بمخرجات مؤتمر الحوار. ولا ننسى ونحن نحتفل أن نتذكر المناضلين الذين عملوا من أجل توحيد الأصل وجمع المتباعد منه لننعم بوطن واحد وشعب واحد. ومن يحاول المساس بالوحدة اليمنية يبقى في نظر الشرفاء والمناضلين من أبناء الوطن الواحد جباناٍ وبلا هوية فالوحدة راسخة رسوخ الجبال ولن تنال منها أي قوى مهما حاولت لأنها وحدة شعب ومصير أمة.
عوامل إيجابية
رغم ما تواجه الوحدة اليمنية في الظروف الراهنة من مخاطر أسوأها الدعوات الهدامة المتجردة من أدنى شعور وطني لدى الذين يسعون إلى العودة باليمن إلى ما قبل 22 مايو 1990م ونشر وترسيخ ثقافة الكراهية والحقد بين أبناء الوطن الواحد من قبل من فقدوا مصالحهم إلا أن هناك عوامل إيجابية تشكل توازناٍ يسوق اليمن إلى طريق سالكة تقرب النهاية السعيدة له ليعيش جميع أبناء الوطن في ظل دولة مدنية موحدة تسودها العدالة والمواطنة المتساوية والنظام والقانون لأن قداسة الوطن والحفاظ على وحدته وسلامته وعْرى تماسكه الاجتماعي والجغرافي والسياسي مسئولية جسيمة وعظيمة تقع على عاتق الجميع فالوحدة مقدسة وكل خلاف يجب أن يعالِج في إطارها وعلى قاعدة التزام قدسيتها.
الوحدة وجدت لتبقى
اليمن وطننا جميعاٍ والتفكير بعودة عجلة التاريخ إلى ما قبل 22 مايو 1990م لا يمكن مهما كان لأن مصلحة اليمن بالوحدة ومستقبل أجيالنا في ظل رايتها وعلينا بذل الجهود الكبيرة التي تحقق تطلعات الشعب في الجوانب الأمنية والاقتصادية والقضائية العادلة لنقول للعالم: الوحدة هي عزتنا وقوتنا جاءت لتبقى والحالمون بالعودة إلى ما قبل الوحدة لن تتحقق أحلامهم وسيظلون يغردون خارج السرب .
