• تتقرح أجفانُهم، ويعلو عويلهم، وترتفع أبواقُهم، دفاعاً عن دين الله -بنظرهم-، وللتحذير من البدعة، إن نحن احتفلنا بيوم غدير خم الأغر، ولا تعلو أصواتُهم احتجاجاً على حرق نسخة من القرآن، ولا على الترويج الأمريكي للمثلية، ولا وقوفاً مع إخوتنا الفلسطينيين في (جنين).
• ثلاثة أحداث عظيمة تزامنت مع استعدادنا للاحتفاء بيوم الغدير، لم نسمع خلالها ما سمعناه من هذا الصخب ضد يوم الغدير، والمبرر لديهم أن هذا الاحتفاء بدعة، بينما ما يحصل في كل من (الولايات المتحدة، والسويد، وفلسطين) لا يحرك فيهم نخوةً، وهو استهداف صريح للدين، يسعى لاجتثاثه من أساسه.
• المشكلة هي أن ما تم ترويجه لقرون طويلة، جعل من يوم الغدير -مناسبة ومسؤولية- خاصة بآل البيت وشيعتهم فقط دون عامة المسلمين، بينما هي -في الحقيقة- مسؤولية كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وينبغي أن يكون مبدأ الولاية توجههم كافة، بشتى مشاربهم الفقهية، وتوجهاتهم الفكرية.. إذ ينبغي على المسلمين العودة إليه، لأنه السبيل الوحيد للنجاة من الضلال. يصدق هذا الكلام حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله:(تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتابُ الله وعترتي).
• لا غرابةَ أن نجد المنكرين على العترة المطهرة يتجهون لموالاة أمريكا، ليس شرطاً جميعهم على الإطلاق، إنما القادة والزعماء وعلماءُ البلاط.. التوجهات الحزبية التي تتخذ الدينَ غطاءً لأهدافها السياسية، وتلك التي ما هي إلا عبارة عن جسور وممرات وقنوات لتمرير السياسة الأمريكية طويلة المدى.
• الخيارُ إذن مُنحصرٌ بين اثنين لا ثالث لهما، فإما (الولاية الواحدة) ولاية الإمام علي، وهي ولاية واحدة لا تنفصل حتى قيام الساعة، لحديث: (إن اللطيف الخبير نبّأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)، أو (الولايات المتحدة) التي تسعى لتفريق كل وحدة بين المسلمين، باعتباره مبدأً استعمارياً خالصاً لبريطانيا التي صنعت أمريكا، وهو مبدأ (فرق تَسُدْ)، إذ لا سيادة لهم إلا بتفرقنا نحن المسلمين،،، فلماذا ما نزال نردد اسطوانات السنوات الخالية، رغم أننا قد وعينا، وتعلمنا من الأحداث أن هذه مجرد شبهات لمحاربة الدين؟!!
وهل من توجُّهٍ حقيقي لنا لجهاد عدونا الحقيقي، الذي يمارس -في العلن- الإساءات المتكررة إلى الله تعالى، وإلى دينه، وإلى نبيه، وإلى كتابه الكريم، ويقوم بقتل المسلمين كل يوم في فلسطين وسوريا واليمن والعراق وليبيا، ويشعل الفتن في السودان وبلاد المسلمين عامة؟!!
• هل من عقول في الرؤوس، أم انها ليست سوى مكبات للنفايات الفكرية التي يقوم بصبها الصهاينة وأمريكا، ومن ورائهما الماسونية، التي يديرها إبليس الرجيم؟!!
• ألا يشعر الجميع بأن التوجهات الأمريكية لمسخ الأخلاق، تهديد يشكل خطراً على البشرية جمعاء، وأن الإساءات الأوروبية، في الدول الاسكندنافية وفرنسا، تهدد السلام العالمي، وأنها تعبيرٌ واضحٌ عن حقدها على الإسلام بشتى مذاهبه ومشاربه؟!!
• لماذا يسكت إخوتنا في العقيدة عن هذه الانتهاكات، في الوقت الذي يقيمون الدنيا ولا يقعدونها في عيد الولاية، وفي مولد الرسول الأعظم، وفي ذكرى عاشوراء، وفي، وفي، وفي؟!!
• هل احتفاؤنا فرحاً وسعادة، وقبولاً بأمر الله ورسوله يُعَدُّ خطراً على العقيدة، بينما حرق القرآن، وقتل المسلمين، والترويج لسفاسف الأخلاق لا يُعَدُّ خطراً؟!!
• أخيراً: لمن يشكك بالأغراض من إحياء هذه المناسبات أقول: دعها يا أخي تمر، ولا تحاسب الناس على نياتهم، ويكفينا إثباتاً على حسن النوايا انكسار شوكة أمريكا وحلفائها في اليمن، وهي سبعَ عَشرَةَ دولة، تشكل تكاملاً عسكرياً واقتصادياً وسياسياً واستراتيجياً نموذجياً وخطيراً، مقابل اليمن الذي استلمه الأنصار بلا جيش ولا سلاح ولا اقتصاد ولا سياسة، ثم بوغِتَ بعدوان الذي أجهز على كل ما تبقى من أوردة وشرايين هذا البلد النامي، بل والنائم إن شئنا الدقة، بسبب السياسات الرعناء للدول والحكومات السابقة، التي جعلته -منذ يوم مقتل الشهيد الحمدي رضوان الله عليه، إلى 2014_ عبارة عن خلفية للسعودية، فلا قرارَ وطني، ولا سيادة حقيقية لمسها المواطن لهذا الوطن المعطاء، المنهوب ثروة ورجالاً على مدى عقودٍ، هي سبب ما نحن فيه من انقسام، علماً أن السعودي الذي فعل كل هذه الأفاعيل باليمن، ما كان ليتجرأ، ولا حتى ليستطيع التكمن من التخطيط والتنفيذ، لولا الولايات المتحدة، الامبراطورية الأسوأ التي قامت على مَرّ التاريخ البشري.