في 15 مايو من الشهر الماضي مرت علينا الذكرى الـ (75) لضياع فلسطين وقيام الكيان الصهيوني فيما عرف عند العرب بالنكبة، وبداية مأساة الشعب الفلسطيني التي لا زالت قائمة بل تتجدد المعاناة لهذا الشعب.
75 عاماً مرت على أمتنا العربية كلها وهي تراقب وجود سرطان في قلبها يتمدد ويزداد قوة يوماً بعد يوم، 75 عاماً مرت على أمتنا العربية وهي تزداد ضعفاً وتفكيكاً وتنتقل من حالة مواجهة هذا الكيان السرطاني إلى حالة تقبل هذا الكيان ليكون جزءاً من المنطقة، بل قائدها السياسي والاقتصادي والعسكري.
75 عاماً والوضع الفلسطيني الرسمي يزداد ضعفاً لتصبح السلطة الفلسطينية ليست لها وظيفة إلا الوظيفة الأمنية التي تخدم الاحتلال فيما عرف بالتنسيق الأمني، ومع كل هذه الآلام لا يزال الشعب الفلسطيني يتحمل كل هذه الهموم بل يسعى لتجاوزها متحدياً الصعوبات والمعوقات ويسعى بكل جهده لتحرير وطنه وطي صفحة النكبة.
75 عاماً والشعب الفلسطيني لم يكل ولم يمل بل ويزداد قوة وتمسكاً بمبادئه وأهدافه ومضحياً بالغالي والنفيس لينعم بالحياة والحرية والاستقلال، 75 عاماً ولا يزال الشعب الفلسطيني يمتلك من الطاقة الدافعة للمقاومة ويقدم الشهداء والجرحى والأسرى وكل ما يملك من متاع الدنيا، 75 عاماً والشعب الفلسطيني لا يزال يحمل راية المقاومة ويتوارثها جيلاً بعد جيل حتى يصنع ظرفاً مناسباً لمشروع التحرير الحقيقي الجاد.
إنه وبعد 75 عاماً من النكبة – وبالرغم من كل هذه المعاناة – بدأت تظهر في الأفق مبشرات تحقيق الحلم الفلسطيني ومنها:
أولاً: بداية تآكل المشروع الصهيوني بعد تكامله وهذا ما يلاحظه المراقب للحالة الصهيونية، وكما قال تعالى “ولتعلن علواً كبيرا”.
ثانياً: اتساع التأييد الشعبي لمشروع المقاومة وخاصة في الضفة الغربية بعد كل المحاولات الحقيقية من قوى الاستكبار العالمي وأعوانهم طمس المقاومة وهذا ملاحظ من استمرار العمليات البطولية في الضفة الغربية بالرغم من الهجمة الشرسة من العدو الصهيوني وأعوانهم غير المنقطع.
ثالثاً: انسداد الأفق السياسي لمشروع التسوية الذي كان عائقاً أمام مشروع التحرير الحقيقي بل فشل هذا المشروع على كافة الأصعدة.
رابعاً: حضور حركات المقاومة الميداني بقوة ودعمها من الشارع الفلسطيني والشارع العربي والإسلامي بالرغم من المحاولات المتعددة لإضعاف هذه الحركات وإقصائها، وهذا يلاحظه المراقب من الحروب الثلاثة الأخيرة وحالة القوة والعنفوان التي ظهرت فيها حركات المقاومة.
خامساً: فشل سياسة العدو الصهيوني في إخماد نار الثورة ولهيبها بالرغم من كل محاولاته بالاعتقال والاغتيال وهدم المنازل وترهيب الناس لصرفهم عن تأييد المقاومة.
سادساً: وحدة الشعب الفلسطيني حول مشروع المقاومة فيما عرف بوحدة الساحات وتجلى ذلك في معركة سيف القدس عام 2021م عندما هب أهل القدس وغزة والضفة والـ 48 في معركة واحدة دفاعاً عن الأقصى والمقدسات.
إن كل ذلك يجعلنا أمام مرحلة جديدة من مراحل النضال الفلسطيني وإننا نلاحظ بداية العد العكسي لتحرير فلسطين يتقدم المقاومة ليكون في أحسن حالاته ولكن التحديات لا زالت قائمة وهذا يستدعي من الأمة وكل القوى الخيرة – وهم المعول عليهم في مشروع التحرير – زيادة دعمهم للمقاومة بكل الوسائل الممكنة حتى تتشرف الأمة جميعها بالمساهمة في التحرير وتقر أعينها بالصلاة في الأقصى وهو حر عزيز، (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا) سورة الإسراء (51).
* القائم بأعمال ممثل حركة حماس في اليمن