القطن من المحاصيل الاستراتيجية الهامة لتوفير المادة الخام لمصانع الغزل والنسيج
احتلت المرتبة 58 عالميا بإنتاجية 5٫700 طن سنويا: اليمن تمتاز بزراعة صنفين من القطن هما متوسط التيلة وطويل التيلة
يساهم محصول القطن بقوة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية كمحصول نقدي رئيسي
الألياف القطنية ذات قابلية للتحلل، مما يجعلها اختيارًا ممتازًا كألياف صديقة للبيئة
الثورة/ يحيى الربيعي
عقدت وحدة تمويل المشاريع والمبادرات الزراعية والسمكية بمحافظة الحديدة، ورشتي تقييم وتطوير سلسلة القيمة للقطن والتمور.
وفي الورشة، التي أقيمت استجابة لموجهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وبرعاية السلطة المحلية بمحافظة الحديدة، وبالشراكة مع وزارة الزراعة والري والاتحاد التعاوني الزراعي، ومؤسسة بنيان التنموية واللجنة الزراعية والسمكية العليا، وبالتعاون مع الهيئة العامة لتطوير تهامة والهيئة العامة للبحوث الزراعية، استعرض كوكبة من الباحثين والمختصين والمرشدين في الجانب الحكومي والجمعيات التعاونية وكبار مزارعي القطن والتمور ورقة عمل مقدمة من المهندس محمد علي المقطري أحد باحثي محطة أبحاث تهامة.
الورقة، بدأت بمقدمة احتوت على نبذة عن زراعة محصول القطن في العالم وفي اليمن، أوضحت فيها أن الناتج العالمي من المحصول بلغ 26,172,678 طنًا من القطن سنويًا، وتعد الهند أكبر منتج للقطن في العالم، بحجم إنتاج يصل إلى 6,188,000 طن سنويًا، تليها الصين في المرتبة الثانية بإنتاج سنوي 6,117,318 طناً، وتحتل مصر المرتبة الثامنة عشر بإنتاج 113,000 طن سنويا، فيما تحتل السودان المرتبة الحادية والعشرين بإنتاج سنوي 95,000 طن سنويا، وتقبع سوريا في المرتبة الثامنة والعشرون عالميا بإنتاج 55,800 طن سنويا، وكانت المرتبة الثانية والخمسون من نصيب اليمن بإنتاج 5,700 طن سنويا.
وأشارت إلى أن الجمهورية اليمنية تعتبر من الأقطار المنتجة لمحصول القطن حيث يتميز اليمن بزراعة صنفين من القطن هما متوسط، التيلة وطويل التيلة، ودخلت زراعة القطن اليمن عام 1946 بالمحافظات الجنوبية والشرقية من الجمهورية اليمنية وتنتشر زراعة القطن في محافظة الحديدة وتشكل المساحة الأكبر المزروعة بالقطن متوسط التيلة، كما يزرع في محافظة لحج ويزرع القطن طويل التيلة في محافظة أبين.
وأضافت «ويعتبر القطن من المحاصيل الصناعية والاستراتيجية الهامة لبلادنا كونه يتمثل في توفير المادة الخام لمصانع الغزل والنسيج، وكذا توفير العملة الصعبة التي تسهم في انتعاش الاقتصاد الوطني من خلال تصدير قطن/ الشعر الى الخارج، والى جانب الإنتاج الصناعي بالإضافة إلى إسهاماته في تشغيل الآلاف العديدة من مختلف فئات السكان تبدأ من مزارعي المحصول ومروراً بالفئات المشاركة في مختلف القطاعات المتفرعة، وقام عليه العديد من الصناعات».
الأهمية الاقتصادية
وتناولت الباحث في الورقة، الأهمية الاقتصادية لمحصول القطن، مؤكدا أن القطن يعد من المحاصيل غير الغذائية الأكثر ربحًا في العالم، ويوفر إنتاجه دخلاً لأكثر من 250 ٪ مليون شخص في جميع أنحاء العالم ويعمل بها ما يقرب من 7 ٪ من إجمالي العمالة في البلدان النامية، ويساهم بقوة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية كمحصول نقدي رئيسي، إذ يساعد في توفير الوظائف وكذلك الخدمات الاجتماعية، مثل المدارس الابتدائية وعيادات في العديد من المناطق الفقيرة.
وأشار إلى أن القطن يدخل في مجلات صناعية عديدة، حيث تستعمل الألياف في صناعة الغزل والنسيج وتمتاز الياف القطن عن الألياف الأخرى بالمتانة والنعومة والمرونة ولذلك تصنع منه أجود أنواع الأقمشة، في صناعة القطن الطبي والمفرقعات والمفروشات. أما الزغب المزال من سطح البذرة في معامل الزوت النباتية يستعمل في صناعة السجاد الرخيص والورق والمفرقعات والمفروشات، ويستخرج الزيت من البذور وتكون نسبته 18 – 26 % ويستعمل كزيت نباتي وكذا يستخدم في صناعة الصابون، وتستخدم الكسبة كعلف للأبقار بعد خلطها بمواد علف أخرى وتحتوي بذور القطن على نسبة عالية من البروتين 32-36 %، وتستخدم النباتات كمراعي لتغذية الحيوانات على الأوراق.
الفوائد الطبية
وبيَّن أن القطن يحتوي على عدد من الخصائص التي تجعله مناسبًا تمامًا لاستخدامات الرعاية الصحية، حيث يمتاز بكونه ناعم الملمس ولديه قدرة عالية على الامتصاص، بالإضافة إلى كونه مضاد للحساسية، ويستجيب جيدًا لجميع طرق التعقيم الرئيسية الثلاثة (البخار، وأكسيد الإيثيلين، وأشعة جاما)، هذه المميزات التي يتمتع بها القطن جعلت منه خياراً مناسباً للاستخدامات الطبية المتعددة، حيث يُستخدم القطن الماص في الضمادات الجراحية ولأغراض التجميل، ويُعرف أيضًا باسم القطن الجراحي أو الصوف القطني، ويستخدم بشكل أساسي للأغراض الطبية في المستشفيات والمستوصفات ودور رعاية المسنين لامتصاص سوائل الجسم، كما يستخدم في صناعة النوع التقليدي من حفاظات الأطفال والفوط الصحية.
الفوائد البيئية
وأكدت الورقة أن القطن هو أكبر الألياف الطبيعية التي تزود الطلب العالمي على منتجات المنسوجات، وتُعد الألياف القطنية ذات مصدر مستدام ومتجدد وهي قابلة للتحلل، مما يجعلها اختيارًا ممتازًا كألياف صديقة للبيئة طوال دورة حياة المنتج بالكامل، بينما تتشكل البدائل الرئيسية للقطن من ألياف كيماوية غير متجددة، والتي تعتمد بالمجمل على البترول والمشتقات النفطية الأخرى، مما يعني أن الألياف الكيماوية البديلة للقطن تأتي من موارد غير متجددة، ومن الجدير بالذكر أن استكشافات التكنولوجيا الجديدة من أصناف مقاومة للحشرات والجفاف ساهمت في تقليل احتياجات القطن إلى مبيدات الآفات والمياه، مما قلل من نسب تلوث الأراضي وهدر المياه، بالإضافة إلى أن الممارسات المتبعة عند زراعة القطن من حراثة محافظة؛ أدت إلى تقليل التعرية والجريان السطحي للتربة.
وأشارت الورقة إلى أن المساحة المزروعة بمحصول القطن في الجمهورية اليمنية بلغت في العام 2021م، إلى (5,226) هكتاراً بإنتاجية قدرت بـ (5,252) طنا، زرعت الحديدة حتى ذات العام 1.760 هتكارا بإنتاجية بلغت 2.000 طن، فيما زرعت لحج 985 هكتارا، بإنتاجية 987 طنا، وقدرت المساحة المزرعة في أبين بـ 2.352 هكتارا، بإنتاجية 2,129طنأ، وأخيرا حجة بمساحة 92 هكتارا، وإنتاجية 96 طنا.
وأضافت «تزرع في اليمن أصناف القطن في دلتا أحور، ودلتا أبين بمحافظة ابين الصنف المزروع حالياً صنف معلم 2000 طويل التيلة، وفي دلتا تبن بمحافظة لحج وفي سهل تهامة بمحافظة الحديدة الصنف المزروع حالياً صنف أكالا إس جي 2.. تجود زراعة القطن في الأراضي الطينية والصفراء الطميّة الخالية من الأملاح والحشائش».
وشرحت بالتفصيل العمليات الزراعية بدءا من تحديد كميات المدخلات ونوعها والجودة المطلوبة لزراعة القطن في اليمن، ومواعيد الزراعة، ومعاملة وتعقيم البذور، و كمية البذور (التقاوي اللازمة) التي يحتاج إليها الفدان الواحد من بذور القطن طويل التيلة والمتوسط التيلة في دلتا تبن، وفي سهل تهامة، وكيفية تجهيز الأرض وإعدادها للزراعة، ومعاملة الأراضي المعتمدة على الري بمياه السيول، والأراضي المعتمدة على الري بمياه الآبار، والمسافات الزراعية المناسبة لزراعة، وكيفية خدمة المحصول بعد الزراعة، ومقاومة الآفات، والري وأخيرا الجني والتعبئ وحطب القطن بعد الجنبي.
واستعرضت الورقة اسهامات البحوث الزراعية تهامة في مجال تطوير محصول القطن، من إجراء لتجارب التطويع لإدخال العديد من الأصناف وأقلمتها تحت ظروف سهل تهامة في سبعينيات القرن الماضي، وإطلاق الصنف كوكر (310) من المحطة البحثية بتهامة، وفي السبعينات أدخلت أصنافاً من القطن تم اختبارها وإطلاق الصنف اكالا اس جي 2 والذي لايزال موصى به حتى يومنا هذه في محافظة الحديدة ولحج. كما استعرضت الأبحاث التي تم تنفيذها في المحطة والتي بلغت 22 بحثا ودراسة.
المعوقات
وسردت الورقة جملة من المعيقات التي تواجه زراعة محصول القطن في تهامة، لخصت في المردود الاقتصادي المتدني من زراعة محصول القطن، وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية (محروقات- مبيدات- أسمدة…. الخ)، وعدم توفر خدمات ما بعد الحصاد كالحلج والتسويق والتصنيع، ودخول محاصيل منافسة لها مردود اقتصادي أعلى من القطن، وعدم تبني خطط من قبل الجهات المختصة لتطوير والتوسع في زراعة القطن، وعدم المعرفة بالحزمة الكاملة من العمليات الزراعية المختلفة، وقد يعود كذلك إلى ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية من مدخلات وبذور وأسمدة… الخ، وعدم الاهتمام بالصناعات التكميلية للمحصول من غزل ونسج واستخلاص الزيوت وبالتالي انخفاض سعره، والآفات المرضية لمحصول القطن خاصة ديدان اللوز، ومحدودية الكادر الفني (بحثي -إرشادي) المدرب والعامل في هذا المجال، ضعف التنسيق بين الجهات ذات العلاقة (جمعيات – بحوث- إرشاد- الأكثار)، وعدم دخول القطاع الخاص بقوة في الاستثمار في مجال القطن، عدم وجود سياسات وعدم الاهتمام بسلاسل القيمة لمحصول القطن، بحيث يكون المنتج منافساً للمنتج الخارجي، محدودية البيئة المناسبة لزراعته حيث تقتصر على تهامة ولحج وأبين، محدودية استخدام الميكنة الزراعية في محصول القطن.
سبل التطوير
فيما أجملت سبل وإمكانيات تطوير وتوسيع زراعة محصول القطن في: العمل على دعم المدخلات الزراعية ذات الجودة العالية وضمان سهولة وصولها للمزارعين، وإيجاد السياسات المبنية على دراسات تضمن أيجاد سعر للمنتج منصف للمزارع ومنافس للمنتج الخارجي، وتوفير المحالج ومصانع الغزل والنسيج والصناعات المصاحبة للاستفادة من المحصول ولخلق فرص عمل بتوفر المعاصر ومصانع الأعلاف، وتبني الدولة لخطة تنموية لمحصول القطن للتوسع في إنتاجه وزراعته وتزويد المزارع بالأصناف عالية الإنتاج وإحياء الحرف المصاحبة لإنتاج القطن، وتفعيل دور الجهات ذات العلاقة في دعم المزارع وإرشاده وإيجاد آلية للتنسيق وتحديد الأدوار لهذه الجهات، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال وإيجاد فرص وتسهيلات للاستثمار بقوة في مجال القطن، وتكوين جمعيات لمنتجي محصول القطن، إنشاء إدارة خاصة تعنى بمحصول القطن وتقدم خدمات لمزارعيه، وإدخال الميكنة في حصاد ومعاملة محصول القطن والتشجيع عليه، فرز القطن حسب درجته وجودته وتحديد سعر لكل صنف.