الثورة / ابراهيم الوادعي
من المتوقع وصول الوفد السعودي خلال الأيام المقبلة إلى العاصمة صنعاء لاستكمال المشاورات المتصلة بتنفيذ بنود الملف الإنساني الذي تشترطه صنعاء حجر أساس لبناء السلام.
وقالت مصادر قريبة من طاولة المفاوضات إن الوفد السعودي قد يعود الأسبوع المقبل أو الذي يليه على ابعد تقدير لإكمال المشاورات التي احتضنتها العاصمة صنعاء برعاية عمانية، ونقل وجهة نظر القيادة السعودية حول مجمل الملفات التي جرى التوافق بشأنها .
وكان وصول المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ إلى العاصمة السعودية الرياض قد شكل حجر عثرة أمام استكمال مشاورات رمضان بين صنعاء والرياض في العاصمة صنعاء والتي كان مؤملا ان تنتهي بالاتفاق على مجمل الملفات الإنسانية بوساطة عمانية، حيث قفل الوفد السعودي عائدا الرياض قبيل استكمال المشاورات.
واستقبلت الولايات المتحدة بسلبية واضحة أنباء المشاورات اليمنية السعودية لإنهاء تسع سنوات من العدوان على اليمن تقوده السعودية برعاية أمريكية بريطانية .
وكان واضحا رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط حينما أكد خلال لقائه الممثل الأممي هانس غروندبرغ منتصف الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة وبريطانيا تقفان حجر عثرة أمام أي تقارب سعودي يمني لبناء السلام انطلاقا من مصلحتهما في بقاء الحرب، وقال رئيس حكومة الإنقاذ الوطني د عبدالعزيز بن حبتور ان واشنطن ولندن تريدان إبقاء الأزمة في اليمن حتى تستمر السعودية في ضخ مليارات الدولارات إلى شرايين الاقتصادين البريطاني والأمريكي اللذين يعانيان من أزمة اقتصادية شديدة وتضخم حاد.
زيارة المثل الأممي اعتبرتها صنعاء جس نبض من قبل الأمريكيين للوقوف إلى أين وصلت التفاهمات السعودية اليمنية، فيما يبدو واضحا وجود أزمة ثقة بين الحليفين التقليديين مرده الانقسام الأمريكي واعتماد بن سلمان على الجمهوريين واللوبي اليهودي تحديدا في دعم تطلعاته إلى العرش يقابل ذلك فجوة مع الطرف الديمقراطي داخل الولايات المتحدة الأمريكية ، ويمكن من خلال ذلك تفسير خفض الرياض أسعار النفط بما يعاكس رغبة الإدارة الأمريكية الديمقراطية في البيت الأبيض وإبرام معاهدات مع الصين وروسيا ، مع الإبقاء على الصفقات الضخمة مع الولايات المتحدة نتحدث عن صفقة بـ 37 مليار دولار لشراء مائتي طائرة لشركة طيران الرياض المقرر أن تفتتح أولى رحلاتها في 2025م.
وبالعودة إلى مشاورات رمضان فبحسب مصادر فإن طرفي الحرب صنعاء والرياض قطعا شوطا في التوافقات حول بنود الملف الإنساني وتبقى ملفات لم يحسمها الطرفان.
وقال المصدر إن الطرفين حسما البنود الرئيسية للملف الإنساني المتمثل في فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وهو ما تم فعلا بالنسبة إلى الأخير – ميناء الحديدة – وبشكل كبير ملف الرواتب، ويبقى ملفا التعويضات وجبر الاضرار بحاجة إلى جولة مناقشات يتوقع أن تستكمل في اللقاء المرتقب خلال الأسبوع القادم المتوقع وصول الوفد السعودي خلاله إلى صنعاء، ما لم تكن هناك عراقيل في طريق عودته إلى صنعاء من قبل الأمريكيين .
ومن بين الرسائل التي حملها الممثل الأممي إلى الأمريكيين والبريطانيين أن التصعيد متى ما عاد سيطالهما بشكل مباشر، ولندن وواشنطن بحسب نائب رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الفريق جلال الرويشان ترصدان تطور القوة العسكرية اليمنية ولا يمكنهما أبدا تجاهل رسالة وزير الدفاع محمد العاطفي من الساحل الغربي قبل الأخيرة .
وفيما يبدو يد مساعدة تمدها الحكومة في صنعاء والمجلس السياسي الأعلى لانزال الرياض عن سلم العدوان ، كانت الرسالة اليمنية واضحة بأن صنعاء على قدر من العزم لمواجهة بريطانيا وأمريكا ولا يمكنها أن تقبل ببقاء العدوان مصلحة للغير، وأيضا النظام السعودي معني بحسم خياراته في طريق السلام خلال جولة التفاوض المرتقبة خاصة وأن مجمل الملفات الأساسية قد حسمت للانتقال إلى وقف شامل لإطلاق النار ورفع الحصار عن اليمن ، بما يعنيه ذلك خروج القوات الأجنبية – أمريكية بريطانية سعودية إماراتية سودانية – من الأراضي اليمنية والتي جلبت تحت ستار ما يسمى” التحالف العربي “.
وقال الفريق الرويشان : من غير المنطقي ان تتحدث دول التحالف في الإقليم عن تعرضها لضغوط فيما الحديث لايزال مقتصرا على الملف الإنساني والذي هو حقوق للشعب اليمني كرفع الحصار عن الموانئ والمطارات وصرف الرواتب .
وقال : لاريب أن الراعي الأمريكي والبريطاني ينزعج من أي تقارب، وكان المؤمل من دول التحالف في الإقليم أن تعرف أن قرارها مسلوب أو بالأصح لا يجب أن يستلب .
على السعودية أيضا أن تدرك مصلحتها الحقيقية، مصلحتها لم تكن في شن العدوان على اليمن وبالتالي هي تقف في مفترق طرق، إما أن تظل أداة للهيمنة الأمريكية والبريطانية وإما أن تخرج من العدوان على اليمن.
خلال جولات التفاوض الماضية في مسقط وصنعاء جرى التوافق على الملفات الرئيسية للملف الإنساني ويجري حاليا حسم كل ملف على حدة، وذلك عكس ثبات صنعاء وقوة موقفها بأن تنفيس الملف الإنساني هو المدخل لبناء السلام ووقف العدوان ورفع الحصار .
وفي هذا السياق كان رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الدكتور عبدالعزيز بن حبتور واضحا لجهة أن تطبيق الاتفاقات في الملف الإنساني هي المدخل لبناء السلام واستقرار على مستوى المنطقة .
واعتبر أن عدم انتقال مجمل التوافقات حتى الآن إلى الصعيد العملي باستثناء ميناء الحديدة، يعد مؤشرا سلبيا وخاصة لجهة عدم صرف الرواتب وبقاء القيود على مطار صنعاء .
وقال بشكل اكثر وضوحاً: أي خلاف بين دول العدوان هو خلاف ثانوي، وإن حصل بعض التمايز والتناقض غير الأساسي فهو تناقض هامشي وليس تناقضاً رئيسياً ، وبالتالي أي اخلال بأي اتفاقات أو تفاهمات تم الاتفاق عليها سيعيد المواجهة إلى المربع الأول .
وأضاف : هناك أزمة اقتصادية لدى حلف الناتو لذلك تنشب هذه الخلافات لكنها خلافات لا تحيد عن الأهداف ومنها ضرب شعبنا منذ تسع سنوات، وإذا استمر هذا العدوان فليتوقعوا رد فعل قوياً وكأننا بدأنا المعركة من اليوم الأول للعدوان .
وبحسب تأكيدات أكثر من جهة مسؤولة في صنعاء فإن القيادة السياسية لا يمكنها أن تبقى رهينة التفاوض غير المسقوف بزمن فيما المعاناة الشعبية تتفاقم نتيجة تراكمات 9 سنوات من العدوان والحصار، وذلك ما تفهمه الرياض جيدا وحرصت القيادة اليمنية على أن يصل ذلك إلى كل الأطراف الدولية بوضوح عبر الرسائل التي حملها الممثل الأممي إلى مجلس الأمن .
ووسط ما يجري من تفاهمات تبين أن المنظمة الأممية في اليمن بعيدة عنها وفي ذلك إشارة إلى فشل المنظمة في اليمن والذي يضاف إلى سجل الفشل في بؤر توتر عالمية أخرى، وهو مدعاة إلى وجوب إعادة النظر في هيكلية المنظمة وآلية عملها لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها نصرة للمظلومين لا سيف بيد الظالمين.